كوباني.. تطعيم الأشجار مهنة متوارثة أملاً بإنتاج أفضل

فتاح عيسى – كوباني

اكتسب شعبان بكي وهو مزارع من قرية “بوبان” بريف كوباني خبرة تطعيم الأشجار من والده، عندما كان في الخامسة عشرة من عمره، ومنذ أكثر من 20 عاماً يمارس هذه المهنة لتحسين أنواع الأشجار في ريف كوباني وخاصة شجرة الفستق الحلبي.

ويعتبر تطعيم الأشجار أمراً في غاية الأهمية لدى المزارعين، من أجل تحسين نوعية الأشجار وإنتاج الثمار.

يقول شعبان بكي (38 عاماً)، لنورث برس، إنه اكتسب الخبرة من والده، الذي اكتسبها بدوره من مزارعي الفستق على الطرف الآخر من القرى الحدودية في تركيا، عندما كانت الحدود بين سوريا وتركيا مفتوحة.

ويذكر بكي أن والده جلب “أقلام تطعيم أشجار الفستق الحلبي من قرى بريف جرابلس ليقوم بتطعيم أشجاره بنفسه”، مضيفاً أن أولاد عمه وبعض أقربائهم في القرية اكتسبوا هذه الخبرة من والده.

الموعد

في 20 من شهر أيار/مايو من كل عام، يبدأ تطعيم أشجار الفستق الحلبي إلا أن تطعيم الأشجار الأخرى من الفواكه تتأخر حتى الخامس عشر من شهر حزيران/ يونيو.

ويقول بكي إن موعد البدء بالتطعيم يعتمد على الطقس، ويعتمد في ذلك على اكتمال نمو الأغصان التي تؤخذ منها “أقلام التطعيم”، مشيراً إلى أن العمل بتطعيم الأشجار يستمر حتى بداية شهر تموز/ يوليو.

ويضيف أن بعض المزارعين يستعجلون في تطعيم الأشجار وهي بعمر صغير، مشيراً إلى أن الشجرة لن تبدأ بإنتاج الثمار حتى يكتمل نموها، وبالتالي فإن نجاح تطعيم الشجرة وسرعة الإنتاج تعتمد على مدى الاهتمام والرعاية التي تتلقاها الشجرة.

ويتابع بكي أن تطعيم الشجر بشكل عام يبدأ في عمر ثلاث سنوات، على أن يكون جذع الشجرة سميكاً وليس نحيفاً، لأن تطعيم الشجرة ذات الجذع الرفيع لا ينجح دائماً، على عكس تطعيم شجرة ذات جذع سميك.

الأهمية

يذكر بكي أن 95% من أشجار الفستق الحلبي إذا لم يتم تطعيمها تصبح شجرة “ذكورية” غير مثمرة، و5% تثمر ولكن تكون ثمارها صغيرة الحجم، أو تثمر لسنتين فقط وتتوقف بعدها عن الإثمار، وبالتالي فالتطعيم ضروري لها.

ويبين أنهم يقومون بتطعيم أشجار الفستق الحلبي ببراعم من الأشجار التي تعتبر ثمارها مرغوبة في المنطقة وتعرف بالأشجار “العينتابية” بحسب قوله.

ويشير إلى أن غصن الأشجار والذي يعرف بـ “الأقلام” الذي يستخدمونه في تطعيم الأشجار يكفي لتطعيم شجرتين أو ثلاث شجرات، وهي تعتمد على مدى النجاح بالاستفادة من براعم التطعيم، كما أن استخدام السكين وربط البرعم بشكل جيد بواسطة خيط، يساهم في تشكل ونمو البرعم الجديدة.

ويرى أن مهنة “تطعيم الأشجار” تحتاج إلى خبرة، ولا يمكن أن تنجح مع الأشخاص الذين لا يمتلكون الخبرة.

بدوره اكتسب مسلم بكنادي (35 عاماً)، خبرة تطعيم الأشجار بعد أن تعلمها من عمه، منذ حوال 17 عاماً، الذي كان يقوم بتطعيم أشجارهم.

ويقول بكنادي لنورث برس، إنه بدأ بتجربة تطعيم عدة شجرات، بعد أن تعلم كيفية قص البراعم واختيارها، وكيفية تطعيم الشجرة دون أن يجرحها، ثم بدأ بمراقبتها ليلاحظ النتائج.

ويضيف أنه أحب هذه المهنة بعد أن نجحت تجربته وبدأت البراعم التي قام بتطعيمها بالنمو خلال عشرة أيام فقط.

ويذكر أن نمو براعم التطعيم يحتاج إلى فترة تمتد من سبعة أيام في ريف كوباني الغربي وتصل إلى 12 يوماً في الريف الشرقي، مشيراً إلى أن اختلاف فترة نمو البرعم سببه الحرارة والرطوبة.

مورد دخل

يقول بكنادي إن فترة “تطعيم الأشجار” تدوم 40 يوماً فقط في كل عام، وإنه يكسب خلال هذه الفترة نحو ألف دولار من العمل في تطعيم الأشجار.

ويبدأ العمل في تطعيم الأشجار من الساعة السادسة صباحاً حتى العاشرة والنصف ظهراً، ولا يمكن تطعيم الأشجار بعد الساعة الحادية عشرة ظهراً، لأن براعم تطعيم الأشجار تذبل، عندما تشرق الشمس ويكون الجو حاراً، وفي فترة المساء يتم تطعيم الأشجار بعد الساعة الرابعة والنصف مساءً حتى غروب الشمس، بحسب بكنادي.

ويذكر أن أغلب الأشجار المثمرة تحتاج إلى التطعيم للإنتاج الثمار، بينما لا تحتاج الأشجار غير المثمرة إلى التطعيم مثل شجرة السرو، لأن زراعة الشجرة بالبذور أو الشتل قد تثمر بدون تطعيم.

ويذكر بكنادي أن الأشجار تحتاج إلى الحراثة بشكل مكثف إضافة للأسمدة والري، وأن الشجرة التي يتم الاهتمام بها بشكل جيد تثمر بعد أربع سنوات من عملية التطعيم.

تحرير: محمد القاضي