فتاح عيسى – منبج
قبل نحو خمس سنوات توجه مزارعون في ريف منبج إلى استبدال أراضيهم المزروعة بالمحاصيل البعلية مثل الشعير، إلى زراعة أشجار العنب “العرائش” بهدف تحقيق مردود مادي أفضل، إلا أن ارتفاع أسعار صرف الدولار وارتفاع تكاليف الاهتمام والعناية بها، خفض أرباح المزارعين.
أحمد المحمد (48 عاماً)، وهو مزارع من قرية قناة الشيخ طباش بريف منبج الجنوبي، لجأ إلى زراعة أربعة هكتارات من أشجار العنب قبل أربع سنوات، وهذا العام سيبيع إنتاجه من العنب لأول مرة.
يقول المحمد لنورث برس، إن إقبال سكان المنطقة على زراعة العرائش بدأ قبل خمس سنوات، بسبب ارتفاع سعر بيع كيلو العنب الذي كان يعادل الدولارين حينها.
وتشتهر منبج بزراعة الأشجار، حيث بلغت المساحات المزروعة بالأشجار المثمرة نحو ثمانين ألف هكتار، بينما بلغ المساحات المزروعة بالقمح والشعير والمحاصيل الأخرى المروية والبعلية نحو 24 ألف هكتار للموسم الحالي، بحسب تصريح سابق لهيئة الزراعة.
وتأتي زراعة أشجار الزيتون في المرتبة الأولى من حيث المساحات المزروعة، يليها زراعة أشجار الفستق الحلبي، ثم زراعة أشجار العنب بنوعيها الأرضي والعرائش.
خسارة للمزارعين
ويضيف المحمد أن سعر بيع كيلو العنب انخفض إلى ثمانية أو تسعة آلاف ليرة حالياً، بينما يباع في موعد ذروة الإنتاج بما يعادل 20 سنتاً، أي أن كل خمسة كيلو من العنب يباع بدولار واحد وهو ما يتسبب بخسارة المزارعين.
ويُزرع في كل دونم نحو 70 شجرة عنب من نوع “العرائش”، أي أن الهكتار يسع لنحو 700 شجرة، حيث تبلغ المسافة بين شجرة وأخرى أربعة أمتار، بحسب المحمد.
ويقول المحمد إنه يوجد ثلاثة أصناف من العنب المشهورة في منبج وهي “البلدي والشامية البيضاء والحلواني”، مشيراً إلى أن تكلفة زراعة الدونم الواحد هي 1200 دولار للأعمدة والشبك بدون غراس الأشجار.
ويضيف أن الشجرة تحتاج بعد ذلك إلى مبيدات وأسمدة بسبب ظهور الأمراض في الأشجار، والتي تباع في الصيدليات الزراعية بأسعار مرتفعة (بالدولار)، وبالتالي فإن زراعة أشجار العنب باتت تسبب خسائر للمزارعين بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض سعر المبيع.
ويشير المحمد أن السبب الرئيسي لتعرض مزارعي العنب لخسائر هو انخفاض سعر بيع العنب، إضافة لانخفاض الدعم المقدم للمزارعين من قبل الإدارة الذاتية، وخاصة فيما يتعلق بالمحروقات المخصصة للري.
ويذكر أن تشغيل المولدة يومياً يحتاج إلى 30 ليتراً من مادة المازوت لسقاية دونمين من الأشجار، حيث أن شجرة العنب تحتاج إلى سقاية مرة كل ثلاثة أيام أي بمعدل عشرة مرات شهرياً.
دعم الإدارة
يقول محمد إن الإدارة الذاتية قدمت لهم في السنة الفائتة كمية 40 ليتراً من المازوت للدونم الواحد أي 400 ليتر للهكتار وهي تكفي لسقاية الشجر لمرة واحدة.
ويذكر أنه قبل عدة سنوات كانت الإدارة تدعم مزارعي العنب وتشجعهم عبر تقديم مادة المحروقات مرتين في الموسم، بينما في العام الفائت قدموا لهم المحروقات مرة واحدة فقط، أما في العام الحالي فلم يكن هناك تقديم أي دعم نهائياً.
ويطالب اهيئة الزراعة بتقديم مادة المحروقات لمزارعي أشجار العنب، وتوفير أدوية ومبيدات بأسعار أقل من السوق لتشجيع المزارعين، لأن أغلب المزارعين يلجؤون للتخلص من أشجار العرائش بسبب خسارتاهم المتتالية للموسم.
ومن جهته يقول حسن محمد (45 عاماً)، مزارع من قرية حج عابدين بريف منبج الجنوبي، إنه زرع مساحة هكتار بثمانمائة شجرة عنب قبل خمس سنوات، وأن المشروع كلفه أكثر من 12 ألف دولار.
ويضيف محمد أنه ينتظر الإنتاج بعد مصاريف المبيدات والمحروقات في ظل قلة الدعم المقدم للمزارعين من قبل الإدارة، ويرى أن تراجع إنتاج أشجار العنب سببه تراجع اهتمام المزارعين بأشجارهم في ظل قلة الدعم المقدم لهم.
ويطالب بدعم مزارعي أشجار العنب بمادة المازوت وتعويض خسائرهم بسبب انتشار الآفات والأمراض التي تكلف المزارعين مبالغ باهظة في ظل ارتفاع أسعار المبيدات والأسمدة في الصيدليات الزراعية.
مطالب المزارعين
يضيف محمد أن على الإدارة دعم المزارعين عبر دعم سعر المحروقات، وأن لا يكون سعر المازوت مشابه لسعر المازوت المخصص للسيارات الحديثة المتوفرة بسعر 4700 ليتر.
ويرى محمد أن زراعة العرائش تعتبر زراعة قديمة في منبج، ولكنها انتشرت قبل نحو خمس سنوات بشكل كبير، وأن وأكثر المناطق زراعة هي في جنوب منبج.
ويذكر أن موسم قطاف العنب وبيعه في الأسواق يبدأ في الأول من شهر آب/أيلول وأن المزارعين يضطرون لبيعه بالسعر الذي يحدده التجار، لأنه لا يمكن للمزارعين تخزين المحصول.
ويبين أن هناك مصاريف تتعلق بأجور العمال في قطف الإنتاج تتراوح بين 40 و50 ألف ليرة لليوم الواحد، إضافة لمصاريف شراء الصناديق وأجور المواصلات لنقل الإنتاج للأسواق.
ويشير أنه من المفترض أن تنتج كل شجرة 100 كيلو من العنب، ولكن الأشجار لديهم لا تنتج سوى كمية تتراوح بين 15 و30 كيلو، وذلك بسبب قلة الاهتمام والرعاية في ظل نقص الدعم.
وبدوره يقول عبد الهادي الحميدي (50 عاماً)، وهو مزارع من قرية حج عابدين بريف منبج، إنه زرع العرائش قبل 12 عاماً، وانتظر الإنتاج لثلاث سنوات، حيث بدأ الإنتاج في السنة الرابعة وبعدها ازداد الإنتاج بشكل تدريجي.
ويضيف الحميدي أن مردود الأشجار يرتفع عندما تبلغ عمر الشجرة سبع سنوات وبالتالي ازدادت أرباحه، إلا أن تلك الأرباح وذلك المردود انخفض في آخر سنتين بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار وانخفاض سعر بيع كيلو العنب مقارنة بارتفاع سعر الصرف.
ويذكر الحميدي أنه كان يبيع كيلو العنب بما يعادل دولاراً واحداً، بينما يبيع كيلو العنب حالياً بسعر يساوي 20 سنتاً أو أقل.