غياب الدعم يجبر نازحين بريف الحسكة على شراء الأدوية بأسعار مرتفعة

سامر ياسين – ريف الحسكة

في مخيم واشوكاني لنازحي سري كانيه بريف الحسكة، تخصص شيخة العبد يوم واحد من كل أسبوع لرحلة البحث عن الأدوية اللازمة لوالدتها، التي تعاني من أمراض السكري والقلب وأمراض أخرى في عينيها.

تبدأ العبد رحلتها من مستوصف الهلال الأحمر الكردي في المخيم، وصولاً إلى الصيدليات الخاصة داخل وخارج المخيم، إلى أن تستطيع جمع كامل أصناف الأدوية التي تستخدمها والدتها.

وترعى منظمة الهلال الأحمر الكردي إلى جانب منظمة أخرى غير حكومية، مخيم واشوكاني من الناحية الطبية والأدوية، وذلك بعد رفع منظمة الصحة العالمية يدها بشكل تام عن المخيم مطلع أيار/ مايو الماضي، بعد أن كانت تقدم بعض الخدمات الطبية وتجري عمليات بالمجان لسكان المخيم، وفق مسؤولة في المخيم.

ويقطن مخيم واشوكاني للاجئين، والذي أسسته الإدارة الذاتية أواخر تشرين الأول/أكتوبر عام 2019، 16.876 شخص موزعين على 2.377 عائلة، وهم نازحون من سري كانيه (رأس العين)، كانوا قد نزحوا من مدينتهم وقراهم إبان الاجتياح التركي للمدينة والسيطرة عليها أواخر عام 2019.

“نبيع المواد الإغاثية لجلب الأدوية”

وتشتكي شيخة العبد (36 عاماً)، وهي نازحة من ريف سري كانيه، من عدم توفر كامل أصناف الأدوية في صيدلية الهلال الأحمر الكردي اللازمة لمعالجة والدتها، والتي تعاني من عدة أمراض أهمها السكري والقلب، وتقول إنها تضطر لشراء أغلب الأدوية من الصيدليات الخارجية.

وتقول شيخة في حديثها لنورث برس: “تكاليف الأدوية باهظة جداً، ونحن أصلاً نازحون في هذا المخيم ووضعنا المادي متدن، فنضطر أغلب الأحيان لبيع المواد الإغاثية (المعونات) لجلب أدوية عوضاً عنها”.

وتضيف: “لو كانت الأدوية التي تحتاجها والدتي متوفرة دائماً في مستوصف المخيم لكنت أضفت تكاليف شرائها على مصروف البيت، فأحياناً اشتري ظرفين فقط من الدواء لوالدتي من صيدلية خارجية بأكثر من 100 ألف ليرة سورية”.

أدوية مهمة غير متوفرة

يتذمر عبد العزيز بكر (45 عاماً)، وهو نازح من ريف بلدة تل تمر، من عدم وجود أصناف أدوية يحتاجها الكثيرون في الصيدلية المجانية في مستوصف المخيم، كأدوية الضغط وأمراض القلب والسكري وأدوية مزمنة أخرى، حسب قوله.

ويقول، لنورث برس: “أدوية الزكام والإسعافات الأولية متوفرة بشكل دائم في صيدلية المستوصف ولكن أدوية الأمراض المزمنة التي تعرف بسعرها الباهظ والتي تحتاجها شريحة كبيرة من سكان المخيم، غير متوفرة بشكل مستمر”.

ويضيف بكر: “نلجأ لشراء هذه الأدوية من الصيدليات الخاصة المتواجدة في المخيم، وأحياناً لا تتوفر في هذه الصيدليات أيضاً فنضطر لشرائها من صيدليات خارج المخيم وبتكاليف باهظة جداً”.

ويشير من خلال حديثه بأن وضعهم المادي لا يسمح بشراء هكذا أصناف من الأدوية، بسبب سعرها المرتفع وتردي الوضع المادي لدى أغلب قاطني المخيم، الذين من الأساس اضطروا تحمّل أعباء العيش والحرارة والبرد داخل هذه الخيم، لقاء توفير المستلزمات والمواد الأساسية كالخبز والأدوية والماء بالمجان، حسب تعبيره.

ويطالب الجهات المعنية بتوفير كافة أصناف الأدوية في صيدلية المستوصف، لتخفيف الأعباء والمصاريف الزائدة على السكان، وخاصة في هذا الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به الجميع، وفق بكر.

قوائم خاصة بالمستوصف

من جهته، يقول ماجد عبد القادر، وهو قائد نقطة الهلال الأحمر الكردي في مخيم واشوكاني، بأنهم يعتمدون قائمة خاصة بأصناف الأدوية الواجب توفرها بشكل مستمر ودائم في النقاط الطبية داخل المخيمات، ولا يمكن تجاوز هذه القائمة إلّا في حال الطلب على نوع معين من الدواء، وبحيث يكون متوفر ضمن مستودعات الهلال الأحمر الكردي.

ويشير عبد القادر في حديثه، لنورث برس، بأن أدوية الإسعافات الأولية واللازمة للحالات الطارئة والإسعافية متوفرة بشكل دائم وعلى مدار الساعة لجميع مستهدفي نقطة الهلال الأحمر الكردي في المخيم.

ويبين أنه في نفس الوقت “لا نستطيع القول أن هناك أي نقطة أو صيدلية متكاملة من جميع الأدوية والأصناف، فنحن ملتزمون بقوائم خاصة بمستودعات الأدوية في منظمة الهلال الأحمر الكردي”.

ويضيف: “حتى أدوية الأمراض المزمنة الموجودة ضمن قوائمنا والتي تشمل قسم كبير من الأصناف تتواجد بشكل مستمر في صيدلية نقطتنا، وفي بعض الحالات وحسب الطلب على نوع معين من الدواء، يتم التواصل بشكل مباشر مع مستودعات الهلال الأحمر الكردي لتأمينه وإرساله لنقطة المخيم، وكان هناك استجابة كبيرة لهكذا حالات في الفترة الأخيرة”.

ويذكر مسؤول مستوصف المخيم في حديثه بأنهم يعانون بشكل كبير من بعض الحالات التي تصادف عدم توفر نوع من الأدوية في الصيدلية أو القوائم الخاصة بالأدوية، فيضطر حينها المريض إلى شرائها من الصيدليات الخارجية، حسب تعبيره.

ويوضح أن هناك بعض الأدوية المتعلقة باللزوم الدوائي للمشافي، في هذه الحالة يتم التنسيق مع مستشفيات مدينة الحسكة لنقل المريض إلى هناك، ومنحه الدواء اللازم ضمن المشفى، وذلك ضمن غرفة عمليات للتنسيق بين النقاط الطبية في المخيمات والنقاط الطبية في المدينة، حسب ماجد.

تحرير: محمد القاضي