دلسوز يوسف – تل تمر
على وقع فشل المواسم الزراعية في السنوات الأخيرة، عاد وليد يونس ليفتح محله لصيانة الدراجات النارية في المنطقة الصناعية ببلدة تل تمر شمالي الحسكة، ليؤمن دخلاً يعيل بها عائلته.
وتخلى يونس عن حقله بعدما كانت الزراعة دخله الأساسي، ويقول بحسرة لنورث برس: “سابقاً كان عملنا ومردودنا المالي السنوي من الزراعة، لكن حالياً لم يبقَ دعم للزراعة فاضطررت إلى التوجه للصناعة لتأمين متطلبات العيش الأساسية”.
خسائر ونقص في الدعم
ويضيف الرجل الأربعيني: “تركنا الزراعة بسبب نقص الدعم من مواد المازوت والسماد والبذار، إضافة إلى التقلب المناخي الذي آثر في الزراعة بشكل عام”.
وأسوة بغيره من المزارعين، تكبد يونس خسائر للموسم الزراعي الحالي بالرغم من تأجير أرضه بمساحة 100 دونم لمزارع آخر مقابل نسبة من الإنتاج، وذلك بعد أن فقد القدرة على زراعتها بنفسه نتيجة الخسائر التي لحقت به في الموسم السابق.
ويقول: “خسرت هذا العام أيضاً لعدم وجود إنتاج (..)، فتحت محلي بالمنطقة الصناعية بالرغم من دخله المحدود لكن يبقى أفضل من الزراعة”.
ولطالما عرفت منطقة الجزيرة السورية أنها “السلة الغذائية” للبلاد، كونها تعد ركيزة رئيسية للاقتصاد وتؤمن مصدراً لدخل شريحة واسعة من السكان.
لكن تداعيات التغير المناخي وشح الأمطار بالإضافة إلى ارتفاع التكاليف بسبب شح الوقود وغياب التيار الكهربائي، مما اضطر الكثير من المزارعين لتركيب ألواح الطاقة الشمسية إلى جانب غلاء أسعار الأسمدة والبذار.
وأثقلت هذه التحديات كاهل المزارعين، وأصبحت تهدد مصير الزراعة في المنطقة، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها سوريا.
ودفعت هذه الصعوبات بمزارعين كثر إلى التخلي عن أراضيهم والتوجه إلى أعمال أخرى.
عزوف عن الزراعة
وعلى غرار سابقه، يشير عزالدين سليمان داخل محله لتبديل القطع في المنطقة الصناعية، بأن الزراعة كبدته خسائر كبيرة ما دفعه إلى العزوف عنها في ظل غياب الدعم.
ويقول لنورث برس: “كانت الزراعة سابقاً جيدة وكنا نستفاد منها، ولكن مؤخراً أصبحت الزراعة مهنة صعبة بسبب ارتفاع التكاليف اللازمة وضعف الإنتاج”.
ويضيف: “تركنا العمل بها وتوجهنا إلى العمل الصناعي بسبب وجود مردود يومي أفضل”.
ويشدد سليمان على أن تدهور القطاع الزراعي يؤثر سلباً على كافة نواحي الحياة والحركة التجارية في الأسواق وخاصة الصناعة، لاعتماد سكان المنطقة بشكل رئيسي على الزراعة.
وبينما يتراجع الإنتاج الزراعي عام بعد آخر، يخشى مزارعون كثر أن ينتهي بهم المطاف بالتخلي عن أراضيهم والبحث عن إيجاد مصادر دخل أخرى.
كما الحال بالنسبة لأنس جلعو الذي التحق بالتوظيف في بلدية الشعب ببلدة تل تمر، بعدما تكبد خسارة بزراعته للكمون على ضفاف نهر الخابور.
وجاءت محاولة جلعو لتحسين وضعه المادي بعدما نزح من قريته القاسمية شمالي البلدة، عقب سيطرة القوات التركية عليها أواخر عام 2019، تاركاً خلفه حقله ومصدر رزقه الوحيد.
ويقول المزارع لنورث برس، وهو أب لثلاثة أولاد: “الزراعة مهنتنا الأساسية، لكن ارتفاع التكاليف والتغيرات المناخية التي أثرت على قلة الإنتاج دفعتني لوضع حد للزارعة”.
ويضيف: “توجهت إلى التوظيف بالرغم من الراتب القليل لكنه ثابت، كحل بديل للزراعة لإعالة أسرتي”.