في ظل غياب الدعم وانتشار الأمراض.. تراجع كبير للثروة الحيوانية بدير الزور
عمر عبد الرحمن – دير الزور
تعتبر الثروة الحيوانية في دير الزور وريفها من القطاعات الحيوية التي تلعب دوراً مهماً في الاقتصاد المحلي إضافة إلى أنه العمل الأساسي لسكان المنطقة إلى جانب الزراعة.
وكانت منطقة دير الزور وريفها تتمتع بتنوع كبير في أعداد الماشية وإنتاجها، وذلك قبل بدء الحرب السورية، مما ساهم في دعم سبل العيش للمربين وزيادة الدخل المحلي.
وتراجع قطاع الثروة الحيوانية في المنطقة تراجعاً ملحوظاً منذ بداية الحرب، وأصبح من الصعب الحصول على الأعلاف والأدوية، واضطر مربو الماشية إلى بيع قطعانهم، والآن يحاولون البقاء على قيد الحياة بالزراعة، ولكنهم يشعرون بالقلق في ظل غياب الدعم عن المواشي، بحسب ما يقوله سكانٌ من ريف دير الزور.
ويقول علي الجاسم، أحد مربي المواشي في ريف دير الزور الشرقي: “لقد ورثنا مهنة الرعي وتربية المواشي منذ عصور أجدادنا، وهي مهنة تقليدية وراثية نعمل بها جميعاً كعائلة ونتعاون فيما بيننا”.
تراجع
يضيف الجاسم، لنورث برس: “لكن، للأسف، تراجعت الثروة الحيوانية مؤخراً بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والنزاعات المسلحة في دير الزور، إضافةً إلى ذلك، غاب الدعم عن المربين، حيث لم تُقدّم خدمات بيطرية أو أعلاف مدعومة”.
ويشير إلى أن “هذا الأمر أدى إلى إفلاسنا وعدم قدرتنا على شراء الأعلاف من السوق الحرة، مما تسبب في انهيار مصدر رزقنا الرئيسي”.
ويبين الجاسم، أن سعر الأعلاف والرعاية البيطرية ارتفع بشكل كبير جداً ومضاعف نتيجة شح الموارد وصعوبة النقل، كما انخفضت إنتاجية الماشية بسبب سوء التغذية وانتشار الأمراض.
وتكبد أصحاب المواشي خسائر فادحة بسبب نفوق العديد من الحيوانات وانخفاض إنتاج اللحوم والحليب، كما أنهم لجأوا إلى بيع غالبية قطعانهم بأسعار زهيدة للتخلص من الديون والخسائر، بحسب الجاسم.
ويؤكد الجاسم، أنه في السابق كنا نتدبر أمورنا وميزانيتنا المادية من إنتاج المواشي، لكن الآن أصبحت عائلتنا تعاني بشكل كبير.
ويناشد السؤولين والمنظمات الدولية بتقديم الدعم اللازم لإنعاش القطاع، ويطالب بتوفير الأعلاف والخدمات البيطرية وتأهيل البنية التحتية المتضررة.
تحديات كبيرة
يقول عايد زايد، مسؤول اتحاد الفلاحين والثروة الحيوانية في المنطقة الشرقية بدير الزور، إنه “مع تفاقم النزاع، تعرض قطاع الثروة الحيوانية لتحديات كبيرة، حيث انخفضت أعداد الماشية بشكل ملحوظ”.
وبحسب إحصائية صادرة عن اتحاد الفلاحين والثروة الحيوانية بدير الزور، كان عدد الأبقار حوالي ٤٥ ألف رأس، وعدد الماشية من الأغنام كان ٨٦٥ ألف من الماعز والأغنام، وأكثر من ٨ آلاف جمل بالإضافة للخيول، لكن تلك الأعداد انخفضت بنسبة ٥٠ بالمئة في أيامنا الحالية، بحسب زايد.
ويضيف لنورث برس، أن أغلبية المربين قاموا ببيع قطعانهم خوفاً من نفوقها وعدم قدرتهم على تلبية احتياجاتها، وهذا الانخفاض أدى إلى تراجع إنتاج اللحوم والألبان في الأسواق، وأثر بشكل سلبي على دخل المربين.
ويبين أن هناك حاجة ملحة لإيجاد حلول فعالة لإنعاش الثروة الحيوانية في دير الزور، وأن ذلك يتطلب حالياً تأهيل الخدمات البيطرية وتوفير الدعم اللازم للمربين، بالإضافة إلى تأمين العلف.
ويسعى مكتب الثروة الحيوانية لمساعدة المربين وتقديم الدعم اللازم لهم بهدف الحفاظ على قطاع الثروة الحيوانية الذي يحتاجه غالبية سكان دير الزور، بحسب ما يقوله زايد.
انتشار للأمراض
يقول قحطان الغبرة، دكتور بيطري من ريف دير الزور الشرقي، لنورث برس، إن قطعان الأغنام والأبقار في دير الزور تعاني من انتشار عدة أمراض، وذلك لعدم جودة الأدوية وعدم تلقيح الماشية بشكل دوري.
ويضيف لنورث برس، أن من أبرز الأمراض الشائعة التي تصيب هذه القطعان هي أمراض الجهاز التنفسي، مثل التهاب الرئة والتهاب القصبات الهوائية، والتي تنجم عن سوء التغذية والرعاية، إضافةً إلى أمراض الجهاز الهضمي، مثل الإسهال والتسمم الغذائي، نتيجة تلوث المياه والأعلاف.
ويذكر الغبرة، أنه تنتشر أيضاً أمراضٌ طفيليةٌ، مثل الجرب والديدان المعوية، والتي تؤثر سلباً على صحة الحيوانات وإنتاجها، ومن جهة أخرى، تشكل الأمراض الفيروسية، مثل الحمى القلاعية والجدري، تهديداً كبيراً لقطعان الماشية والأغنام، وهو ما شهدناه على أرض الواقع في الأيام الأخيرة.
ويؤكد الغبرة، على علاج هذه الأمراض عبر فحوصات سريرية ومختبرية، وتوفير بعض العلاجات الدوائية، ولكنه مع ذلك، يواجهون صعوبة كبيرة في تأمين تلك الأدوية بسبب عدم توفرها في مناطقهم.
ويعمد الأطباء البيطريون إلى تقديم النصائح والإرشادات لمربي الماشية حول التغذية السليمة وطرق الرعاية الصحية للحيوانات، ومتابعة أحوالهم، بحسب الغبرة.