مبادرات التشجير في شمال شرقي سوريا.. إلى أين؟

القامشلي – نورث برس

شهدت مناطق شمال شرق سوريا في السنوات الأخيرة مبادرات عديدة للتشجير والمحافظة على البيئة، بمشاركة المنظمات المحلية والجمعيات والمؤسسات الرسمية، ومن أبرز هذه المبادرات، جمعية الجدائل الخضراء؛ التي تهدف إلى زراعة مئات الآلاف من الأشجار في المنطقة.

ومع ذلك يقول سكان وأصحاب هذه المبادرات إن هذه الجهود لم تحقق النجاح المطلوب ولم تصل إلى المستوى الذي كانوا يتطلعون إليه، مطالبين بتكثيف وتكاتف الجهود لتحقيق الأهداف.

جدائل خضراء

تأسست جمعية الجدائل الخضراء في عام 2020، بهدف مواجهة التدهور البيئي في شمال شرق سوريا، وتهدف الجمعية إلى زراعة مئات الآلاف من الأشجار وإعادة إحياء الغابات والمساحات الخضراء.

وزرعت الجمعية 170 ألف شتلة في مناطق متفرقة في شمال شرقي سوريا وذلك بعد مرور نحو 4 سنوات من تأسيسها، وفقاً لمسؤولين في جمعية الجدائل الخضراء.

يقول زيور شيخو، إداري في الجمعية، إن المبادرة تهدف إلى توفير الأغراس وزيادة الغطاء النباتي، حيث أن نسبة الخضار في منطقة شمال شرقي سوريا أقل من 1.5% من إجمالي المساحة، في حين أن المعايير البيئية العالمية تتطلب نسبة تتراوح بين 10% و18% .

ويوضح شيخو أن الجمعية لم تقتصر على إنتاج الأغراس، بل بدأت تهتم بالجوانب الأخرى للقضايا البيئية مثل التنوع البيولوجي والتغير المناخي، ونشر الثقافة البيئية وتدريب الكوادر.

ومن المشاريع الاستراتيجية للجمعية، التعاون مع هيئة التربية لتشكيل لجان بيئية في المدارس وتدريب المسؤولين والأطفال على كيفية إنتاج الأغراس والتعامل مع القضايا البيئية، بحسب شيخو.

أشجار لم تنبت

ورغم ما قدمته هذه المبادرات يرى السكان أنها لم تحقق أي نجاح أو تطور بسبب عدم متابعة الأشجار بعد زراعتها، إذ أنها تحتاج إلى الري بشكل دوري.

وحصلت نورث برس على احصائية لهيئة البلديات والبيئة تفيد بزراعة 20500 شجرة خلال العامين الفائتين.

ويقول أحمد ابراهيم، من سكان القامشلي، لنورث برس: “في الفترة الأخيرة سمعنا عن الكثير من حملات التشجير وهذا الموضوع صراحة مهم جداً وخاصة في الفترة الأخيرة، حيث ارتفاع أعداد المولدات والسيارات، ونحن بحاجة لذلك كثيراً لكن لا نرى النتيجة في المقابل أي أنه يقومون بزراعة الأشجار لكن الهدف لا يكتمل بسبب عدم الاهتمام بهذه الأشجار سواء من قبل الإدارة الذاتية أو من قبل السكان”.

ويضيف: “في السنوات الماضية زرعوا الأشجار على الشارع العام هنا، لكن خلال أيام تمت إزالتها من قبل البعض، ولم نرى أي اهتمام بها، والموضوع هنا غير متعلق بزراعة الأشجار إنما بالمرحلة التي تليها والاهتمام بها للوصول إلى نتائج ملموسة، حيث لم نرى أي نتائج حتى الآن”.

لا تغيير حقيقي

يعترف شيخو بأن الجمعية لم تحقق الهدف المنشود بسبب نقص الخبرة والمختصين في إنتاج الأغراس، واعتماد السياسات الزراعية التقليدية التي كانت تمارس قبل الأزمة في سوريا،

ويشير إلى أن التحديات الكبيرة التي تواجه المنطقة مثل الجفاف وقطع المياه من قبل تركيا، مما يزيد من صعوبة تحقيق الأهداف البيئية.

“مع الأسف بعد 3 سنوات مازلنا بعيدين جداً عن تحقيق هذا الهدف كوننا، حتى بعد بناء الإدارة الذاتية لم تتغير هذه السياسة كثيراً وبقيت الثقافة الزراعية في إطار تقليدي والآن هناك نوع من التغيير البطيء إن صح التعبير ولكنه لا يتسم بالتغيير المؤثر حتى الآن”. ينوه شيخو.

ويؤكد على أهمية تكثيف الجهود وخلق تغيير حقيقي في المنطقة، مشيراً إلى أن السكان المحليين باتوا يدركون حجم المشكلة البيئية المتدهورة، ولكنهم لا يرون سياسات واضحة وبرامج قوية لمعالجة هذا الواقع. “لذا، تحتاج المرحلة القادمة إلى تضافر الجهود والعمل المشترك لتوسيع نطاق التشجير وتحقيق نتائج ملموسة”.

ويقول: “مع الأسف حتى الآن لم ترتقي منظمات المجتمع المدني إلى هذا المستوى ولا حتى الخطوات التي خطتها الإدارة الذاتية فالكثير والكثير من القضايا البيئية باقية دون أي محاولة للعلاج”.

حلول مقترحة

من جانبها تقول عضو منظمة “وايت هوب” المحلية، وان شيخو، لنورث برس، إن جهود منظمات المجتمع المدني في زراعة الأشجار تواجه تحديات من ناحية توفير الرعاية اليومية للِأشجار المزروعة.

وتضيف: “كمنظمات المجتمع المدني قمنا بعدة مبادرات وحملات عن التشجير، وفي الفترة الأخيرة قدمنا 3 مبادرات عن التشجير ولكن بالنسبة للنتائج نتمنى من البلديات والسكان الحي أو المنطقة التي يتم فيها تنفيذ المبادرة للوصول إلى نتائج ملموسة”.

وتوضح: “كمنظمات لا يمكننا جلب صهاريج المياه بشكل يومي لنقوم برعاية الأشجار لذلك نتمنى من البلديات والسكان أن يقوموا برعاية الأشجار للوصول إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.”

وكجزء من حل مشكلة الرعاية اليومية للأشجار المزروعة يقول الإداري في جمعية الجدائل الخضراء، زيور شيخو، إن الجمعية اعتمدت ” توزيع الأغراس بأغلبيتها على المدارس وعلى المؤسسات التي تمتلك سور ونظام ري وتمتلك شخص يهتم بهذه الأشجار حتى نحافظ عليها، ومع ذلك مع الأسف هناك خسائر ليست بالقليلة”.

ويتابع قائلاً: “مع الأسف لا يمكننا حصر القضية البيئية في عدد الأشجار التي تمت زراعتها إنما في التصدي لمصادر التلوث والتدهور البيئية ومن هناك يبدأ حل المشكلة حيث لا يمكن زرع الأشجار في ظل هذا التدهور في مجال الهواء يعني العديد من القضايا تحتاج إلى وقف مصادر التلوث في البداية”.

تحرير: محمد حبش