شاب من الرقة يختار الأمل بعد أن دمّر الإدمان المميت ثروته

زانا العلي – الرقة

في مركز للعلاج وسط مدينة الرقة، يحاول خالد، استعادة حياته المبعثرة، بسبب تعاطيه المخدرات منذ سنوات إلى أن وصل في آخر سنتين إلى تعاطي المخدر “الشيطاني”.

يرتدي خالد شاب في الرابعة والعشرين من عمره، من مدينة الرقة، شمالي سوريا، بيجامة سوداء اللون من نوع ماليزي على يديه أوشام متعددة. يبدو متردداً ومتخوفاً من الحديث عن تجربته، إذ اشترط عدم ظهور ملامح وجهه والأوشام المرسومة على يديه على الكاميرا، خشية أن يعرفه محيطه.

ويعتبر الأشخاص المتعاطين في الرقة منبوذين وسط قلة مراكز العلاج ومصحات للمدمنين حتى للأمراض العصبية. فضلاً عن عدم تقبلهم من قبل المجتمع المعروف بأنه مجتمع محافظ.

دوامة المخدرات

بدأت رحلة الشاب مع المخدرات قبل ثماني سنوات، عندما كان في السادسة عشرة من عمره، وحينها كانت الرقة تحت سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، وبدأ بتعاطي الحشيش والحبوب المخدرة، رفقة شخص كان حينها أقرب أصدقائه لكنه اليوم لا يعلم اذا ما كان على قيد الحياة أم فارقها.

يروي الشاب قصته لنورث برس حيث بدأ بتعاطي الحبوب المخدرة ومادة الحشيش (القنب الهندي)، وصولاً إلى تعاطي مادة الكريستال الميث، المعروفة محليًا بـ “الاتش بوز”، والتي وُصفها “بالمخدر الشيطاني” ويحاول اليوم ستعادة حياته بعد أن ضاع في دوامة المخدرات في الرقة.

ورث الشاب من والده مبلغ 45 ألف دولار، لكنه أهدر 40 ألف دولار منها على شراء المخدرات. يقول بحزن شديد: “لم أدرك أن حياتي وأموالي تذهب هباءً حتى فات الأوان. كنت أتعاطى يوميًا غرامًا من الحشيش، وهي كمية كبيرة جدًا في النهاية، بعت مولدة الكهرباء، وهاتفي، وسيارتي من نوع “أتش وان”.

يستذكر الشاب في أحد المرات عندما انقطع من المال وهو بحاجة إلى مادة “الأتش بوز” ذهب إلى منزل أخيه لم يكن متواجداً الأخير فأخذ ثلاجته من المنزل وباعها ليشتري بثمنها المخدرات.

الطريق إلى التعافي

بعد أن خسر كل شيء، بما في ذلك ثروته وأسرته، قرر الشاب اللجوء للعلاج في مركز “الأمل” للصحة النفسية والعصبية، ورغم مرور شهر على توقفه عن تعاطي “الاتش بوز”، إلا أن آثار المخدرات لا تزال واضحة عليه. خلال الحديث، يكرر آيات من القرآن الكريم في إشارة منه إلى “توبته”.

يقول المختصون المشرفون على علاجه إن حالته الصحية في تحسن، لكنه لا يزال يعاني من تشتت الذهن ويفتح عدة مواضيع في وقت واحد.

ويحكي الشاب أن ذويه يقولون إنه أنفق كل ثروته على المخدرات، بينما هو يعتقد أنه أنفق ربعها فقط ولا يعرف أين ذهب بـ باقي المبلغ، مؤكدًا أنه لم يكن في وعيه حينها.

يشعر الشاب بالندم العميق والحزن على ما فقده. يتذكر قائلاً: “كنت أنظر إلى من حولي من أصدقائي وأهلي عندما أتعاطى أو أنقطع من “الأتش بوز” كأنهم أعدائي أو يكيدون لي مكيدة ليرموني في السجن.

“كنت أرى كل تصرفاتي صحيحة وأن من حولي هم المخطئون. أما الآن، فقد صحيت على حالي وأدركت أنني كنت المخطئ”. وفقاً لـه.

آفة المخدرات

في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات المصادف في السادس والعشرين من حزيران/ يونيو الجاري، أعلنت قوى الأمن الداخلي (الأسايش)، اعتقال أكثر من ثلاثة آلاف شخص بتهم ترويج وتجارة المخدرات الى جانب ضبط الآلاف من حبوب الكبتاغون وكميات من مادة الكريستال والحشيش.

وفي تصريح سابق لنورث برس، قال حسن كانو، رئيس الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شمال وشرقي سوريا، إن عدد الموقوفين بتهم المخدرات بلغ 3485 شخصًا في 2387 ملفاً.  منهم 305 ملف اتجار بلغ عدد الموقفين فيه 623 شخصاً، و542 ملف ترويج عدد الموقفين فيه 1003 شخصاً، أما ملفات التعاطي فكانت 1540 ملف بعدد الموقوفين 1851.

وفيما يتعلق بالمضبوطات أضاف كانو إن مادة الكريستال الميث بلغت 41,622 كيلوغرام. و 272,575 كيلو غرام من مادة الحشيش، و 275 سجائر حشيش، و 16,241 إبرة مخدرة، و 3,092,742 حبة كبتاجون.

وأضاف لنورث برس أن من بين المضبوطات 70,000 حبة مخدرة من أنواع مختلفة، و 570 غرام من مادة الهيروين، و35,5 غرام من الكوكائين، و541 شتلة من نبتة الحشيش، و1,745 كيلوغرام من بذور الحشيش، و117 غرام من مادة غبار الحشيش، و1,849 كيلوغرام من زيت كبتاغون، فضلاً عن ضبط مجموعات كبيرة من أدوات التعاطي.

واتهمت قوى الأمن الداخلي في بيانها قوى معادية للإدارة الذاتية بإدخال المخدرات إلى المنطقة لاستهداف المجتمع وخاصة الفئة الشابة.

يشعر الشاب الآن بالأمل في التعافي الكامل والعودة إلى حياة طبيعية. يقول: “أتمنى أن أتمكن من استعادة ثقة أسرتي وبناء مستقبل أفضل لأطفالي الثلاثة، أشعر بالندم على ما فعلت، لكنني أؤمن أن الله غفور رحيم”.

تحرير: تيسير محمد