سامر ياسين – الحسكة
في بلدة تل تمر بريف الحسكة، يبدأ النازحون يومهم في مدرسة “مصعب بن عمير” كما في جميع مراكز الإيواء بالمنطقة، بإخراج ألواح الطاقة الشمسية لشحن هواتفهم ومراوحهم التي تعمل على البطاريات، والتي تساعدهم لبضع ساعات في مواجهة حرارة الصيف اللاهبة.
يقطن في تل تمر وريفها حوالي ألفي نازح، توزعوا على 10 مدارس ومراكز إيواء منذ اجتياح تركيا لمنطقة سري كانيه (رأس العين) أواخر عام 2019.
ومع بداية فصل الصيف هذا العام، ازدادت معاناة النازحين بسبب الارتفاع في درجات الحرارة، التي بلغت 48 درجة مئوية، بالإضافة لانعدام وسائل التبريد مثل المراوح والمكيفات نتيجة الوضع المادي المتدهور والنقص الحاد في الكهرباء.
كما أن النازحين يعانون من استخدامهم للمياه بكميات محدودة وغير الصالحة للشرب، مما أثر سلباً على صحتهم، خاصة الأطفال الذين يعانون من أمراض هضمية وجلدية.
وضع مأساوي
تصف سناء حمود (30 عاما) الوضع في مركز الأيواء بالـ “مأساوي”، خاصة في الصيف، وتقول: “نعيش معاناة لا توصف بسبب نقص الكهرباء والمياه”.
نزحت سناء من سري كانيه عند شن تركيا رفقة فصائل المعارضة الموالية لها هجوماً على المدينة، وتعيش حالياً مع والدتها وطفليها بعد أن فقدت زوجها خلال الحرب.
وتشكو المرأة عند حديثها لنورث برس، من الاضطرار لشراء قالب ثلج يومياً بسعر 16 ألف ليرة سورية، والمياه بمبلغ 25 ألف ليرة. تقول: “الكهرباء تأتينا في أوقات لا نحتاجها، غالبا من الرابعة فجراً إلى الثامنة صباحا”.
وتقول سناء إنها طالبت مراراً من بلدية الحسكة بحفر بئر في المدرسة لتوفير المياه، لكن لم تتلقى الموافقة حتى الآن.
وتضيف: “نعاني من ارتفاع حرارة الأطفال والأمراض كالحمى المالطية وآلام المعدة بسبب شرب مياه غير صالحة للشرب”.

أطفال مرضى
خولة عبد العزيز، نازحة من قرية العريشة بريف سري كانيه، تشكو أيضاً من ارتفاع درجات الحرارة وتأثيرها السلبي على أطفالها، الذين يعانون من آلام في المعدة وأمراض مستمرة.
وتقول: “درجات الحرارة مرتفعة جداً، ولا نملك وسائل تبريد أو كهرباء كافية، ونعاني من نقص كبير في المياه”.
وتؤكد خولة أن الأطفال خاصة حديثي الولادة، يعانون من إسهال وارتفاع حرارة مستمر بسبب عدم توفر وسائل التبريد واستخدام مياه غير صالحة للشرب.
حمود الشيخ صالح (43 عاماً)، نازح آخر، يشكو نفس المعاناة، ويقول: “الأطفال يعانون من الإسهال وأمراض متعلقة بالحرارة بسبب استعمال مياه غير صالحة للشرب وتعرضهم لأشعة الشمس”.
ويضيف: “نقوم بشكل يومي بتبليل ملابسنا بالمياه ونجلس داخل غرفنا لتخفيض الحرارة في جسمنا قليلاً، ولكن الأطفال لا يتحملون هذا الشيء، ونقوم بإسعافهم في اليوم الواحد أكثر من مرة للطبيب”.
انتشار الأمراض
يقول حسان الحسن، طبيب أطفال في مشفى “زاو سينغ” في بلدة تل تمر بأنهم يستقبلون يومياً من 40 إلى 50 طفل، بسبب ارتفاع درجات الحرارة واستخدام مياه ملوثة غير صالحة للشرب.
ويضيف: “أكثر من نصف الأطفال يعانون من إسهال وإقياء وجفاف، إلى جانب حساسية جلدية وحروق بسبب التعرض لأشعة الشمس في أوقات الذروة”.
ويحذر الطبيب من خطورة استمرار هذه الحالة، وينبه على ضرورة الحفاظ على النظافة العامة، وتجنب تعرض الأطفال لأشعة الشمس المباشرة، وتوفير مياه نظيفة لهم.
فيما يطالب النازحون في المدرسة بحلول جذرية لارتفاع درجات الحرارة وتوفير مياه صالحة للشرب، وتوفير الكهرباء ووسائل التبريد لتجنب تعرض الأطفال وكبار السن للأمراض.