الحسكة.. الجفاف والتغيّر المناخي يهددان الأشجار المثمرة
دلسوز يوسف – ريف الحسكة
يتحسر المزارع أحمد حسن، على وقع التغيّر المناخي وموجات الجفاف في السنوات الأخيرة، على أشجار الفاكهة في بستانه الذي أهلكه العطش على ضفاف نهر الخابور بريف الحسكة، شمال شرقي سوريا.
وقبل سنوات الحرب كانت الأشجار المثمرة تنتشر بكثرة بالقرب من نهر الخابور، حيث تزرع في بساتينها مختلف أصناف الفاكهة قبل أن تختفي المساحات الخضراء بشكل كبير نتيجة جفاف النهر بسبب حبس تركيا للمياه وارتفاع درجات الحرارة عام بعد عام.
وباتت هذه العوامل تؤثر سلباً على انخفاض المياه الجوفية للمنطقة، مما يجد المزارعون صعوبات في عمليات ري أشجارهم التي إما يبست جزئياً أو ماتت كلياً.
تقلص في المساحات
تخلى أحمد حسن (36 عاماً)، من قرية تل صخر شمال الحسكة، عن أرضه المزروعة بـ 4000 شجرة مثمرة مختلفة منها (العنب والتفاح والمشمش والشنشل والإجاص والخوخ والكرز والتين والرمان) ضمن مساحة 50 دونم وبات يهتم بنحو 100 شجرة فقط، بسبب الجفاف.
ويقول، لنورث برس: “نعاني من الجفاف بسبب انقطاع مياه نهر الخابور وانخفاض مستوى منسوب الآبار لشح الأمطار..، يبست أشجارنا وذبلت”.
ويضيف بنبرة يغلبها الحسرة “للأسف نقوم بالزراعة والاعتناء بأشجارنا ولكن في النهاية نراها أمام أعيننا تذبل وتموت بسبب الجفاف”.
إلى جانب الجفاف، يؤكد المزارعون بأن ارتفاع تكاليف الإنتاج أيضاً زادت من معاناتهم في السنوات الأخيرة، بسبب قلة الدعم المقدم لهم ولا سيما المحروقات.
ويشير حسن أنه يضطر إلى شراء برميل المازوت بمليون ليرة سورية (نحو 70 دولار أميركي) التي تكفي لمدة 5 أيام لسقاية ثلاثة دونمات، وفق قوله.
ويضيف: “الخسائر سنوياً غير متوقعة، سابقاً كنا نسوق محصول التفاح وكانت تدر لنا أرباح جيدة نتيجة توفر المياه والمحروقات، أما الآن الإنتاج ضعيف والتكاليف باهظة”، مبيناً: “الزراعة حالياً أصبحت خاسرة”.
تغير مناخي
وتنعكس مظاهر التغيّر المناخي من تصحر وقلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة على المحاصيل الزراعية التي تتراجع مساحاتها سنوياً، بحسب مراقبين.
وفي قرية تل صخر أيضاً، لا يختلف حال المزارع أحمد شمدين الذي يملك نحو ألف شجرة مثمرة عن سابقه كثيراً، حيث آثار الجفاف واضحة على أشجاره العطشة.
ويقول المزارع الشاب بين حقله بينما تتجاوز درجات الحرارة الـ 45 مئوية “يبست أشجاري بسبب الجفاف والحرارة المرتفعة، بات إنتاج محصولي لا يغطي تكاليف مصاريفه”.
ويشرح شمدين لنورث برس كيف كان نهر الخابور سابقاً يعدل المناخ ويؤمن المياه لبساتنه، قائلاً: “كنت أسقي 10 ساعات بتكلفة تصل نحو 500 ألف بينما حالياً تصل لمليون ليرة ولمدة ساعة واحدة يومياً”.
ويضيف: ” الإنتاج لم يعد يغطي حتى نصف التكاليف، كل 100 شجرة لم تعد تنتج 25 صندوقاً من الفاكهة بعدما كانت تنتج أضعاف ذلك”.
وعلى وقع التغيرات المناخية وغياب الاستراتيجيات لحل مشكلة البيئة وسط استمرار الصراع في سوريا، من المحتمل أن تتعرض المنطقة على المدى الطويل للجفاف التي تؤثر على انخفاض هطول الأمطار.
وهذه العوامل أدت بالفعل إلى انخفاض انتاج المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والشعير والأشجار المثمرة في الجزيرة السورية، ما تسبب في معاناة للسكان بمسألة الانعدام الغذائي والتي كانت أراضيها الخصبة تحقق الاكتفاء الذاتي للبلاد قبل الأزمة.
قلة في الانتاج
وفي قرية تل هرمز على ضفاف الخابور شمالي الحسكة، يتحسر رمضان محمد بدوره على أشجار يبلغ أعمارها نحو 40 سنة تحولت أغصانها وأوراقها إلى يابسة.
ويقول المزارع الثلاثيني، لنورث برس، بينما يقف أمام أشجار يابسة “آخر 10 سنوات أعمل في رعاية الأشجار ولكنها تموت أمام عيني بسبب قلة المياه والجفاف وتغير المناخ”.
ويضطر محمد إلى سقاية نحو 5 دونمات من أصل 200 دونماً مزروعة مختلف أصناف الفاكهة، كل ثلاثة أيام بالاعتماد على الآبار بعدما كان يسقيها كل 10 أيام سابقاً عندما كان نهر الخابور جارياً.
ويوضح وهو يشير بيديه إلى أشجاره العطشة “سنوياً نستغني عن 10 % من الأشجار بسبب الجفاف”.
وكانت تبلغ مساحة أشجار الفاكهة على امتداد نهر الخابور بريف الحسكة، نحو 15 ألف دونماً لكنها تقلصت إلى نحو 500 دونم فقط بسبب الجفاف، وفق محمد.
وبينما يتراجع إنتاج محصول الفاكهة سنوياً، يقول محمد “سابقاً من محصول العنب نجني من الدونم الواحد كنا نجني ما بين 100 إلى 150 صندوق، لكن الآن بسبب قلة السقاية يصل إنتاج الدونم الواحد إلى 10 صناديق فقط، فهو بذلك لا يغطي حتى ربع تكلفة الإنتاج”.