فوضى السلاح في درعا.. بين الدفاع عن النفس وتخوف من تجدد الحرب

مؤيد الأشقر – درعا

تعيش محافظة درعا منذ ست سنوات تقريباً حالة من الفوضى والفلتان الأمني يترافق مع انتشار للسلاح الفردي بشكل كبير بين السكان ما يتسبب بمقتل العشرات شهرياً.

ويعتبر انتشار السلاح بين السكان في مثل هذه الفترة التي تغيب فيها السلطة من أكثر الأمور التي تشكل عائق أمام خلق بيئة آمنة ومستقرة.

ولا يكاد يمر يوم في درعا وريفها إلا وتشهد حالات خطف أو قتل أو اشتباكات، يرجعه ناشطون ومراقبون في كثيرٍ من الأحيان إلى انتشار السلاح بشكل كبير بين السكان.

دفاع عن النفس

ويقول سليم المحاميد (36عاماً)، أحد عناصر المعارضة المسلحة سابقاً في درعا، لنورث برس، إنه “لا ينكر بأنه لا يزال يحتفظ بسلاحه الخفيف الذي كان يستخدمه لمحاربة القوات الحكومية قبل اتفاق التسوية عام 2018”.

ويضيف أنه لم يحتفظ بالسلاح حتى اليوم بهدف استخدامه في المناسبات والأفراح على غرار الكثيرين من الشبان الذين نشاهدهم اليوم يطلقون الرصاص في المناسبات وهم ليس من عناصر المعارضة سابقاً بل مراهقين تمكنوا من شراء السلاح من التجار.

ويشدد أن الاحتفاظ بالسلاح بالنسبة له هو للدفاع عن النفس في زمن بات فيه الفلتان الأمني أمراً يؤرق معظم سكان المنطقة.

ويرى أنه إلى جانب ذلك هو عدم الثقة بالقوات الحكومية بالنسبة لعناصر المعارضة السابقين والتخوف من شن عملية عسكرية على مناطق تواجدهم في يوم من الأيام، “بالتأكيد سيكون هناك مواجهة مسلحة بين الطرفين”.

ويشير محاميد إلى أن “القوات الحكومية في عام 2021 شنت عملية عسكرية على مدينة درعا، ولو لم يواجهها عناصر المعارضة السابقين كانت ستتمكن من دخول المنطقة واعتقال العشرات من الشباب وسلب محتويات منازل المدنيين”.

سلبيات كثيرة

من جانبه يقول عادل السلمان (58 عاماً) ، وهو اسم مستعار لأحد وجهاء ريف درعا الشرقي، لنورث برس، إن السلاح بات موجوداً في أغلب منازل المنطقة وهو أمر لم يعد يخفى على أحد، ولانتشار السلاح سلبيات كثيرة هذه الأيام”.

ويشير السلمان، إلى أن “إطلاق النار أصبح من الأمور المعتاد عليها حيث يسمع صوته يومياً ما يتسبب بترويع الأطفال والنساء، لكن استخدامه في المشاجرات بين السكان من أكثر الأمور التي أودت بحياة العشرات”.

ويؤكد أن استخدام السلاح في الخلافات أدى إلى خلق بيئة يسودها الحقد والانتقام بسبب صعوبة حل الخلاف بعد سقوط قتلى وجرحى، على عكس السنوات السابقة حيث كان يستخدم في الخلافات العصي والحجارة وتكون الأضرار بسيطة جداً ويكون التوصل إلى الحل أكثر سهولة.

ويضيف: أن سكاناً في درعا وريفها كانوا في يمتلكون السلاح قبل عام 2011 بسبب طبيعة المنطقة الحدودية حيث يعتبر الحصول على السلاح أمر سهل، لكن ليس بهذه الكميات وكان يتم إخفاءه خوفاً من المداهمات حيث يتعرض مالكه للمسائلة والسجن لسنوات.

ضبط مستحيل

ويقول عبادة المصاروة (48 عاماً)، وهو اسم مستعار لقائد فصيل معارض سابق إن عملية جمع السلاح وضبطه في الوقت الحالي من المستحيلات.

ويوضح لنورث برس، أنه منذ عام 2018 حتى اليوم لم تشهد درعا وريفها أي مبادرة لضبط السلاح.

ويذكر أنه “ليس من المتفائلين بأن هذا الأمر سيحدث في المستقبل القريب لأن جمع السلاح يحتاج إلى سلطة تنفيذية تفرض على السكان تسليمه وتحاسب كل من يملك السلاح ويمتنع عن تنفيذ الأوامر”.

ويشدد على أن المنطقة يتواجد فيها الآلاف من قطع السلاح حيث كانت تستخدم في قتال القوات الحكومية قبل اتفاق التسوية.

ولا يخفى على أحد أن العشرات من الفصائل كانت موجودة وجميعها تمتلك السلاح الموزع على عناصرها ولم يتم تسليمه لأن اتفاق التسوية ينص على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط فقط، بحسب المصاروة.

ويضيف أن تجارة السلاح انتعشت في هذه الفترة حيث بات الكثير من الأشخاص يعملون على البحث عن السلاح وشراءه في الوقت الذي يتخوف السكان بأن يكون هناك مجموعات أو تنظيمات تقف وراء عمليات الشراء.

تحرير: محمد القاضي