استنشاق الشعلة.. ظاهرةٌ تتفاقم بين الأطفال في اللاذقية
صفاء سليمان – نورث برس
على قارعة الطريق وخلف حاويات القمامة وفي أقبية المباني المهجورة أطفال بعمر الزهور من مدينة اللاذقية يستنشقون مادة الشعلة كجرعة من السعادة المفقودة وهرباً من واقع ذويهم المرير غير مدركين خطورتها على عقولهم وأجسادهم النحيلة.
وفي أحد الأبنية المهجورة تشاهد الطفل “جبل” (ثلاثة أعوام) يحمل كيساً مملوءً بالشعلة يستنشقها بأنفاسه المتعبة على مرأى من والديه اللذين حاولوا قدر استطاعتهم منع أولادهم من هذا التعاطي.
أعمارهم بضع سنوات يتعاطون الشعلة
يقول جبل بعفوية طفولية، لنورث برس: “أنا بشرب شعلة بطير”، وعند سؤاله إن كانت هذه الشعلة تسبب له ألماً في البطن ودوخةً، يهزُّ برأسه، ويقول “أي”، وتمنّع عن الإجابة عند سؤاله عن سبب شمه للشعلة.
أما عن أخية الأكبر محمد فكان خاملاً غير متزن وشرح، لنورث برس، عن شعوره أثناء استنشاقه لمادة الشعلة، قائلاً: “أيام بكون مبسوط وقت أشرب الشعلة بحس الدنيا هيك عم تهز”.
ويضيف: “لما بطلع بحس البنايات عم بتهز كل ما بتطلع لفوق بحس البنايات عم تهز بحس حالي متكركب”.
ويبين أن مَن علمه شم الشعلة هم أطفال أيضاً يعيشون في نفس المنطقة، وأن والده لا يسمح له بتعاطي هذه المادة ولكنه يحب أن يشربها ولا يستطيع بدونها فقد اعتاد عليها.
وعن موقف والد الطفلين عباس سعدو، حول تعاطي أولاده لمادة الشعلة، يقول لنورث برس: “أولادي منذ سنتين يتعاطون الشعلة وأدمنوا عليها وبالرغم من ممارستي جميع أنواع التعذيب إلا إنني لم أنجح عن ردعهم عن هذه العادة السيئة”.
ويضيف: يهربون من المنزل وينامون في الشوارع وعندما أبحث عنهم أجدهم في منتصف الليل متعاطين الشعلة مستلقين على الأرض لا قوة فيهم.
ويبين أنه عندما يقدم لهم مصروفاً يسارعون إلى شراء الشعلة “فهم سعداء بهذا على الرغم من إنذاري وتنبيهي لهم بأنها تسبب ضرراً على صحتهم.
ويذكر أن “هناك شبان زعران هم من قاموا بتعليم أولادي شم الشعلة وذلك عن طريق إغراءهم بالمال وبأنهم سيصبحون أقوياء وذوي عضلات في حال استنشاق هذه المادة”.
أما محشية ((أم علي) لديها طفل يدعى جمال يتعاطى الشعلة منذ ثلاثة أشهر، تقول لنورث برس: “ابني منذ ثلاثة شهور يقوم بشم شعلة وهو مريض ويتألم بسبب الشعلة”.
وتضيف بنبرة حزينة: “صرلو خمسة أيام ما عم ياكل عم طعميه بالزور ما عم ياكل عم يستفرغ واجريه عم يوجعوه وهو معو روماتيزم”.
ظاهرة منتشرة وتأثيرات سلبية
يقول الدكتور يوشع عمور أخصائي أمراض نفسية وعلاج الإدمان، لنورث برس: “هذه الظاهرة منتشرة عند الأطفال المتسولين والطبقات الفقيرة جداً ويقبلون عليها بسبب وجودها في المحلات ورخص ثمنها”.
ويضيف: “هذه المادة خطيرة جداً تمر عبر الحاجز الدماغي وتصل إلى الدماغ مباشرة”.
ويشير إلى أن مادة الشعلة “تعمل مشاكل بالجهاز التنفسي وتصل للحنجرة وللرئتين وللقصبات ومن ثم الدماغ المسؤول عن كل الجسم”.
ويشرح لنورث برس ما يشعر به الطفل أثناء التعاطي، قائلاً: “يشعر بالبداية بحالة من النشوة ومن السعادة ومن الطاقة بعد فترة قصيرة تزول هذه الأعراض وبعدها يصيبه خمول وتعب ومشاكل بالبصر والتهابات بالأعصاب ومن ثم يؤثر على المشي”.
أما عن المشاكل السلوكية، فيقول: “يحدث نوبات عصبية فيلجأ للعنف وللسرقة كما أنه قد يلجأ إلى طرق غير شرعية للحصول على المال كي يشتري هذه المادة، وإذا استمر في هذه الحالة فترة طويلة قد يؤدي به إلى الوفاة”.
ويبين عمور أن هذه حالات خطرة ومن المفروض وجود توعية كبيرة والحد من بيع هذه المادة أو حصرها بأماكن معينة.