فضلاً عن رداءة البنزين بالحسكة.. طوابير من السيارات العمومية أمام محطات الوقود
سامر ياسين – الحسكة
يتبادل عمر خطّاب مع أصدقائه الذين يعملون ذات عمله عشرات الأحاديث أمام محطة وقود، في انتظار دور تعبئة مادة البنزين في إحدى محطات المحروقات في مدينة الحسكة، شمالي سوريا.
يتحدث خطّاب (44 عاماً) من مدينة الحسكة، صاحب سيارة عمومية تعمل بالأجرة (تكسي)، عن المعاناة التي يواجهها في سبيل الحصول على مخصصاته من مادة البنزين، ووقوفه لساعات في طوابير السيارات التي تشابه سيارته أمام محطات توزيع البنزين في المدينة.
وخصصت لجان المحروقات في مناطق الإدارة الذاتية كمية 75 لتر من مادة البنزين لكل سيارة أجرة (تكسي) يحصل عليها بشكل أسبوعي، في حين تشهد مدينة الحسكة أزمة خانقة للحصول على المادة، وقلتها أو انعدامها ببعض المحطات.
كمية قليلة وجودة سيئة
يشتكي خطّاب من اضطراره للوقوف على طابور الدور أمام محطات توزيع البنزين، منذ أسبوعين حتى الآن، حيث كان الأمر أفضل من ذلك قبل هذه الفترة، حسب قوله.
ويضيف في حديثه لنورث برس: منذ أكثر من ساعتين وأنا انتظر دوري لتعبئة مخصصاتي من البنزين أمام هذه المحطة، ومن المحتمل أن أبقى ساعتين أخريات هنا، والأسبوع الماضي بقيت من الساعة السابعة والنصف صباحاً حتى الثالثة مساءً حتى استطعت الحصول على مخصصاتي، وهناك سيارات بقيت حتى الساعة الخامسة ولم تحصل على مخصصاتها.
ويذكر: “عداك عن الجودة السيئة لمادة البنزين وبالأخص القادمة من منطقة الشدادي، تكون جودتها كالمازوت ولا تصلح لمحرك السيارات، وهذا الشيء يؤثر بشكل كبير على السيارة وعلى المصروف الخاصة بها من أعطال وما شابه”.
ويقول بأن كمية البنزين المخصص لكل سيارة لا يكفي بشكل أسبوعي وبالأخص إذا كان هناك حركة عمل داخل المدينة، فعندها الكمية لا تكفي ليومين فقط، وخاصة أنه يجب علينا التحرك بشكل مستمر في المدينة لكي نعمل، فموضوع استمرار هذه الأزمة سيؤثر بشكل كبير على لقمة العيش اليومية، حسب تعبيره.
يوم كامل في المحطة
يشتكي عبد الوهاب فرج (65 عام)، أيضاً كسابقه، يعمل على سيارته في المدينة، من طول ساعات الانتظار أمام محطات الوقود في سبيل الحصول على مخصصاته من مادة البنزين.
يقول فرج، لنورث برس، إنه ينتظر أكثر من 5 ساعات بشكل أسبوعي في طابور الدور أمام محطات الوقود للحصول على مخصصاته، مما يؤثر بشكل كبير على الدخل اليومي له ولعائلته، التي لا تملك أي مردود مادي سوى هذه السيارة.
ويضيف: “بدلاً أن أقف هذه الساعات على الدور بشكل أسبوعي، يجب أن أعمل على سيارتي لكي أستطيع إطعام عائلتي، ففي اليوم الذي أعمل به أستطيع تقديم المصروف للمنزل ولكن عندما لا أعمل لا أملك أي مردود آخر يعوضني عن عملي على سيارتي”.
ويشتكي الستيني من توفر مادة البنزين بكثرة في السوق الحرة (السوداء)، والتي تباع على أطراف الطرقات بشكل مستمر، وبسعر باهظ يتجاوز 8 آلاف ليرة سورية، فيتساءل “كيف يتوفر هذا البنزين وبكثرة في السوق السوداء؟”.
