آردو جويد – حلب
على مدى 12 عاماً، استمر استغلال مولدات الطاقة الكهربائية في مدينة حلب، شمالي سوريا، بترخيص خاص من الحكومة السورية، واعتبرتها الحكومة مصدراً رئيسياً لجني الملايين من الليرات للخزينة وللقائمين عليها، وأصبحت المولدات عنصراً أساسياً في حياة السكان من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والصناعية.
يقول وليد محمد، من سكان حلب (45 عاماً)، وهو أحد المكلفين بمتابعة مجموعة من المولدات الكهربائية في حي الفردوس، إن “95 في المئة من مولدات الكهرباء في أحياء حلب هي للمسؤولين، بمن فيهم محافظ المدينة”.
ويضيف: “القصر البلدي هو المرجع الأساسي لمستلزمات عمل المولدات وتعليمات التشغيل، وهو مقر حكومي تصدر منه كافة القرارات المتعلقة بتسعيرة الأمبير الواحد، والتي تحددت مؤخراً بـ 775 ليرة سورية لكل ساعة تشغيل”.
كهرباء لصالح الحكومة
ويشير محمد إلى أن استعادة المؤسسات الحكومية للسيطرة على مناطق كانت تحت سيطرة المعارضة، تسببت في حرمان العديد من أحياء المدينة من الكهرباء لأكثر من ثمان سنوات.
وبيّن لنورث برس، أن مسؤولي حلب استولوا على تجارة مولدات الكهرباء واحتكروها لصالح المحافظ وبعض أعضاء مجلس الشعب السوري.
ويؤكد أن تسعيرة محافظة حلب غير مطبقة، حيث يتم تقاضي نحو 1700 ليرة سورية لكل ساعة تشغيل بمعدل 5 ساعات يومياً، مما يكلف السكان حوالي 60 ألف ليرة أسبوعياً دون أي تدخل لمعالجة الشكاوى، كون معظم المولدات تعود لملكيتها.
ويقول إبراهيم عبدو (50 عاماً)، محاسب على مجموعة مولدات تابعة لأعضاء مجلس الشعب في شرق المدينة وبعض أحيائها الغربية، إن المجموعة تضم نحو 400 مولدة تعود لعائلة القاطرجي وبيت شهيد.
ويضيف لنورث برس: “هذه المولدات تُستخدم في أحياء المرجة، وباب النيرب، والزبدية، وكرم التراب، وكرم حومد، وكرم خصيم، وهي مناطق تابعة لعائلة شهيد، بينما تنتشر أعمال القاطرجي في أحياء الزبدية، وبستان القصر، والمارتيني، والمرديان، وحي الفرقان”.
بداية استخدام المولدات
بدأ سكان حلب في استخدام مولدات الكهرباء كبديل عن التيار الحكومي منذ عام 2012، بعد تدمير محطة حلب التوليدية نتيجة النزاع المستمر والتي كانت تولد نحو 1000 ميغاواط ودخلت الخدمة عام 2000.
وتعمل في حلب نحو 1200 مولدة مرخصة من قبل مجلس المدينة في المناطق الشرقية والغربية، وريفها، وما يقارب 90 مولدة تعمل بدون ترخيص، بحسب مكتب التراخيص التابع للبلدية.
ويشير وليد محمد إلى أن المولدات غير المرخصة لا تستلم وقوداً من شركة المحروقات وتتقاضى أجوراً تصل إلى 2200 ليرة سورية لكل ساعة تغذية في المناطق الشرقية، وتُحوّل وارداتها إلى حسابات في البنك التجاري باسم “حسين دياب” محافظ حلب، والأمانة السورية للتنمية التي تديرها أسماء الأسد.
وبعملية حسابية لعدد ساعات التشغيل التي تصل لـ 10 ساعات يومياً، يتم تحويل أسبوعياً 138 مليون و600 ألف ليرة سورية للحسابات المذكورة.
ويعتقد الموظف الحكومي أن هذا الأمر “هو السبب الرئيسي لاستبعاد الأحياء الشرقية من تغذية الكهرباء الحكومية خلال السنوات الماضية”.
حكومة بلا خدمات
ومن جانبه يقول رؤوف العلي وهو محام ومحلل سياسي من حلب، إن حرمان أكثر من مليون شخص من الكهرباء الحكومية منذ ثمان سنوات يعتبر جريمة.
ويضيف لنورث برس: “الحكومة تستخدم العقوبات كذريعة لتقصيرها، بينما تتوفر جميع المواد في الأسواق السوداء”.
ويؤكد أن انعدام قدرة الحكومة على تغذية المناطق بالكهرباء لمدة ثمان سنوات دليل على تعمدها معاقبة السكان في تلك المناطق لأسباب سياسية، حيث كانت هذه المناطق تحتضن الاحتجاجات الشعبية.