تحت أشعة الشمس الحارقة.. عمال من الحسكة يكافحون في سبيل العيش
دلسوز يوسف – الحسكة
تحت درجة حرارة تلامس الـ 40 مئوية بينما الساعة تشير إلى 9 صباحاً، ينهمك عبدالرحمن الأحمد في صناعة البلوك ضمن أحد المعامل في ريف الحسكة، شمالي سوريا، في ظروف عمل صعبة، ولكن مرارة الظروف المعيشية تجبره على التحمل تحت لهيب الشمس.
ويقطع الأحمد يومياً مسافة 40 كم للوصول إلى بلدة تل تمر شمالي الحسكة، للعمل في الهواء الطلق على غرار الآلاف من العمال مقابل أجور منخفضة.
ويقول لـ نورث برس “العمل متعب وقاس جداً ضمن هذه الظروف المناخية الصعبة، كما أن الأجور منخفضة وغير كافية لتلبية حاجات اليومية الأساسية”.
ويضيف العامل الذي غزا الشيب لحيته ويعتمر قبعة سوداء: “نعاني من ارتفاع شديد في درجات الحرارة، ونتيجة لهذه الظروف، نعاني من أمراض مثل التحسس الناتج عن استنشاق مواد البناء، إضافة إلى العمل تحت درجات الحرارة المرتفعة لمدة 7 إلى 8 ساعات يومياً”.
أجور زهيدة
ويشهد الصيف الحالي ارتفاعاً في درجات الحرارة تصل أحياناً في ساعات الذروة إلى نحو 49 مئوية، مما يضاعف من معاناة العمال، وخاصة في مواقع البناء والأسواق العامة.
ويضطر هؤلاء العمال إلى تحمل صعوبات العمل بهدف إعالة عوائلهم في ظل النزيف الاقتصادي المستمر الذي يعاني منه البلاد.
ويشكو العمال من ضعف الأجور التي يتقاضونها والتي تصل أقصاها إلى 60 ألف ليرة سورية في اليوم (4 دولار أمريكي).
وفي منطقة سوق الهال بالحسكة، يعمل الشاب إسماعيل الجدع كعامل مياومة إلى جانب عدد من العمال في إفراغ حمولة مشروبات الغازية والطاقة من الشاحنات، ضمن ساعات عمل طويلة.
يقول: “نحن مجموعة من العمال في هذه الورشة نعمل من 6 صباحاً ونستمر احياناً إلى 9 مساءً، وعملنا كله يكون تحت أشعة الشمس ونكون مضطرين لذلك بسبب نقص فرص العمل”.
ويضيف: “رغم الظروف الصحية التي يعاني البعض منا ولكنهم يبقون مضطرين للعمل لإعالة عائلاتهم ويصل معدل الآجر اليومي من 60 حتى 70 ألفاً، وهذا المبلغ غير مكافئ للتعب الذي نبذله”.
غياب لدور القانون
ورغم وجود اتحاد (نقابة) للعمال تابعة للإدارة الذاتية، لكن تغيب القوانين الناظمة التي تصون حقوق هؤلاء العمال مما يدفعهم للعمل في ظروف قاسية أو تعرضهم للاستغلال من قبل ارباب العمل.
ويقول عمار علي، الرئيس المشارك لاتحاد الكادحين في مقاطعة الحسكة، أن دورهم كجهة نقابية يتركز على تقديم الخدمات ضمن الامكانيات المتوفرة مثل مياه الشرب الباردة للعمال وتحديد ساعات العمل.
وأوضح علي، أن “الساعات الفعلية للعمل هي 6 ساعات وتحديد تسعيرة هذا العام للعمال ضمن المنشآت العامة والخاصة تبلغ 10 آلاف ليرة عن كل ساعة عمل”.
وفق متابعة لـ نورث برس في بعض مواقع العمل، يشدد العمال على أن أجورهم اقل مما حدده الاتحاد، بينما قال آخرون بانهم يتقاضون نصف المبلغ المحدد.
وفق النظام الداخلي لاتحاد الكادحين، يمنع العمل بالنسبة إلى الكبار في السن ممن تجاوزوا الـ 60 سنة، بالإضافة إلى الأطفال القصر، بحسب علي.
وشدد الرئيس المشارك للاتحاد، على أن الظروف الاقتصادية “يدفع العمال إلى العمل تحت هذه الظروف القاهرة لإعالة أسرهم”.