مقارنة بين سياسات ترامب وهاريس.. كيف ستؤثر الانتخابات الرئاسية الأميركية على سوريا؟

زانا العلي – الرقة

في ظل الأوضاع الإقليمية المتوترة والتحولات السياسية المتسارعة، تبقى سوريا نقطة محورية في الصراعات الدولية، ما يجعلها محل اهتمام دائم من قبل القوى العالمية. ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، تتضح الفوارق بين سياسات المرشحين الرئيسيين، دونالد ترامب وكمالا هاريس، تجاه الملف السوري، وهو ما يعكس تبايناً واضحاً في استراتيجياتهم الخارجية.

يهدف هذا التقرير إلى تقديم نظرة شاملة على مواقف ترامب وهاريس من الأزمة السورية، مع الاستعانة بآراء عدد من السياسيين السوريين والخبراء لتحليل هذه السياسات وتبعاتها.

سوريا أقل شأناً

أيمن عبد النور، سياسي سوري مقيم في واشنطن، يؤكد أن الملف السوري لا يمثل أولوية كبرى في السياسات الأمريكية سواء لدى الحزب الديمقراطي أو الجمهوري.

ويشير إلى أن سوريا تُعتبر “قضية صغيرة” بالمقارنة مع الأزمات الدولية الأخرى، وبالتالي لا تحظى بتخصيص موارد أو سياسات واضحة ومستقلة.

ويعبر عن أسفه لتراجع الاهتمام الأمريكي بالوضع في سوريا، ويعتبر أن السياسة الأمريكية تُبنى بشكل أكبر على مواقفها تجاه القوى الإقليمية المتداخلة في الشأن السوري.

ويرى عبد النور أن هاريس وترامب يتفقان في دعم إسرائيل ومعارضة أي تهديد لأمنها، بينما تظل تصريحات الديمقراطيين حول دعمهم للقضية الفلسطينية مجردة من الفعل العملي.

 كما يشير إلى أن الديمقراطيين يميلون لدعم إيران والعودة إلى اتفاق نووي مشابه لعام 2015، مما قد يزيد من نفوذ طهران في المنطقة، بما في ذلك سوريا.

ويستشهد برؤية محللين سياسيين يعتبرون أن إيران تسيطر بشكل غير مباشر على أربع عواصم عربية، عبر وكلائها في دمشق، بغداد، بيروت، وصنعاء.

وعلى الجانب الآخر، يعتبر عبد النور أن ترامب ينوي فرض حصار اقتصادي صارم على إيران، لمنعها من تصدير النفط، مما سيقلل من قدرتها على تقديم الدعم للنظام السوري.

السياسة الأمريكية بين الهيمنة والمصالح

من جانبه يرى السياسي السوري حسام علوش، المقيم في دمشق، أن السياسة الأمريكية، بغض النظر عمن يقود البيت الأبيض، “تعمل ضد مصالح الشعوب وتسعى لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب الآخرين”.

 ويعتبر أن التدخل الأمريكي يسعى إلى استغلال الموارد والسيطرة على الأوضاع العالمية لضمان استمرار هيمنتها.

ويرى السياسي أن العالم يشهد تحولات قد تؤدي إلى تراجع الهيمنة الأمريكية، مشدداً على أهمية أن تركز الولايات المتحدة على شؤونها الداخلية بدلاً من التدخل في شؤون الدول الأخرى.

ويؤكد أن التعويل على تغييرات جذرية في السياسة الأمريكية تجاه سوريا ليس واقعياً. ، حيث يعتقد أنهم “أعداء الشعوب، ويشدد على أهمية خروج الأمريكيين والأتراك من سوريا”.

ويقول: “لست ضد الشعب الأمريكي، بل يرى أن على حكومته أن تهتم ببنيانها الداخلي الاقتصادي والأمني والاجتماعي، وتترك العالم ليحل مشكلاته بيديه”.

التوجهات المتباينة لترامب وهاريس

رهف الدغلي، أستاذة العلوم السياسية بجامعة لانكستر، ترى أن سياسات ترامب تعكس استمرارية مواقفه السابقة، حيث يفضل تقليص التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط، معتبراً أن الولايات المتحدة ليست مضطرة لأن تكون “شرطي العالم”.

 وسبق لترامب الإعلان عن سحب القوات الأمريكية من سوريا في عام 2018 بعد إعلانه هزيمة تنظيم داعش، وهي خطوة أثارت انتقادات واسعة بسبب الفراغ الأمني الذي نتج عنها، ما أتاح فرصة لعودة التنظيم وزيادة النفوذ الروسي والإيراني.

ترامب يدافع عن استراتيجيته باعتبارها نجحت في تحقيق الأهداف الأمريكية دون التورط في نزاعات طويلة الأمد، على الرغم من الاتهامات بأنها تسببت في زعزعة استقرار المنطقة وخيانة الكرد، الشركاء الأساسيين في الحرب ضد داعش. وفقاً لـ الدغلي.

وتقول كبيرة محرري جورنال  Cogent Social Sciences: “بينما كمالا هاريس تركز بشكل عام على نهج دبلوماسي أكثر في السياسة الخارجية، بما في ذلك القضايا المتعلقة بسوريا، على عكس موقف ترامب الأكثر عدوانية”.

وتضيف:  “يتضمن موقفها الالتزام بالتعددية والعمل مع الحلفاء لمعالجة النزاعات في الشرق الأوسط. وقد انتقدت هاريس الانسحاب المفاجئ للقوات الأميركية من سوريا خلال إدارة ترامب”.

 ويشير إلى المخاطر التي يشكلها ذلك على استقرار المنطقة وخيانة الحلفاء الكرد الذين قاتلوا ضد تنظيم “داعش”.

وتقول إن في حملتها لعام 2024، من المتوقع أن تركز هاريس على إعادة بناء التحالفات واستخدام القنوات الدبلوماسية لحل النزاعات، بما في ذلك في سوريا. وتدعو إلى نهج أكثر حذراً واستراتيجية، بهدف تجنب العواقب غير المقصودة للانسحابات العسكرية المفاجئة.

ومن المحتمل أن تركز سياسة هاريس الخارجية على حقوق الإنسان وحماية الفئات الضعيفة، إلى جانب جهود مكافحة الإرهاب. وفقا لأستاذة العلوم السياسية.

وتختم الأستاذة في العلوم السياسية حديثها بالقول: “على الرغم من التباين في السياسة الخارجية في الخطاب العام لكلا المرشحين، لا أعتقد بأن وصول أحدهما للحكم سيُحدث تغييرًا جذريًا في الوضع القائم في سوريا. لا يتعلق الحل في سوريا بهيمنة قرار دولة واحدة، بل بمصالح وأمن عدة دول (المجاورة أو الإقليمية والدولية المتدخلة في الحرب السورية)”.

تحرير: تيسير محمد