حلب.. قرار حكومي يلزم أصحاب ورش الإصلاح بدفع الملايين مقابل نقل ورشهم للريف

آردو جويد – حلب

تلقى أصحاب ورش صيانة المركبات (السيارات) في حلب إنذارا من الحكومة بضرورة نقل أماكن عملهم إلى المنطقة الصناعية في جبرين، شرق المدينة. هذه الخطوة أثارت قلق العديد من الحرفيين وأصحاب السيارات، وسط تحديات أمنية واقتصادية.

وتقع المنطقة الصناعية على طريق حلب – منبج تبعد عن مركز المدينة نحو 16 كيلو متر وتتكون من صالات مقسمة الى مقاسم عدة بمساحات مختلفة بحسب الاكتتاب الذي تم الإعلان عنه من قبل مجلس المدينة عام 2008.

مخاوف أمنية واقتصادية

لؤي (35 عاماً)، حرفي في إصلاح المركبات من حي الميدان، يقول إن الجمعية الحرفية طالبتهم بنقل ورشهم إلى المنطقة الصناعية في جبرين، التي تبعد حوالي 16 كيلومترا عن مركز المدينة، مما يزيد من معاناتهم بخصوص المواصلات وصعوبة الحصول على فرص إصلاح المركبات المتعطلة.

ويضيف لنورث برس، أن الموقع المحدد يثير قلق أصحاب الورش وأصحاب المركبات بسبب بعده عن المدينة، وقلة الوقود، وضعف الأمان في المنطقة التي تتواجد فيها قوات إيرانية مستهدفة بشكل مستمر.

وتتمركز القوات الإيرانية في مستودعات ومركز في ريف من حلب في محيط المطار على امتداد الجنوب من منطقة الحاضر، تل الشغيب، الذهبية وحتى الشرق في مخيم النيرب محلجة القطن، ومزرعة المصري، واضافة للموقع الأخير ضمن المشروع الإيراني الذي تم استهدافه من سلاح الجو الإسرائيلي قرب جسر عزيزة، وهي مواقع محيطة بالمنطقة الصناعية.  

وتعد صيانة وإصلاح المركبات من الركائز الاقتصادية في حلب، حيث توفر فرص عمل لمئات الشبان. ومع ذلك، فإن نقل الورش إلى جبرين سيؤدي إلى تكاليف إضافية، حيث يشير لؤي إلى أنه مطالب بدفع 24 مليون ليرة لإتمام عقد استئجار جديد، مما يشكل عبئا ماليا كبيرا في ظل الوضع الاقتصادي المتردي.

ويؤكد الرجل أن بعد المكان سيفقد الدخل اليومي لهم، كون أصحاب المركبات لن تقطع مسافة كبيرة لإجراء إصلاحات بسيطة وستقتصر الإصلاحات على الأعطال الكبيرة وتوقف المركبة بشكل كلي.

ويشير أيضاً أن هنالك صعوبات حول تأمين مواصلات للعمال وتأمين حراسة لتلك الورش المتواجدة، الامر الذي سيشكل خوف لدى أصحاب المركبات من تعرض سياراتهم للسرقة او سرقة محتوياتها.

“المشروع خدمي”

عبد السلام مسلاتي، عضو في جمعية الحرفيين بحلب، يقول إن المنطقة الصناعية هو “مشروع خدمي لأصحاب المركبات والحرفيين من ورش الإصلاح وهو سيخدم السكان في نقل وافراغ الضجيج من المدينة للريف، وهو مطلب من السكان الذي يعانون من الضجيج”.

ويشير “مسلاتي” لنورث برس، إلى أن مساحة المشروع يبلغ 200 هكتار ويضم 5150 مقسم سيتم الإنجاز على مراحل وانتهت مرحلتي الأولى والثانية ونقل الورش سيكون خلال الشهر القادم بعد إتمام معاملات سداد الذمم المالية للجمعية وتجهيز خطوط الكهرباء والماء للمقاسم.

ويشير أيضاً إلى أن  أصحاب الورش الذين ليس لديهم سجل مسبق في مشروع يمكنهم الاستئجار او المشاركة مع اشخاص يملكون سجل.

ورغم تأكيد “مسلاتي” على توفير خيارات أخرى مثل منطقة الراموسة الصناعية، إلا أن العديد من أصحاب الورش يعارضون النقل.

وقدم العضو في جمعية الحرفيين بحلب إحصائية حول وجود أكثر من 3 آلاف ورشة لإصلاح المركبات، وهي متوزعة بين أحياء الميدان والسليمانية، بستان الباشا، المشارقة، بستان الزهرة، المشهد، الفردوس، والشعار وبعضهم متفرق في باقي الاحياء. مؤكداً بأن الجميع سيتم نقلهم تباعاً حتى نهاية العام الجاري.

المشروع يدر أموالاً

يقول رؤوف العلي، محامي من مدينة حلب، إن المسؤولون في الحكومة جادون في عملية النقل، مشيراً إلى أن ذلك سيسبب بخسائر فادحة لأصحاب المهن الذين يساهمون بتوفير فرص عمل وتحريك عجلة الاقتصاد في المدينة.

ويشير الحقوقي إلى أن المشروع يدر أموالاً للحكومة على حساب الحرفيين، “وهي سياسة تنتهجها الحكومة ضمن خطة الجباية ورفد خزائن الدولة من أرصدة السكان”.

ويقول: “أصبحت خطط الحكومة مكشوفة للعيان، وطرق استجرار الأموال من السكان بطريقة أو بأخرى أصبح سياسة علنية”.

ومن جانبه يقول سيرج، من سكان حي الحمدانية بحلب، إن نقل جميع ورش صيانة المركبات ستسبب بخسائر بالنسبة لهم أيضاً، وخاصة إذا كانت الاعطال بسيطة.

ويضيف: “من حق الحكومة استصدار قرارات بما يناسب المدينة ولكن لأي قرار اعتبارات وعلى الحكومة أخذ بعين الاعتبار اصحاب المحال ومن يعجز عن نقل ورشهم بعين الاعتبار كونهم أصحاب الكسب اليومي”.

وطالب الحكومة في حلب بتعديل القرار ، بحيث يشمل ورشات الصيانة الكبيرة وإعادة تعمير للمركبة بشكل كامل وترك الفنيين ضمن المدينة لكسب رزقهم من الأعطال البسيطة ضمن المدينة.

وفي الختام يظل قرار نقل ورش صيانة المركبات في حلب مثيراً للجدل، حيث لم تراعي الحكومة الظروف الاقتصادية والأمنية لأصحاب الورش وحماية مصالح الحرفيين، وفي المقابل قد يحقق نقل الورش الصناعية لخارج مدينة خطوة نحو تنظيم المدنية التي تعرف بالعاصمة الصناعية للبلاد.

تحرير: تيسير محمد