كيف يقيم الخبراء الروس إمكانية تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة؟
موسكو – نورث برس
تتابع دوائر صنع القرار في روسيا ارتدادات عملية التطبيع المحتملة بين دمشق وأنقرة بعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان غير المسبوقة حيال كسر القطيعة وتطبيع العلاقات مع دمشق.
وقبل أيام، صرح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، من بين أمور أخرى تخص العلاقة مع سوريا، أن بإمكانه التعاون مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لتوجيه دعوة إلى الرئيس بشار الأسد لبدء عملية تطبيع جديدة للعلاقات بين البلدين.
ويأتي الاهتمام الروسي بعد أن تعثرت العام الماضي جهود الوساطة التي اشرفت عليها موسكو لنحو سنتين، بعد أن رفضت أنقرة الامتثال لشرط الحكومة السورية بانسحاب القوات التركية من سوريا كشرط مسبق لتطبيع العلاقات.
وجاء ذلك بعد أول لقاء رسمي منذ عام 2011، جمع بين وزيري الخارجية السوري فيصل المقداد والتركي مولود جاويش أوغلو في موسكو، وصف حينها بلقاء التطبيع، لكنه تعرض للجمود بعد ذلك قبل أن تعاود أنقرة إعطاء زخم جديد للتقارب مع دمشق.
وفي هذا السياق، كان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف صرح بأن عقد لقاءات بين الرئيسين السوري والتركي وكذلك عملية تطبيع العلاقات بين البلدين، يعتمد في المقام الأول على الإرادة السياسية لأنقرة ودمشق.
تنسيق مسبق
يرى المختص في شؤون الشرق الأوسط، أندريه أونتيكوف، بأن قرار أنقرة بالتطبيع مع دمشق تم اتخاذه بالتنسيق مع الولايات المتحدة، في أجواء بات واضحاً فيها أن جميع دول المنطقة ودول غربية مهتمة بتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة.
ووفقاً لأونتيكوف فإن ارهاصات التقارب بين سوريا وتركيا جاءت نتيجة دعم من روسيا والصين وإيران وتشجيعاً أيضاً من دول عربية مؤثرة مثل السعودية والإمارات والعراق.
ويضيف لنورث برس، أن القناعة التركية تبلورت بأن مقاربة الملف السوري لم تعد ممكنة دون مراعاة التحولات الجيوستراتيجية التي حصلت مؤخرًا في المنطقة، ومن أبرزها الانفتاح العربي والخليجي على دمشق وانهيار جولات صيغ جنيف وسوتشي وأستانا على ضوء فشلها في فرض الإرادة التركية في شمال سوريا.
ويتابع أونتيكوف بأن نجاح عملية التطبيع، في حال انطلقت ستكون مشروطة بالتزام أنقرة باحترام وحدة الأراضي السورية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
ويذكر أن التباينات بين المكونات السياسية في سوريا هو أمر متروك لعملية الحوار الوطني الشاملة داخل البلاد، وتثبيت هذه الاتفاقيات بضمانات دولية وإقليمية، بحيث لا يتم التراجع عنها أو خرقها، بما في ذلك بحال تغير الحكم في تركيا.
فك ارتباط ومصالح تجارية
أما بحسب محلل الشؤون الدولية، دميتري كيم، فإن تركيا باتت قاب قوسين أو أدنى من التفريط بعلاقتها مع المعارضة السورية المسلحة التي دعمتها لسنوات طويلة، وهو شرط أساسي لتحقيق تسوية توافقية مع دمشق وإعادة العلاقات معها إلى المستوى السابق.
ويشير لنورث برس، في هذا السياق إلى “تصريح لافت” لأردوغان قال فيه أنه “فقط المسلحين هم من يعارضون التطبيع المحتمل للعلاقات بين تركيا وسوريا”.
توقع كيم أن تكون بغداد هي العاصمة التي سيعلن منها إستئناف العلاقات بين دمشق وأنقرة كونها الأكثر قبولًا لدى كافة الأطراف كمكان لهذا الحدث، وليست أي عاصمة أخرى يمكن أن يسجل هذا الحدث لصالحها في حال حدث، بما في ذلك موسكو أو طهران أو بكين.
يضيف الخبير الروسي أن مثل هذا التقارب يأخذ في عين الاعتبار أيضاً المصالح التجارية لتركيا التي لطالما كانت سوريا تشكل ممراً شبه حتمي لمرور البضائع التركية المتجهة إلى دول الخليج وغيرها.