الكمية لا توزع على عدة محطّات
ويرجع عمار العرجا، وهو أيضاً يعمل على سيارته الأجرة في المدينة، السبب لتشّكل الأزمات أمام محطات الوقود، إلى منح كامل كمية البنزين المخصص للمدينة لمحطة واحدة أو محطتين، مما سيجمع أكثر من 100 سيارة على طابور الدور أمامها.
ويقول العرجا، لنورث برس: “نعاني كثيراً من الوقوف لأكثر من 7 ساعات على دور الحصول على مخصصاتنا من البنزين، وخاصة أننا نجتمع أكثر من 100 سيارة على محطة واحدة ومضخة واحدة تعمل بها، فمنح كل سيارة مخصصاتها أي 75 لتر، كم سيستغرق من الوقت ليستلم الجميع مخصصاته؟”.
ويضيف: “في بعض الأحيان نضطر للنوم أمام المحطة قبل التوزيع بيوم، لنستطيع أن نحصل على مخصصاتنا في وقت مبكر من اليوم التالي، كي نبدأ بعملنا الذي لا نملك سواه، وهو المردود الوحيد لنا ولعوائلنا”.
ويطالب العرجا، لجنة المحروقات والجهات المعنية بوضع حل لهذه الأزمة التي تشكلت منذ حوالي الأسبوعين، عن طريق توزيع الكمية المخصصة للمدينة على أكثر من محطة بنفس اليوم، كما كانت عليه سابقاً، تجنباً لتشكل الأزمة أمام محطة وقود واحدة التي توزع مادة البنزين المخصص للنقل، حسب تعبيره.
آليات بدائية ومخصصات قليلة
بدوره يرجع مسؤول في لجنة محروقات الحسكة السبب لتشكّل هذه الأزمات لعدة أسباب أبرزها خروج عدة منشآت نفطية عن الخدمة إثر القصف التركي لها مطلع العام الجاري، إلى جانب اضطرار استخدامهم لآليات بدائية لتكرير النفط وتحويله لوقود، إضافة لعدم توفر كمية كافية في الآونة الأخيرة للتوزيع على كافة المحطات لتخفيف الأزمة.
وصرّح آلان أحمد، الرئيس المشارك للجنة المحروقات في الحسكة، لنورث برس، أن مدينة الحسكة تحوي عدد كبير من التكاسي، إلى جانب السيارات الخاصة التي تعمل بمادة البنزين، والسيارات العمومية الأخرى من الحجم الصغير.
ويضيف أن كمية المادة التي يطلبونها للمدينة تأتي بكمية أقل من ذلك، وخاصة بعد الضربات التركية التي استهدفت منشآت النفط ومنشآت انتاج المحروقات، مما أثر بشكل كبير على إنتاج هذه المواد.
ويذكر أن “كمية البنزين المخصصة لمدينة الحسكة بشكل يومي لا تكفي عدد المحطات الخاصة بتوزيع هذه المادة، والتي يبلغ عددها 6 محطات من أصل 24 محطة في المدينة، ونحن بحسب كمية المادة المخصصة لنا نقوم بتقسيمها على هذه المحطات، مما يساهم في تشكّل أزمة أمام المحطات التي تقوم بتوزيع المادة”.
ويبين: “مادة البنزين تأتينا من مصدرين، الأول مدينة الشدادي والثاني مدينة ديرك، وكل منطقة ترسل إلينا مادة البنزين حسب الكمية المتوفرة لديها، والتي تتناسب مع الكمية العامة التي نقوم نحن بطلبها، وهذا الشيء أيضاً يساعد في تشكل أزمة في مادة البنزين، حيث أن المادة القادمة من كلا المصدرين لا تلبي احتياجات المدينة”.