الرقة – نورث برس
أعلنت القوات الحكومية مؤخراً البدء بـ”حملة تمشيط للبادية السورية” بعد فشل حملاتها السابقة في ملاحقة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
وأمس الأربعاء، قُتل عنصرين وضابط، وأُصيب ثلاثة ضباط آخرين، من القوات الحكومية، بحادثتين منفصلتين، بريف حمص الشرقي، وسط سوريا.
وقال مصدر عسكري من القوات الحكومية، لنورث برس، إن عناصر التنظيم اشتبكوا بالأسلحة الرشاشة مع مجموعة للقوات الحكومية أثناء حملة تمشيط للقوات الحكومية في بادية تدمر شرقي حمص.
وأضاف أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل عنصرين وضابط عرف منهم الملازم “ديب المحمود”، فيما أُصيب كلاً من الرائد “سمير الأسعد”، والنقيب “محسن بدور”، والملازم أول “أسعد الأبير”، بجراح خطرة جرّاء استهداف سيارتهم بعبوة ناسفة اثناء حملة التمشيط بالقرب من تدمر شرقي حمص، وهم من مرتبات الفرقة 25 في القوات الحكومية.
وشنّت القوات الحكومية عدة حملات ضد التنظيم منذ سنوات، وعادة ما تشارك فصائل موالية لإيران والطيران الروسي، في الحملات ضد خلايا “داعش”، في البادية السورية التي تتميز طبيعتها بالوديان والجبال، ما يساعد عناصر التنظيم على التخفي، واتخاذ أوكار للاختباء وشن هجمات مباغتة.
وتشغل البادية السورية ما يقارب نصف مساحة سوريا، بمساحة 80 ألف كيلومتر مربع، تتوزع على “دير الزور، الرقة، حلب، حمص، حماة، ريف دمشق، السويداء”، وقلبها تدمر، وتمتاز باحتوائها على حقول وآبار الغاز، إضافة إلى الفوسفات، الذي كانت سوريا تحتل المرتبة الخامسة بالتصدير قبل بدء الحرب فيها.
وجاء الإعلان عن حملة جديدة بعد نحو شهر من توقف أخرى سبقتها نتيجة الخسائر الكبيرة بالعدة والعتاد للقوات الحكومية والفصائل الموالية، لكنها أتت بعد ضربات موجعة تلقتها في محيط مدينتي تدمر والسخنة، لا سيما تلك التي طالت “لواء القدس” المدعوم من روسيا.
وفي 18 نيسان/أبريل، قُتل 22 عنصراً من لواء القدس الموالي لإيران، في كمين لتنظيم “داعش” في منطقة الطيبة بريف حمص الشرقي، وتبعها في وقت لاحق تشييع “اللواء” لـ 21 عنصراً بصفوفه قتلوا في البادية خلال الشهر الجاري دون توضيح موعد مقتلهم، وكان قد سبقها حالات كثيرة منها استهداف باص مبيت أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 30 عنصراً غربي تدمر.
ومنذ أن خسر التنظيم آخر بقعة جغرافية في الباغوز بريف دير الزور عام 2019 والتي خسرها أمام قوات سوريا الديمقراطية “قسد” المدعومة من التحالف الدولي، بدأ باستراتيجية تقوم على التواجد في البادية ونصب كمائن ومصائد بشكل خاص على الطرقات الرئيسية وفي محيطها.
وغالباً ما تكون القوات الحكومية والفصائل الإيرانية كمجموعات فردية وضمن أرتال هدف سهل، وسط غياب الدعم أو الإسناد من الجو.
ويحاول “داعش” التحكم بكامل طرق البادية السورية، بحيث يكون قادراً على ضبط أو السيطرة على المنطقة، وتعتبر الطرق بوابة تمويل من ناحية تهريب الأسلحة والمخدرات والنفط الخام، وتلك تمثّل مورد تمويل كبير للتنظيم.
وتشير بيانات القيادة المركزية الأميركية إلى أن عدد عناصر تنظيم “داعش” في سوريا والعراق يبلغ نحو 2500 عنصر، أي ضعف التقديرات الصادرة نهاية كانون الثاني/يناير الماضي.
وبحسب تقرير لمركز “مشروع مكافحة التطرف” أن داعش “نفذ بشكل مؤكد ما لا يقل عن 69 هجوماً في وسط سوريا خلال شهر آذار/مارس الماضي”.
وتسببت هذه الهجمات في مقتل ما لا يقل عن 84 عسكرياً يتبعون للقوات الحكومية و44 مدنياً، وهو أكثر من ضعف العدد الإجمالي لهجمات “داعش” المؤكدة خلال عام 2024.
وكان قوات دمشق قد أطلقت سلسلة عمليات تمشيط في البادية السورية على مدى السنوات الماضية، وكذلك روسيا التي أعلنت لمرتين عن حملة بغرض القضاء على “داعش” هناك، تحت اسم “الصحراء البيضاء”.
لكن كل ذلك لم يسفر عن نتائج، بل زاد “داعش” من شراسته، وحتى أنه بات يوسع من دائرة الاستهداف على صعيد الرقعة الجغرافية.
في السياق، قال بيل روجيو وهو عامل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن، لـ”فويس أوف أميركا” إن داعش “يحافظ دائما على قدراته، حتى بعد فقدانه للسيطرة على الموصل والرقة ومواقع أخرى”.
وتابع: “لم يهزم أبدا.. لأننا لم نفعل ما يكفي لهزيمتهم بشكل فعلي. في أماكن أخرى مثل سوريا، سيكون من الصعب للغاية العمل لأنه مع من ستعمل؟.. من ستتعاون معه للقيام بذلك؟”.