دلسوز يوسف – الحسكة
يضطر أحمد سينو يومياً إلى شراء صهريجين من المياه لأغنامه لحمايتها من الهلاك، بسبب جفاف نهر الخابور جراء قطعها من قبل السلطات التركية وسط ندرة الأمطار في السنوات الأخيرة.
واختفت المساحات المائية على امتداد نهر الخابور لتتحول إلى أرض جافة سوى مستنقعات صغيرة هنا وهناك، بعدما كانت المقصد الرئيسي لري مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وقطعان الماشية.
معاناة
وأسوة بعشرات المربين شمالي الحسكة، يعتبر تأمين المياه معاناة كبيرة بالنسبة لسينو الذي يملك نحو 400 رأس من الأغنام في قرية على ضفاف الخابور بعد نزوحه من مدينته سري كانيه (رأس العين) قبل نحو خمس سنوات.
ويقول المربي الثلاثيني، لنورث برس: “قلة المياه آثرت علينا جداً ففي الوقت الحالي لا توجد مياه بنهر الخابور لذلك نضطر إلى شراء المياه”.
ويضطر سينو شهرياً إلى شراء المياه لماشيته بنحو 5 ملايين ليرة سورية (نحو 330 دولار أميركي)، بينما لا يستطيع حفر بئر لعدم ملكيته للأرض التي يتواجد فيها، بالرغم من ملوحة المياه الجوفية للمنطقة التي تؤثر سلباً على المواشي من ناحية السمنة والخصوبة.
ويتحسر سينو على سنوات وفرة المياه في الخابور “لو توفر المياه في النهر لانخفضت التكاليف وزاد عدد القطيع لدي الذي يتناقص عام بعد عام”.
ويضيف بتهكم: “في السنوات الأخيرة تدهورت العملة وانتشر الجفاف والقحط وزادت التكاليف والخسائر”.
ومنذ بداية الحرب في سوريا، تعمد تركيا إلى قطع المياه عن نهر الخابور مما أثر سلباً على ثروتي الحيوانية والزراعية حيث اختفت مساحات واسعة من أشجار الفاكهة والحقول الخضراء إلى جانب القضاء كلياً على الثروة السمكية.
كما تسبب جفاف النهر إلى انتشار الحشرات المضرة والأوبئة كالكوليرا واللاشمانيا وأمراض معدية أخرى في المنطقة.
تكاليف إضافية
في قرية الخاتلة شمالي الحسكة، تسرح فاطمة المحمود بأغنامها في إحدى الحقول لإطعامها من بقايا محصول القمح كعلف، إلا أن مسألة تأمين المياه تشكل تحدياً لهم.
وتقول المرأة الخمسينية ممسكة بعصا تحت أشعة الشمس: “سابقاً كنا نسقي مواشينا من نهر الخابور ولكن الآن نعتمد على مياه الصهاريج وقد كان سعر الخزان سابقاً حوالي 25 ألفاً ولكن الآن السعر ارتفع ويصل إلى 50 ألفاً للخزان الواحد”.
وتضيف لنورث برس: “الغلاء زاد من صعوبة الحياة علينا ونضطر إلى بيع قسم من أغنامنا بين الحين والآخر لنؤمن تكاليف المياه لسقاية بقية الأغنام”.
وبينما ينهمك مربو الماشية في تحمل تكاليف المياه، يدق جفاف نهر الخابور ناقوس الخطر الذي يسبب في انخفاض الرطوبة وارتفاع درجات الحرارة التي تؤثر بشكل كبير على تساقط الأمطار.
ويرى مراقبون بأن عودة جريان النهر بحاجة إلى اتفاقيات سياسية متعلقة بحل الأزمة المستمرة في البلاد منذ 12 عاماً، للضغط على تركيا لفتح المياه إلى نهر يعتبره الكثيرون شريان الحياة الرئيسي للمنطقة.
وفي سوق الماشية بالقرب من الخابور في بلدة تل تمر شمالي الحسكة، يشير موسى أحمد وهو مربي وتاجر للأغنام أن مشكلة المياه لم تكن في الحسبان بقدر ما كان يهتمون بتأمين العلف.
ويقول أحمد لنورث برس: “في قريتنا جنوبي تل تمر يوجد نحو 1500 رأس من الغنم ما عدا البقر، الجفاف وقلة المياه أثر كثيراً ونضطر إلى شراء المياه بـ40 ألف ليرة للخزان”.
لافتاً إلى أنه كان يوجد قناة للري في قريتهم لكنها جفت بفعل جفاف الخابور، مبيناً أن “المياه يشكل عبئاً على المربين وهذا الأمر زاد من سعر المواشي، سابقاً كان العلف والمياه مجانياً لكن الآن تضاف هذه التكاليف إلى سعر الماشية عند البيع”.