القاطرجي والشبل.. غياب أم تغييب عن المشهد السوري؟

غرفة الأخبار – نورث برس

أثار غياب محمد براء القاطرجي ولونا الشبل، الشخصيتين البارزتين القريبتين من الأزقة الاقتصادية والدبلوماسية في أروقة القصر الجمهوري، والروايات حول حادثتي مقتلهما وغياب الحضور الحكومي عن تأبينهما، تساؤلات تقود إلى تصفيات تتعلق بحسابات داخلية وخارجية.

رافق مقتل الشخصيتين البارزتين خرق إسرائيلي للعاصمة السورية واغتيال كبار الشخصيات الإيرانية، عودة السعودية ودول خليجية إلى دمشق، خلافات اقتصادية مع مكتب أسماء الأسد الاقتصادي، وتطورات أخرى تجعل رواية التصفية أقرب من روايتي الحادث والقصف الإسرائيلي.

قُتل الاثنين الفائت رجل الأعمال السوري محمد براء القاطرجي، باستهداف إسرائيلي طال سيارته على طريق دمشق – بيروت، والذي يُعتبر من أهم رجال الأعمال البارزين المقربين من الرئيس السوري بشار الأسد خلال سنوات الحرب في سوريا.

وفي بداية شهر تموز/ يوليو، تعرّضت مستشارة الرئاسة السورية الخاصة لونا الشبل لحادث سير نُقلت على إثره إلى مستشفى “الشامي” بدمشق، وسط تواتر الأنباء عن حالتها وطبيعة الحادث، لتعلن الرئاسة السورية بعدها بثلاثة أيام خبر وفاتها بشكل رسمي داخل أحد المستشفيات بدمشق، وتُعتبر الشبل الذراع الإعلامي للرئيس السوري بشار الأسد، كما يُعرف عنها تغلغلها في عائلة الأسد عامة.

أسباب مخفية وراء مقتل القاطرجي

بدأت عائلة القاطرجي في الظهور مع ظهور فصائل ما تسمى بـ”قوات الترفيق” في عام 2013، والتي قامت بحماية قوافل نفطية وغذائية، وكانت تشرف على عمليات تجارية بين المناطق الحكومية ومناطق السيطرة الأخرى في البلاد.

توسعت العائلة بعدها بنفوذها العسكري في المناطق الحكومية من خلال تشكيل ميليشيا “القاطرجي” التي شارك في العديد من العمليات العسكرية إلى جانب القوات الحكومية.

وتدير عائلة القاطرجي حالياً شبكة واسعة من الشركات في مختلف القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك تجارة النفط والذهب والعقارات والسياحة ويقال إن جميعها يشاركهم بها أفراد من عائلة الأسد، وتُعتبر العائلة أحد الأعمدة الأساسية التي كان يتكئ عليها القصر الجمهوري ورئيسه في المآزق والأزمات الاقتصادية.

حصلت نورث برس على معلومات خاصة تفيد أن القاطرجي لحظة مقتله كان متوجهاً إلى بيروت لحضور اجتماع مع قيادي كبير بحزب الله اللبناني، وأنه المنسق الأساسي والرئيسي في سوريا بين الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.

ونقل موقع “سوريا بالفارسي” أن محمد براء القاطرجي كان مسؤولاً عن تمويل ودعم “حركات المقاومة” في سوريا، وعلى تنسيق مع الحرس الثوري الإيراني، ومتعاون مع أحد المستشارين الإيرانيين الذين قُتلوا في سوريا قبل عدة أشهر، مرجحاً أن يكون هذا المستشار الإيراني هو العميد في فيلق القدس سيد رضي موسوي الذي اغتالته إسرائيل في كانون الأول/ ديسمبر العام الفائت في منطقة السيدة زينب.

وأكدت مصادر نورث برس الأمنية وجود خلاف بين محمد براء القاطرجي وقيادات بالفرقة الرابعة جراء خلافات على معامل للمخدرات يديرها حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني عبر القاطرجي داخل الأراضي السورية.

وشهدت جنازة وتشييع القاطرجي موكب حماية كبير من قبل فصائل مدعومة من إيران وحزب الله اللبناني وهذا دليل على أهمية الارتباط والعلاقة بين الطرفين، في حين لم يتم ملاحظة أي وجود رسمي للحكومة السورية سوى مفتي الجمهورية أحمد حسون.

لونا الشبل.. اسم أثار الجدل لسنوات

الشبل إعلامية سورية ولدت في السويداء عام 1975، وكانت تشغل منذ 2020 منصب مستشارة خاصة في رئاسة الجمهورية السورية، وحاصلة على ماجستير في الصحافة والإعلام وعملت في بداياتها في التلفزيون السوري ثم في قناة “الجزيرة” حتى 2010.

أصدر الأسد قراراً بتعيينها مستشارة خاصة في رئاسة الجمهورية بعد مواقف سياسية أعلنت خلالها تأييدها المطلق لسياسة الحكم في سوريا، لتعلن الولاء الكامل وتحط في مطار دمشق ثم يتم توليتها مباشرةً المنصب الذي طمح إليه الكثيرون من المقربين من العائلة الحاكمة في سوريا.

على مدى سنوات كانت الشبل من بين الدائرة الضيقة المحيطة بالأسد ومواكبة للقاءاته واجتماعاته وحتى رحلاته المحدودة إلى الخارج، وأثار اسمها مراراً الجدل وسط أنباء عن علاقة متينة جمعتها بروسيا، وصولاً إلى افتتاحها مطعماً روسياً فاخراً في دمشق عام 2022 وكانت مهندسة إطلالات الأسد إعلامياً.

تشكيك برواية مقتلها

شكك العديد من الساسة والمحللين السياسيين السوريين بحقيقة مقتل الشبل، وذهبوا إلى رواية أن “النظام السوري” أقدم على تصفيتها بأمر من إيران.

وقالوا إن سبب التصفية يعود إلى إعطاء وتحديد مواقع إيرانية لإسرائيل لتصفية قادة في الحرس الثوري، وهو الاحتمال الأقرب لحادثتها حيث منعت السلطات السورية زوجها عمار ساعاتي في تلك الفترة من مغادرة البلاد كما تم اعتقال أخيها قبل أسبوع من حادثة وفاتها.

أثارت الحادثتين تساؤلات حول بدء مرحلة تصفية للمقربين من القصر الجمهوري والذين لكل منهم ولاء خاص للجهات المحاربة في مناطق سيطرة الحكومة، لكن لجهة من ومن سيبقى في القصر، هذا ما لا يعرفه السوريون.

إعداد وتحرير: سعد اليازجي