دلسوز يوسف – الحسكة
دفعت الظروف الاقتصادية الصعبة حسن محمد إلى خفض عدد رؤوس الأبقار التي يملكها من سبعة إلى ثلاثة بسبب ارتفاع تكاليف التربية وقلة الدعم بعدما كانت أهم مصدرٍ لدخله.
وعلى أطراف بلدة تل تمر شمالي الحسكة، يقول حسن بينما يرعى أبقاره من بقايا المحاصيل الزراعية بالقرب منه، إن “سوء المناخ وقلة المياه وارتفاع سعر الأعلاف أهم الصعوبات التي تواجه تربية الأبقار”.
ويضيف لنورث برس: “ينقص أعداد الرؤوس عام بعد آخر ولا توجد إمكانيات مادية لزيادة الاهتمام بها”.
صعوبات
يعاني قطاع الثروة الحيوانية عموماً، التي تؤمن مصدر دخل لشريحة واسعة من سكان الجزيرة السورية والتي تحتل المرتبة الثانية بعد الزراعة، من صعوبات جمة في السنوات الأخيرة جراء الجفاف وارتفاع التكاليف على وقع انهيار قيمة الليرة السورية.
وجراء هذه العوامل دفع الكثير من المربين في منطقة الحسكة، التخلي عن تربية الأبقار أو اضطر إلى تقليص العدد لديه لضعف الإمكانيات لديهم.
ويقول حسن: “يومياً اشتري خزان المياه بـ 25 ألف ليرة، بينما يستهلك كل رأس من البقر لديه قيمة 50 ألف ليرة ثمن العلف دون وجود وارد كافٍ من الحليب ومشتقاته لبيعه أو الاستفادة منه”.
وارتفع مؤخراً سعر كيلو الشعير إلى نحو ثلاثة آلاف ليرة في الأسواق المحلية، مما شكل عبئاً إضافياً على المربين وسط نقص بقايا المحاصيل الزراعية التي تغذي عليها المراعي المتأثرة بدورها بالظروف المناخية وقلة الدعم من الجهات المعنية.
ونتيجة هذه العوامل، يؤكد المربون أن القيمة الغذائية للعلف المقدم للأبقار غير كافية مما يؤثر على إنتاجها من الحليب ومشتقاته أو وزنها.
ويقول عبدالعزيز عبيد(42 عاماً)، مربي أبقار نازح من ريف سري كاني (رأس العين)، إنه سابقاً كان أربي نحو 8 بقرات وكان لدي خانات إلى جانب زراعة كاملة لغذاء البقر من الفصة وغيرها بالإضافة لتوفر المياه الصالحة للشرب.
ويضيف، لنورث برس: “لكن بعد نزوحنا لم تعد تتوفر جميع هذه الخدمات، الخضار لا توجد والأعلاف قليلة والمياه مرةّ وقليلة، وتقلص عدد بقراتي إلى اثنين فقط حالياً”.
ويشير عبيد إلى أنه تأثر بالعوامل الأخرى مثل ارتفاع درجات الحرارة وجودة اللقاحات التي غالباً تأتي من تركيا وأحياناً تكون سورية، والتي تؤثر على صحة البقر فنضطر في النهاية إلى بيعها.
تكاليف مرتفعة
يبين عبيد أن “الغذاء المتوفر حالياً هي خبز اليابس والنخالة في حين انه سابقاً كنا نعطي للبقر الفول والكبسول والقمح والشعير، لكن لسوء الوضع المادي نضطر على إطعامها بالخبز اليابس والنخالة وأحياناً لا تتوفر أيضاً، لذلك نضطر إلى إطعامها من بقايا المحاصيل”.
ويقول: “لا يوجد لدي الإمكانيات الكافية للاهتمام بالبقر، وأغلب الاحيان أبيع من رؤوس البقر التي أملكها لأستطيع إطعام البقية”.
ويرى عبيد أن لا يوجد دعم، فسعر كيلو القمح بـ5000 ليرة والشعير بـ4000 والنخالة بـ 2500 ليرة، مشيراً إلى أنه سجل بقراته لدى الثروة الحيوانية لكن لم يحصل على أي دعم حتى الآن.
وتقول مشيرة الناصر، نازحة من ريف مدينة سري كانيه إلى قرية تل نصري 1 كم شمالي تل تمر، إن سوء الوضع المعيشي وعدم توفر الأعلاف دفعتها لبيع اثنين من بقراتها لتبقى ثلاث من أصل خمسة رؤوس لديها.
وتضيف الناصر، لنورث برس: “كلفني شراء العلف للموسم الصيفي 6 ملايين ليرة سورية فيما لا تتواجد أراض زراعية لنقوم بتسريحهم وتعليفهم فيها”.
وتذكر أنه ” كل يومين أشتري خزان المياه بـ 25 ألفاً، كما اشتري الخبز اليابس كعلف بسعر ألفي ليرة وأحياناً أكثر للكيلو غرام الواحد بينما يصل سعر كيلو الشعير المخصص للعلف إلى 2500 ليرة”.
وتوضح السيدة الأربعينية بأنهم كعائلة نازحة تؤثر هذه الصعوبات والتكاليف عليهم الاهتمام بشكل جيد بأبقارهم.
وتتابع: “تربية الأبقار صعبة وبنفس الوقت لا نستطيع الاستغناء عنها لأننا بحاجة لهم، فهي تعتبر كرأس مال لنا”.
انخفاض الأعداد
وتشير أخر إحصائية لعدد الأبقار التي تعود لعام 2021 في مناطق شمال شرقي سوريا، إلى أكثر من 226 ألف رأس، فيما يؤكد المربون بأن العدد في انخفاض لعدم وجود دعم كافٍ من قبل هيئة الزراعة في الإدارة الذاتية.
ويقتصر دعم هيئة الزراعة على تقديم 50 كيلو غرام من النخالة كعلف لكل رأس من البقر سنوياً، وفق مسؤولين.
ويؤكد أحمد دهام، الرئيس المشارك لقسم الثروة الحيوانية في هيئة الزراعة والري لشمال وشرق سوريا، إن قطاع الثروة الحيوانية تأثر بسنوات الجفاف الأخيرة والتي تعتبر أحد ركائز الاقتصاد في مناطقهم.
ويشير دهام لنورث برس، إلى أنه يجري العمل حالياً على إجراء قاعدة بيانات جديدة للثروة الحيوانية يشمل جميع القطاعات لتحسين الدعم للمربين.
ويضيف: “هناك عدة مشاريع مستقبلية نعمل عليها كهيئة، من شأنها رفع مستوى الفائدة العائدة على المربين وتعافي قطاع الثروة الحيوانية”.