قرار غير فعال وأزمة متفاقمة .. الإيجارات في مناطق الإدارة الذاتية

دلسوز يوسف – الحسكة

يعيش السبعيني حج طاهر محمد، وهو نازح من سري كانيه/رأس العين إلى الحسكة، في دوامة تغيير المنازل نتيجة رفع أصحابها للإيجارات بشكل دوري.

على الرغم من أن الحد الأدنى للإيجارات في الحسكة يصل إلى 50 دولارا أميركياً، يجد محمد نفسه عاجزاً عن دفعه بسبب دخله المحدود كعامل في إحدى المجالس المحلية التابعة للإدارة الذاتية. إذ لا يتجاوز راتبه (70 دولارا أميركياً).

ويقطن الرجل حالياً في منزل يتألف من غرفتين في إحدى أحياء الحسكة الشعبية، لقاء 200 ألف ليرة شهرياً، بعد الاتفاق شفهياً مع صاحب المنزل دون عقد نظامي.

ورغم اعتبار مبلغ الذي يدفعه النازح زهيداً مقارنة مع أسعار إيجار المنازل التي تصل وسطياً لـ 100 دولار أمريكي، إلا أنه يعتبر مخالفاً لقرار إيجارات المنازل في مناطق الإدارة الذاتية.

حبر على ورق

في شباط/فبراير 2021، أصدرت الإدارة الذاتية في الجزيرة قراراً بتحديد أسعار الآجار وتنظيم عملية التأجير، محددة أربعة أصناف من الإيجارات تتراوح بين 10 آلاف و150 ألف ليرة.

لكن بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات، لم يتم تعديل هذا القرار رغم انهيار قيمة الليرة السورية لنحو 15 ضعفاً. مما أدى إلى انتهاكات متزايدة للقرار، حيث يلجأ المستأجرون وأصحاب العقارات إلى إبرام عقود غير رسمية بمبالغ مضاعفة.

أحد المسؤولين في هيئة الإدارة المحلية في مقاطعة الجزيرة أشار إلى إمكانية تقديم شكاوى للكومين لتقييم المنازل وتوثيق الأسعار المناسبة.

ويتعرض المخالف لأحكام القرار لغرامة قدرها ضعف قيمة الإيجار، ومضاعفتها مرة ثانية في حال تكرارها بالإضافة إلى فسخ العقد المخالف.

لكن عملياً، هذا الإجراء ليس فعالاً، حيث يعاني المستأجرون من غياب الثقة في تقديم الشكاوى خوفا من التعرض للطرد أو الرفض من المؤجرين الآخرين.

ويوضح محمد أنهم لا يستطيعون  تقديم شكوى ضد المؤجر؛ “لأن ذلك سيضرنا ولن يرضى صاحب العقار تأجير بيته لنا، لذلك نحن مجبرين على دفع السعر الذي يريده أو نخرج من البيت”.

تحايل على القرار

يقول محمد الحسينو وهو مالك عقارات وصاحب مكتب عقاري في الحسكة، بأنهم يعانون من صعوبات في تطبيق قانون الآجار الصادر عن الإدارة الذاتية، “نحن ملزمون كمكتب عقاري أن نكتب على عقد الإيجار 150 ألفاً وهو قرار لا يضمن حقنا وحق الأطراف الأخرى”.

ويضيف: “عند صدور هذا القرار كان في عام 2021 وقد كان مناسباً وقتها ولكن الآن فهو غير مناسب أبداً، لذلك نطالب بإصدار قرار جديد بالتسعيرة ويكون شفافاً وذلك للحفاظ على حقوق الجميع”.

ويشير الحسينو، على أنهم حالياً يتحايلون على القرار كون سعر العقار في الوقت الحالي والذي يبلغ متوسطياً 25 ألف دولار أميركي، لا يتناسب مع التسعيرة القديمة التي أصدرتها الإدارة الذاتية.

ويقول: “نطالب بقرار جديد لنضع في العقد بكل وضوح وشفافية ويكون عقداً رسمياً (..) كون عقود العقارات اليوم أجارتها حبر على ورق”.

ويربط الحسينو غياب الشفافية في عقود الإيجار إلى تعريضهم للاستغلال التي يمكن خلالها المستأجر رفع دعوى قضائية ضدهم والزامهم بمدة العقد وفق المبلغ المذكور داخله والتي لا تضمن حقه كمالك للعقار.

عقوبات لم تنفذ

ووفق القانون الحالي، يغرم صاحب المكتب العقاري التي تقوم بمخالفة العقد بغرامة مالية إضافة إلى إغلاق المكتب بالشمع الأحمر لمدة زمنية معنية. إلا أن غياب الشفافية في عقود الإيجار، تشكل معضلة يخشى خلاله جميع الأطراف من عدم الضمانة لحقوقهم التي لا تحمي القانون بموجبها أحد.

ويقول مالك شيخو، نائب الرئاسة المشتركة لاتحاد المكاتب العقارية في مدينة الحسكة، بأنهم يسعون لتغير هذا القانون “لإنصاف الطرفين سواء المستأجر أو المالك”.

موضحاً أنه “في حال ورود أي شكوى نلزم الطرفين لتنفيذ بنود العقد بشكل كامل مع ضمانة للمستأجر والمالك بإبرام صك تنفيذي يلزم الطرفين لتنفيذ بنود العقد حرفياً من الناحية المالية والمدة”.

ويضيف: “لا يحق للمالك اخراج المستأجر تحت أي ظرف إلا في حال انتهت مدة العقد وإذا انتهت مدة العقد وتم التراضي بين الطرفين لتجديد العقد فأنه يتم تجديده وإذا لم يتم التراضي فأن المالك له الحق باستلام منزله كما سلمه”

من جانبه يتمنى مهند وهو مستأجر في الحسكة أن يعدل القرار بشكل يحافظ على حقوق الجميع، “بشرط أن يتم تطبيقه”.

ويشير لنورث برس ، عدم توجههم للشكاوي “لانعدام الثقة بالقانون الحالي”، قائلاً: “لا نستطيع التقدم بشكوى بسبب عدم وجود قانون يحمينا والموضوع بيد المؤجرين وأصحاب المكاتب العقارية”.

ويقول بلهجته العامية “نعيش حالياً بوضع كل من ايدو الو”.

تحرير: محمد حبش