“ابنك صار من عناصرنا”.. انتشار ظاهرة تجنيد الأطفال في درعا

مؤيد الأشقر  – درعا

يعيش سكان درعا في جنوبي سوريا واقعاً مريراً، حيث يجند الأطفال قسراً من قبل مجموعات مسلحة التابعة للحكومة، مستغلين سوء الاوضاع الاقتصادية في البلاد.

ورغم انتهاء القتال في معظم أنحاء البلاد، إلا  أن تجنيد الأطفال آخذ في الازدياد بحسب تقرير للأمم المتحدة العام الماضي.

“ابنك صار من عناصرنا”

غنيم (46 عاما)، من سكان درعا، يعيش في منطقة الضاحية، يروي تجربته المريرة في محاولة إنقاذ ابنه البالغ من العمر 16 عاماً من قبضة إحدى المجموعات التابعة للأمن.

 ويقول: “ابني كان مثل بقية الأطفال يلعب في شوارع الحي، لكن مجموعة مسلحة تابعة للأمن العسكري بقيادة مصطفى المسالمة (الملقب بالكسم) أقنعته بالذهاب إلى مقرها بحجة حمل السلاح والتقاط الصور معه”.

ولاحظ غنيم التغيرات في تصرفات ابنه وحديثه عن أنواع الأسلحة وكيفية استخدامها، مما أثار قلقه ودفعه لمراقبته عن كثب.

“شاهدته يتحدث مع عناصر ويحمل السلاح، وعندما حاولت منعه من التعامل معهم، قالوا لي إن ابني يأتي إليهم كل يوم ويطلب حمل السلاح، سمعت احدهم يحكي بطريقة أقرب للتهكم قائلا:  ابنك عنصر جديد في مجموعتنا”.

زرعت هذه الجملة مخاوف في قلب الأب ومنع عن طفله الخروج من المنزل واللعب في الحي، في النهاية لم يجد خياراً إلا بأرسال طفله إلى الإمارات حيث يعيش أعمامه.

من المسؤول؟

خالد (48 عاما)، اسم مستعار لأحد سكان درعا، يكشف لنورث برس عن حجم هذه الظاهرة المقلقة. “باتت ظاهرة تجنيد الأطفال من قبل المجموعات المسلحة التابعة للقوات الحكومية في درعا منتشرة بكثافة”.

“يُعتمد على هؤلاء الأطفال في الحراسة، ويتم إغراؤهم بالمال والسلطة، مما يسمح لهم بحمل السلاح داخل المناطق السكنية دون أي مسائلة”، يقول خالد.

ويشير إلى أن المجموعات المرتبطة بفرع الأمن العسكري هي الأكثر استخداماً للأطفال، بعد مغادرة العديد من عناصرهم البلاد خوفًا من الاستهداف والاغتيال.

ويضيف: “تجنيد الأطفال أكثر ملاءمة لقادة المجموعات لأنه يمكنهم التحكم بهم وزرع الأفكار التي تناسبهم بسهولة”.

ناقوس الخطر

فدوى الريابي، اسم مستعار لإحدى العاملات في مجال رعاية الطفل بمدينة درعا، تسلط الضوء على الصعوبات الجديدة في التعامل مع الأطفال اليوم.

 “أعمل في هذا المجال منذ أكثر من عشرين عامًا، ولكن قبل الحرب كانت الأمور أسهل بكثير. الأطفال كانوا ينشؤون في بيئة آمنة مع حماية من الأسرة”، تقول الريابي.

وتضيف: “اليوم، الأطفال الذين نشأوا وسط صوت الرصاص ومشاهدة الأسلحة بشكل يومي، يحتاجون إلى توعية جديدة ونسف الأفكار التي ترسخت في أذهانهم”.

وتشير الريابي إلى أن التفكك الأسري أصبح مشكلة كبيرة بعد الحرب، مما يؤثر سلباً على الأطفال الذين يفقدون البيئة الحاضنة والشعور بالأمان.

وتوضح: “هذه الظروف تجعل الأطفال أكثر عرضة للانجذاب إلى المجموعات المسلحة، حيث يجدون فيها من يهتم بهم ويعطيهم المال، حتى لو كان ذلك يعني أن يصبحوا جزءا من آلة الحرب”.

تحرير: تيسير محمد