نالين علي – القامشلي
تعد بلدة تل معروف الواقعة شرق مدينة القامشلي بحوالي 27 كم, والتي هاجر أغلب سكانها بعد هجوم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” عليها ليبقى فيها قرابة 170 منزلاً فقط، مثلاً على التعاون والاكتفاء بشبابها وساكنيها لحل مشاكلها.
ما يلفت انتباهك بمجرد المرور من البلدة، هو آثار وبقايا الدمار وهدم المنازل والمساجد نتيجة الأحداث التي جرت بالبلدة عام 2014 أثناء هجوم تنظيم “داعش” عليها.
ومن هنا تبدأ التساؤلات، على الرغم مما عاشه سكان هذه البلدة من حرب واعتقال شبابهم على يد “داعش” ونزوح من منازلهم حين ذاك، إلا أن سكانها بقوا يداً واحدة لإعادة إعمار وتحسين وضعهم وبناء منازل وكل ما ينقص بلدتهم.
“فترة صعبة”
تقول فداء عبد العظيم (40 عاماً)، من سكان بلدة تل معروف، لنورث برس: “لا أرغب في استرجاع ذاكرتي إلى الوراء، واستذكار الأحداث التي مررنا بها، أثناء مهاجمة عناصر داعش على عام 2014، لا يمكنني قول شيء ووصف حالنا حينها سواء بالـبهدلة”.
وتضيف: “خرجنا من بلدتنا وبقينا بعيدةً عنها قرابة ثلاث سنوات، عانينا جداً من النزوح كانت فترة صعبة وشاقة جداً بالنسبة لنا ونحن خارج ديارنا”.
وتشير إلى أنه “بداية تحرير البلدة على الرغم من الدمار والخراب الذي لحق بالبلدة بشكل كامل ودمار منازلنا وفقدان كل ما نملك، لكن العودة للمكان الذي كبرنا فيه كان بالنسبة لنا شيئاً من الخيال ولم نكن نتوقع العودة مرة أخرى للبلدة”.
كانت البلدة تفتقد حينها جميع الخدمات التي كنا نحتاجها، ولم يكن يتواجد بالبلدة حينها سوى فرن واحد فقط، وتضيف عبد العظيم بلهجتها العامية: “داعش أخد كل شيء وخرب كل شيء”.
“خطوة بخطوة”
كل شيء كان يتحسن خطوة بخطوة، والسبب يعود لتكاتف أهل البلدة معاً، “الجميع هنا يتعاون يد بيد في تأمين وإصلاح وتوفير كل ما تحتاجه البلدة، ونعتمد بشكل أساسي على أنفسنا وأبنائنا في الخارج لتحسين خدمات بلدتنا”.
وتوضح عبد العظيم أنه منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ونحن نشتكي من مشكلة المياه هنا، نتيجة انقطاع الكهرباء وأعطال مولدة الاشتراك، وبهذا الصيف الحار لا يمكننا البقاء بلا ماء.
وتبين أنه “بتعاون شباب بلدتنا بالخارج وتجمع السكان هنا، وضعنا ألواح الطاقة الشمسية على آبار البلدة لتوفيرها بشكل دائم، ولا يمكننا أن ننسى خدمتهم هذه، والبلدة منذ بدايتها تأسست على روح التعاون والمشاركة، وسنورث هذه الصفة لأبناء الجيل القادم”.
ويقول مصطفى غزاله (60 عاماً)، من سكان تل معروف, “البلدة تضررت كثيراً أثناء دخول عناصر داعش عليها، سكانها جميعهم هاجروا، منازلنا تدمرت لم يبقى شيء على حاله”.
“لم نستسلم”
أثناء تحرير البلدة والعودة إليها، كان هناك الكثير من نواقص والخدمات غير متوفرة لدينا، “لكننا لم نستسلم، بنينا بيوتنا بأيدنا من جديد وبتعاون جميع سكان البلدة، استطعنا الوقوف من جديد”.
ويوضح لنورث برس: “عدد المنازل بالبلدة حالياً لا يتجاوز 170 منزلاً، ولا يوجد أحد غريب بيننا، الجميع يعتبر نفسه كعائلة واحدة، نفرح ونحزن سوياً، أي نقص نراه بالبلدة نكمله ونساعد بعضنا بجميع الأمور”.
ويضيف أن البلدة مجهزة من جميع النواحي حالياً، ولا نطلب مساعدة أو الدعم من أي جهة، ونعتمد فقط على أنفسنا ضمن البلدة وأبنائنا في الخارج، وحين يذكر اسم تل معروف لا شيء يذكر على اللسان سوى تعاون سكانها في توفير كل ما يخدم بلدتهم وتحسينها.
ويقول محمود شملاني (55 عاماً) وهو أيضا من سكان البلدة، بعد القصف التركي الأخير على مناطقنا وتضرر مراكز الطاقة وانعدام الكهرباء من أكثر من 6 أشهر، عانينا من مشكلة نقص المياه بالبلدة.
ويضيف لنورث برس: “لكن مع انعدام كهرباء النظامية وتكرار أعطال مولدات الاشتراك، كان لا بد من إيجاد حل سريع يناسب سكان البلدة.
ويشير إلى أن حل المشكلة تمثل باجتماع سكان البلدة والاتفاق على جمع مبلغ من سكان البلدة ووضع ألواح الطاقة الشمسية على آبار المياه بتكلفة 20 ألف يورو.
بالإضافة إلى ذلك تم بناء خيمة عزاء خاصة للبلدة ووضعها تحت الخدمة، لتوفر على السكان أعباء وتكلفة إيجار خيم العزاء، بحسب ما قاله شملاني.
وينهي حديثه أنه بمساعدة بعضنا البعض ضمن البلدة نحاول توفير وإنشاء كل ما يحتاجه السكان، مبيناً أنه يجب على سكان القرى الأخرى أيضاً الاعتماد على أنفسهم وحل جميع المشاكل والنواقص التي تواجههم.