ريف الحسكة.. إقبال يتزايد على بناء المنازل الطينية

دلسوز يوسف – الحسكة

على قارعة الطريق العام بالقرب من مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، ينهمك خالد العليات رفقة ابنه وشقيقه في صناعة قوالب الطين (الطوب) لبناء منزلٍ يؤويهم قبل حلول الشتاء.

وانتشرت بناء المنازل الطينية مؤخراً بالرغم من التطور العمراني في ريف الحسكة، نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء للمنازل الإسمنتية على وقع سوء الوضع المادي في بلد ينهشه الانهيار الاقتصادي بعد مضي 12 عاماً على الحرب فيه.

ضعف الإمكانيات

ويقول العليات وهو نازح من ريف مدينة سري كانيه (رأس العين) إلى قرية تل صخر شمال الحسكة أنه يضطر للعمل بالطين لضعف الإمكانيات المادية حتى يشيد منزلاً بالإسمنت، كون الطوب غير مكلف ويصنع كل شيء بنفسه.

ويضيف الأربعيني الذي يعامل كعامل مياومة، لنورث برس، بينما لطخ الطين أغلب أنحاء جسده: “سعر البلوكة الواحدة 5 آلاف ليرة فهي خارج قدرتي..، فكلنا نحب الرفاهية”.

وتمتاز المنازل الطينية بكونها باردة صيفاً ودافئة شتاءً، لتحملها الظروف المناخية بوجود الطين الذي يعتبر مادة عازلة.

ويقول العليات: “منازل الأسمنت بحاجة إلى مكيفات تبريد بينما البيوت الطينية مروحة عادية تفي بالغرض”.

وتمر صناعة المنازل الطينية بعدة مراحل، تبدأ بخلط التبن والتراب معاً وعجنه جيداً قبل صبه في قوالب جاهزة مسبقاً، وثم تركه ليجف تحت أشعة الشمس لعدة أيام حتى يصبح الطوب جاهزاً للبناء.

ويعود بناء منازل الطينية إلى موروث شعبي تناقل من جيل إلى آخر، لكنه تراجع كثيراً في العقد الأخير بالجزيرة السورية نتيجة التطور العمراني قبل أن يعود إلى الساحة مجدداً نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي.

وضمن الأرياف يتعاون أفراد العائلة الواحدة أو الجيران فيما بينهم على بناء منازل الطوب، مما يوفر مصاريف اليد العاملة في مشهد يبعث على التكاتف والتآلف بين السكان المحليين.

موادها متوفرة

وفي قريته تل فيضات بريف بلدة تل تمر، انهى ياسين الجاسم مع اثنين من أشقائه نصف أعمال البناء لتشيد منزلٍ جديد، بينما يصف قوالب من الطوب في بهو منزلهم تمهيداً لاستكمال البناء بعد جفافها.

ويقول الثلاثيني عن البيوت الطينية، لنورث برس: “الطين لا يحتاج أكثر من تعب الإنسان وموادها متوفرة مثل المياه والتراب وغيرها، وسنوياً نقوم بأعمال الترميم فقط”.

ويضيف: “الأمر الصعب هو التأخير في عملية البناء، فمثلاً منذ انتهاء موسم الحصاد لحتى الآن لم انتهي من نصف المنزل، ولا يزال العمل يتطلب شهراً آخر”.

بدوره يقول محمد مالك الذي انهى لتوه عملية البناء فيما يقوم العمال بصب أرضية غرفه بالإسمنت للحفاظ على نظافتها ومنع تسرب المياه إلى الداخل.

ويؤكد مالك، لنورث برس، أيضاً أن سبب لجوئه للمنزل الطيني إلى “الظروف المادية القاهرة، كوننا نركز على المعيشة أكثر لكن مضطرين للبحث عن السكن، والبيوت الطينية تكلفتها قليلة مقارنة مع البيوت الإسمنتية”.

ونتيجة انهيار قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، بات يقدر تكلفة بناء منزل إسمنتي مؤلف من غرفتين ومنافعها لا تقل عن 20 ألف دولار أميركي، بينما لا يتجاوز بناء منزل طيني تكلفة 500 دولار أميركي.

حيث يبلغ سعر البلوك الإسمنتي الواحد في المعامل المحلية ما بين 6 – 7 آلاف ليرة بينما يبلغ سعر كيس الإسمنت 93 ألف ليرة سورية، وفق مالك.

ويضيف: “نحفر الأرض لنجمع الأتربة ونخلطها مع التبن ونعمر بها المنزل، بمعنى لا تحتاج إلى مصاريف إلى جانب أنه لها أهميتها في الشتاء والصيف من حيث البرودة والدفء”.

تحرير: محمد القاضي