دير الزور .. صراع دولي بأسلحة محلية

زانا العلي – الرقة

تصدرت دير الزور المشهد السوري مجدداً بعد اختراق مسلحين موالين لطهران مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية أو المناطق الخاضعة للنفوذ الأميركي، في انعكاس للصراع الدولي على الأراضي السورية.

ووقعت الحادثة فجر السابع من آب/أغسطس الجاري، عندما تسلل مسلحون إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات، وتطورت إلى تشديد أمني في الحسكة والقامشلي ووساطة روسية.

التوقيت

يقول الكاتب السياسي شورش درويش لنورث برس، إن اختيار توقيت الهجوم يخضع لمسألتين متصلتين: الأولى تتمثل بمصالح إيران بالدرجة الأولى، إذ إن إيران التي أقامت تحالفات صلبة مع أوساط عشائرية على السرير الغربي لنهر الفرات، وتريد توجيه رسالة للولايات المتحدة بعد اغتيال اسماعيل هنية مفادها أن على واشنطن أن تخفف من سياسات بنيامين نتنياهو الهجومية التي طالت قلب طهران.

وبالتالي فإن “التحرشات الإيرانية” بقوات “قسد” وقوات التحالف تأتي ضمن سياق توجيه الرسائل الايرانية لواشنطن، بحسب درويش.

ويفصل نهر الفرات بين القوات الحكومية والفصائل الإيرانية في غربه، و”قسد” والتحالف الدولي الذي يستقر في قاعدتي العمر وكونيكو شرقه.

ويضيف درويش “المسألة الثانية مرتبطة برغبة دمشق في كسر حالة عدم المواجهة القائمة بينها وبين قسد، والتلويح بإمكانية التصعيد وجس نبض حلفائها وحتى خصومها فيما خص قدرتها على خوض حرب على مناطق الإدارة الذاتية”.

والأسبوع الفائت، قالت “قسد” إن القوات الحكومية ساعدت وأمنت التغطية المدفعية للمسلحين للعبور ما أدى لخسائر مادية وبشرية أكبرها عندما قصفت المدفعية أحياء سكنية في قريتي الدحلة وجديدة بكارة والتي أسفرت عن مقتل 11 شخصاً وإصابة آخرين.

تصعيد سياسي

وفيما يتعلق بالتصعيد السياسي غير المسبوق بين دمشق والإدارة الذاتية، يقول درويش: “من الطبيعي أن تبادر الإدارة الذاتية إلى إدانة الهجوم وتحميل دمشق المسؤولية. بدوره يشعر النظام بفائض قوة هذه الفترة نتيجة توقف التضييق الغربي عليه ونتيجة الانفتاح العربي ورغبة تركيا في إجراء التطبيع معه، هذه المسائل تُشعر دمشق بأنها قادرة على خلط الملفات مجدداً والعودة إلى لغة السلاح والتهديد”.

وتبحث أنقرة عن تطبيع العلاقات مع دمشق عبر وسطاء، فيما تقود روسيا الجهود الأكبر في تقريب وجهات النظر وتطبيع العلاقات بين تركيا وحكومة دمشق.

ومؤخراً، اشترط وزير الدفاع التركي يشار غولر محاربة “قسد” وحماية الحدود التركية الجنوبية للانسحاب من سوريا وهو الشرط الذي تضعه دمشق لعقد لقاء بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب أردوغان.

وعن إمكانية تصعيد عسكري بين دمشق و”قسد” يتوقع الكاتب ان يبقى مرشّحاً بشكل متقطّع لكنه لن يتحول إلى حرب مفتوحة، وفقاً لقوله.

ويوضح أن لا مصلحة للإدارة الذاتية بمواجهة تريدها أطراف خارجية مع دمشق، وليس للأخيرة مصلحة في خوض حرب استنزاف غير مجدية، وفي مطلق الأحوال هناك أطراف دولية لها وجهة نظر فيما يجري والحديث هنا عن طهران وواشنطن وموسكو المتواجدين بقوة في شرق وغرب الفرات وخاصة في نقطة التماس بدير الزور”.

صدام إقليمي

ويقول درويش: إن “الأقرب للتصور أن ما يحصل هو جزء من صدام إقليمي رغم أن أدواته الظاهرة هي سوريا تتمثل بالعشائر وتحويلها إلى سلاح ضغط على قسد والتحالف الدولي”.

وأمس الثلاثاء، استقبل القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الجنرال مظلوم عبدي، قائد القوات الروسية في سوريا، الفريق سيرغي كيسيل.

وعلمت نورث برس أن الجنرال مظلوم عبدي وافق على إنهاء التشديد الأمني في الحسكة والقامشلي.

بينما يعتقد فابريس بالانش، وهو أستاذ محاضر في جامعة ليون الفرنسية وخبير في شؤون الشرق الأوسط أن “التصعيد الأخير هو بداية الانتقام الإيراني لمقتل هنية وشكر”.

وقتلت إسرائيل القيادي البارز في حزب الله اللبناني فؤاد شكر رفقة مستشار إيراني الجنسية بغارة جوية في ضاحية بيروت الجنوبية في 30 تموز/يوليو الماضي.

ويقول بالانش إنه من المؤكد أن يظهر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من جديد في حال هزيمة “قسد”.

وعن صمت التحالف الدولي في دير الزور اعلامياً وعسكرياً يشير بالانش، إلى رغبة الولايات المتحدة في خفض التصعيد.

ويضيف أن المهمة الرسمية للتحالف الدولي تكمن في محاربة “داعش” في سوريا والعراق، ولكن نعلم أن السبب الأساسي لبقاء القوات الأميركية هنا هو لمواجهة إيران.

إعداد: زانا العلي – تحرير: هوشنك حسن