بين الوعود البراقة والاستغلال.. رحلة الطلاب السوريين نحو المعهد العالي للفنون المسرحية
صفاء سليمان – دمشق
يرتاد إبراهيم، طالب في معهد الخاص اسمه “مدرسة الفن” وهو معهد مرخص متخصص بتدريب التمثيل وذلك بعد أن رفض 5 مرات متتالية من القبول المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق.
ويقول لنورث برس، “بعد رفضي خمس مرات من الالتحاق بالمعهد العالي، تقدمت إلى هذه المدرسة، انا حالياً في الكورس الثالث”.
وانتشرت في الأعوام الأخيرة، معاهد ورشات تدريبية، كما افتتحت جامعات خاصة فروع لتدريس المسرح والسينما و تعليم التمثيل مثل جامعة المنارة في اللاذقية والجامعة السورية الدولية.
المثير للجدل أن بعض القائمين على هذه الورشات بدأوا بتقديم وعود براقة للمشاركين، حول إمكانية قبولهم بالمعهد العالي الذي يعتبر حالماً للكثيرين من الشباب، الطامحين لتحقيق الشهرة.
وعود كاذبة واستغلال طموحات
هيثم، عضو في فرقة اليسار المسرحية في اللاذقية وقد تعرض للاستغلال من قبل بعض القائمين على الورشات التدريبية.
ويقول، “كنت أرغب بدخول المعهد العالي للفنون المسرحية، كان حلماً بالنسبة لي، وبالفعل لم أترك باباً وإلا طرقته”.
ويضيف لنورث برس، “في النهاية نصحني أحد الأشخاص بأنه يجب أن أخضع لورشة تدريبية عند شخص (لم يرغب بذكر أسمه) وهكذا أضمن القبول في المعهد”.
ووعد أحد المدربين في هذه الورشات “هثيم” بالقبول في المعهد “ولكن ذلك لم يحصل وخسرت مالي هباءً”.
ولم يشعر الشاب انه تعرض للاستغلال بسبب تأكده من أنه سيقبل في المعهد العالي للفنون المسرحية، “كون أحد القائمين على تلك الورشات عضو في لجنة القبول وهي لجنة تجري اختبارات القبول للطلاب الراغبين في التسجيل في المعهد.
المعهد ذو سمعة طيبة
ويعد المعهد العالي للفنون المسرحية والذي يتبع لوزارة الثقافة، بخلاف التخصصات الدراسية الأخرى التي تتبع لوزارة التعليم العالي، المؤسسة الحكومية الوحيدة المتخصصة بتخريج الفنانين العاملين في مجالات مختلفة تمثيلاً أو تقنيا ونقدا
وتأسس المعهد في دمشق عام 1977. على مر السنوات، خرج المعهد العديد من الممثلين والمخرجين البارزين الذين حققوا شهرة واسعة على المستويين المحلي والإقليمي.
ومن بين هؤلاء: ايمن زيدان، جمال سليمان، تيم حسن ، سلافة معمار ، قصي خولي، باسل خياط وغيرهم الكثيرين من نجوم الصف الأول الذين ساهموا بتعزيز سمعة المعهد كواحد من أهم المؤسسات التعليمية في مجال الفنون المسرحية في المنطقة.
وللتقدم للمعهد ، يجب على المتقدمين أن يكونوا حاصلين على الشهادة الثانوية وألا يتجاوز عمرهم 22 سنة. يتضمن الاختبار مشهداً تمثيلياً، مشهدا إيمائيا، إلقاء مقطع من قصيدة شعرية، مقطعا من سيناريو قصة، بالإضافة إلى اختبارات في سرعة البديهة واللياقة البدنية.
أعداد كبيرة ومقاعد محدودة
يقول إبراهيم، طالب في معهد الخاص يسمى “مدرسة الفن”، عدد المتقدمين للمعهد سنويا بالآلاف ولكن القدرة الاستيعابية للمعهد لا تتجاوز 25 طالباً.
ويضيف: الدراسة في المعهد مهمة، ولكن آلية القبول غير مفهومة بالنسبة لي”.
ويشير إلى أن المشكلة تكمن في رفض وزارة الثقافة افتتاح فروع أخرى، وهو مطلب منذ سنوات، “على سبيل المثال لا يوجد فرع تدريس التمثيل إلا في دمشق، أطالب بأن تحل هذه المشكلة ليصل أبناء المحافظات الأخرى على فرصهم بتحقيق أحلامهم”.
موقف الجامعات الخاصة
يشير الدكتور والمخرج سامر عمران، عميد ومؤسس كلية الفنون البصرية والاداء في جامعة المنارة الخاصة، أن أعداد المتقدمين للمعهد العالي الكبيرة، “لذا فأن فرصة الطالب لتقديم ذاته امام اللجنة أقل”.
ويقول لنورث برس، “ما يحصل أن الطلاب الذين يتم قبولهم في المعهد العالي هم الافضل ولكن الباقي ليسوا سيئين “.
ويحصل الراغبين في دراسة المسرح والسينما على فرصة أكبر في الجامعات الخاصة، “لأن عدد المتقدمين أقل مقارنة بعدد المتقدمين للمعهد العالي” وفقاً للعميد في جامعة المنار.
ويضيف “الجامعات الخاصة تتبع لوزارة التعليم العالي أما المعهد فيتبع لوزارة الثقافة ويلقى بعض التشجيع لأنه من المعاهد القليلة تابعة لوزارة الثقافة”.
ويؤكد المخرج كلام إبراهيم، بأن “هناك حاجة إلى عدد أكبر من المعاهد التي تدرس الفن وأن معهداً واحداً لا يحتمل قبول كل الذين يستحقون”.
ويختم حديثه بالتعليق على انتشار الورش التدريبية مؤخراً واستغلالها للراغبين أن يصبحوا ممثلين : “الورش التدريبية لن تجعل منك ممثلاً، لكي تصبح عليك إنجاز منهاج علمي يشمل مستويات متعددة تبدأ من الجسد والإيماءات وتنتهي بفن الإلقاء والصوت والتمثيل بكل تدرجاته”.