دلسوز يوسف – الحسكة
مع اشتداد موجة ارتفاع درجات الحرارة في مدينة الحسكة، شمالي سوريا، يدق مسؤولون في المدينة ناقوس الخطر نتيجة انخفاض منسوب مياه آبار تغذي نحو مليون نسمة.
وتعاني مدينة الحسكة والبلدات التابعة لها، من نقص في المياه بعد قطع القوات التركية مياه محطة علوك بريف مدينة سري كانيه (رأس العين) الخاضعة لسيطرتها منذ أواخر عام 2019.
ويعتمد السكان اللذين باتت أزمة المياه شغلهم الشاغل على الآبار الموجودة في منطقة الحمة (15 كم) شمالي الحسكة، وذلك عبر الصهاريج الذين يعملون على مدار الساعة ضمن المنطقة.
انخفاض المنسوب
وبينما تتنقل الصهاريج ذهاباً وجيئة لنقل المياه، يشير حسين حاتم وهو صاحب منهل للمياه في منطقة الحمة التي يتواجد فيها عشرات الآبار بالقرب من نهر الخابور، أن منسوب المياه انخفض كثيراً.
ويقول الرجل الأربعيني لنورث برس: “الصهريج الذي كان يمتلئ بـ 10 دقائق حالياً يستغرق نصف ساعة بسبب انخفاض منسوب المياه، سابقاً كنا نسحب المياه من عمق 30 متر حالياً بالكاد نسحب المياه من عمق 70 متراً”.
واشتكى حاتم من ارتفاع تكاليف التعبئة مع انخفاض المنسوب، قائلاً: “تأخر تعبئة الصهاريج يزيد من استهلاك المحروقات لذلك يسبب خسائر كبيرة بالنسبة لنا”.
ويضيف: “حالياً بالكاد نعبئ صهريجين خلال ساعة، سابقاً كنا نملئ في اليوم 30 صهريجاً، لكن الآن تقلص العدد إلى النصف”.
وضاعف تأخر نقل المياه معاناة السكان نتيجة صعوبة تأمين المياه، وارتفاع تكلفة خزاناتهم المنزلية التي باتت تصل في بعض الأحيان إلى 40 ألف ليرة (نحو ثلاثة دولارات أميركية) لـ1000 لتر ماء.
وتؤثر أزمة المياه وسط موجة الحرّ الشديدة حيث تصل الحرارة لأكثر من 45 درجة مئوية، على ازدياد أعداد المرضى الذين يرتادون المشافي ولا سيما الأطفال.
بدوره يقول عبدالله محمد، وهو سائق صهريج بأن عملية تعبئة صهريجه ذات الـ 75 برميلاً بات تستغرق نحو نصف ساعة، وترتفع هذه المدة خلال فترة الظهيرة لانخفاض المنسوب أكثر بعدما كانت يملئ صهريجه بـ 7 دقائق بداية الصيف.
ويضيف لنورث برس: “هناك انتقادات للسكان من عدم توفر المياه، لكن المعضلة تكمن في المناهل بسبب انخفاض منسوبها، سابقاً كنت أوزع المياه 7 مرات في اليوم، لكن الآن بالكاد تصل لثلاث مرات”.
ويبين أن هذا التأخير يؤثر على عمله بشكل كبير في ظل قلة عدد مناهل المياه القريبة من المدينة.
ويعمل نحو 800 صهريج خاص و 50 صهريج تابع لمديرية المياه على مدار الساعة لتأمين المياه للسكان المحليين، إلا أن استهلاك المياه خلال الصيف تضعهم دون الحيلولة لتلبية حاجة السكان اليومية.
أسباب
ويوضح المسؤولين في مديرية المياه بالحسكة، أن انخفاض المياه في الآبار هي نتيجة تأخر المنطقة بالعوامل الجوية بقلة الأمطار إلى جانب انحسار مياه نهر الخابور بعد قطعه من قبل تركيا منذ سنوات.
ويقول يحيى حمي، وهو الرئيس المشارك لمديرية المياه بالحسكة، أن “عمق آبارنا حوالي 100 متر، وسابقاً كان نسبة المياه فيها نحو 30 % فارغ و70% منها ممتلئ”.
ويضيف: “لكن منذ حوالي 10 أيام منسوب المياه انخفض كثيراً حيث النسبة باتت عكسية 70 % من الآبار فارغة، لذلك سابقاً خلال ثلثي ساعة أبارانا كانت تملئ صهريج 100 برميل، لكن الآن يستغرق الوقت ساعتين ليمتلئ الصهريج”.
ويوضح حمي أن انخفاض منسوب المياه سببه الاستجرار الكبير أيضاً، “هذا الانخفاض سيدفعنا للتوجه إلى مناهل أخرى في تل براك وأم المسامير وهي بعيدة عن مركز المدينة نحو 40 كم”.
ويقول: “نعيش أزمة مياه كبيرة، وقد تجف آبارنا في الفترة القادمة مما يهدد بكارثة إنسانية كبيرة”.