فتاح عيسى – كوباني
في مرسم صغير وسط مدينة كوباني، تتعالى صوت ضربات المطرقة على زجاجٍ أسود، لتنتج فناً جديداً في المنطقة، هو الرسم على الزجاج.
بدأ روميو كوباني (كما يسمي نفسه)، فنان تشكيلي من مدينة كوباني، خوض تجربة جديدة لممارسة هذا الفن الحديث، بعد أن اشتهر برسم لوحات واقعية للوجوه بالألوان الزيتية.
يقول روميو، إنه بدأ بالرسم عندما بلغ من العمر سبع سنوات فقط، وعلى مقاعد الدراسة، بدأ برسم أولى لوحاته على الدفاتر المدرسية، حيث بدأ برسم صور أفلام الكرتون التي أحبها، وخاصة الفيلم الذي حمل عنوان “الكابتن ماجد”.
ورغم انتقاله بين المدينة والريف مع عائلته، بسبب الأعمال الزراعية، إلا أنه كان يستغل وقت فراغه في ممارسة هوايته بالرسم، التي لم ينقطع عنها حتى اليوم.
البداية
يضيف روميو أنه بدأ برسم الوجوه للشخصيات من الممثلين والفنانين بالتفاصيل الدقيقة، في عمر 15 عاماً، حيث كانت الصور المنشورة على الجرائد والمجلات بينها فنانين كرد وأجانب، هي التي تجذب الفنان روميو لرسمها بالأسلوب المعروف في الفن بـ “الواقعي”.
وخلال السنوات الماضية، طور روميو من مهارته في فن رسم الوجوه، حيث اشتهرت لوحاته في المنطقة ومنها لوحة لرجل كردي مسن وبيده سيجارة، وصورة امرأة مسنة كردية وعليها تفاصيل الوشم الكردي على الوجه، لينتقل بعدها للرسم أسلوب يسمى في الفن بـ “التجريدي”.
شارك بلوحاته في ثلاثة معارض وملتقيات للفن التشكيلي أقيمت على مستوى مناطق شمال وشرق سوريا، وذلك في مدن “كوباني والقامشلي والطبقة”.
بعدها خاض الفنان روميو تجربة صناعة التماثيل والهياكل الصغيرة، ورغم صعوبة الحصول على المواد التي يحتاجها هذا الفن، إلا أنه يعتبرها تجربة ساهمت في تطوير مهاراته في الفن.
تجربة جديدة
يقول روميو، إنه بدأ مؤخراً بخوض تجربة جديدة، عبر الرسم باستخدام المطرقة على الزجاج، وهي تجربة استلهمها من مشاهدة ومتابعة فنانين على الإنترنت.
ويضيف أنه بدأ بخوض هذه التجربة، التي لم يمارسها أي فنان في المنطقة، عبر رسم عدة لوحات، وصل عددها إلى أربع، مشيراً إلى أنه ورغم صعوبة هذا الفن، لكنه يعتبره ممتعاً، حيث أن “أصوات ضربات المطرقة على الزجاج والضجيج الناتج عن ذلك يخلق روحاً جديدة”.
ويتابع أن المواد المستخدمة في هذا الفن يقوم بصنعها بنفسه، سواء أكانت مطرقة أو أزميل أو أي أداة أخرى يستخدمها للرسم على الزجاج، إلا أنه يعاني من توفير الزجاج الخاص بهذا الفن.
وتحتاج اللوحة أو الصورة التي يتم رسمها على الزجاج، أن تتضمن الظل والإضاءة، أو النور والظلام، فجزء من اللوحة وهي الخلفية تكون باللون الأسود التي تمثل العتمة أو الظلام، والجزء الآخر من اللوحة التي ترسم بالمطرقة هي الإضاءة.
ويذكر الفنان أن أول تجربة له للرسم على الزجاج، بدأها برسم صورة للفنان والمخرج الأمريكي جورج كلوني، فيما كانت تجربته الثانية رسم صورة لوجه فتاة، وبعدها رسم صورة لمسن وهو يصرخ، وأخيراً رسم صورة صديق له.
صعوبات
تحتاج كل لوحة من الرسم على الزجاج، للعمل ثلاثة أيام بحسب روميو، أما الصعوبات التي يواجهها بممارسة هذا الفن، فتكمن في مخاطر تتطاير قطع الزجاج الصغيرة أثناء ضربها بالمطرقة.
ويرى روميو أن الرسم بالمطرقة على الزجاج يحتاج لوضع نظارة خاصة، وأيضاً وضع سماعة من أجل الضجيج الذي يرافق عملية الضرب بالمطرقة على الزجاج.
ويقول إن الصعوبة الأكبر تكمن في توفير وتأمين لوحات الزجاج، فهي غير متوفرة في المنطقة، والمتوفر منها ذات أحجام صغيرة فقط وربما لا تكون من النوعية المخصصة لهذا الفن.
ويعمل روميو على تأمين وتوفير لوحات زجاجية بحجم كبير من خارج المنطقة، لرسم لوحات تعبيرية، أو لرسم شخصين أو وجهين في لوحة واحدة.
ويقضي روميو معظم وقته في مرسمه، الذي يعتبر مكاناً يؤمن له الراحة النفسية، ويقول روميو: “عندما أدخل إلى المرسم وأرى لوحاتي ونتاج جهدي وتعبي الفكري والجسدي لسنوات عديدة، أرى الحقيقة وارتاح نفسياً من ضغوط الحياة، فلذلك أقضي معظم وقتي هنا”.