إهمال حكومي للمواقع الأثرية.. إرث جبلة الحضاري مهدد للاندثار

صفاء سليمان – اللاذقية

كانت حلا، وهي شابة سورية مقيمة في الولايات المتحدة، متحمسة لزيارة بلدها الأصلي والتعرف على تراثها الحضاري، إلا إنها لم تنس صدمتها جراء ما شاهدته من إهمال وتدهور المواقع الأثرية خلال زيارتها لجبلة معبّرة عن حزنها،  متسائلة: “إذا ما اهتمينا بتراثنا السوري، بشو بدنا نهتم؟”.

وتعد مدينة جبلة واحدة من أبرز المدن التاريخية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، حيث يمتد إرثها الحضاري إلى عصر البرونز القديم الرابع (2400 – 2000 ق.م)، كما بينت المكتشفات في تل التويني الأثري.

وتشتهر المدينة بآثارها الفينيقية والرومانية والإسلامية القديمة، وخاصة المسرح الأثري أو مدرج جبلة الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الأول الميلادي. لكن، هذه المواقع الأثرية معرضة للاندثار بسبب إهمال الجهات الحكومية لها.

وفي جولة لنورث برس للمدرج الروماني في المدينة، تظهر رخاماً من المدرج المهدم تحيط به النفايات، وغياب تام لعمال النظافة، بالإضافة إلى أن جزءاً من المدرج يستخدم كدورة مياه.

وفي متحف المدرج الذي لا يزال قيد الإنشاء، تظهر قطعا أثرية تنتظر عرضها. أما قلعة بني قحطان الذي كان من الصعب التعرف عليه بسبب نمو الحشائش حول سور القلعة الباقي من الهيكلة الأصلي، لم يكن المشهد مختلفاً عن المواقع الأخرى.

يتحدث عبد الله زكريا، وهو مؤسس الجمعية العلمية التاريخية في سوريا، عن أهم المواقع الأثرية في جبلة، مشيراً  إلى قلعة المنيقة وقلعة بني قحطان والمسرح الروماني وبقايا آثار حمام هلنستي.

ويتساءل: “هل أخدت الجبلة حقها السياحي!” ويجيب بنفسه: “لا لم تأخذ حقها، بسبب الإهمال الحكومي لها”.

وألقى المدير باللوم على المكاتب السياحية التي لا تدرج جبلة ضمن جداولها، مشيراً إلى عدم وجود أي حركة سياحية في المدينة.

من جانبه، يشير الدكتور عز الدين علي، مدير قلعة صلاح الدين، إلى أن المواقع الأثرية جزء من تاريخ كل منطقة، وأن إهمالها يؤدي إلى فقدان هذا التاريخ الثمين.

ويوضح علي أن المواقع الأثرية في جبلة تعاني من تراكم الأتربة والحشائش، وضعف عملية الترميم، ونقص الأدلة السياحية. كما يشير إلى غياب الإعلام عن تسليط الضوء على هذه المواقع.

واختتم حديثه بالقول: “هناك الكثير من المواقع التي لم تشهد دراسة شاملة وما زالت تنتظر البعثات الأثرية لإعادة دراستها”.

تحرير: تيسير محمد