الحسكة – نورث برس
روسيا وإيران حليفان أساسيان لدمشق منذ بدء الاحتجاجات في سوريا، لكن ثمة صراع سلطة ومصالح بين الاثنان في عموم سوريا لكن في جزيرتها يبدو إن ثمة صراع من نوع آخر.
يتمحور الصراع حول السيطرة على الأفرع الأمنية الحكومية وكسب ولاء العشائر وتشكيل أذرع لتنفذ مخططاتها في المنطقة والتي غالباً ما تستهدف التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
سباق لتبني فروع أمنية
تسعى إيران وروسيا إلى فرض سيطرتهما في الحسكة والقامشلي من خلال كسب تحالفات على الأرض سواء من الأفرع الأمنية لحكومة دمشق أو من وجهاء العشائر والقبائل العربية المقربة من حكومة دمشق، حيث تتبنى روسيا فرع الأمن العسكري ومجموعة عسكرية تطلق على نفسها تسمية “أنصار الأمن العسكري” وتتبع بالكامل للقوات الروسية من خلال التمويل وحتى من جهة تنفيذ الأوامر.
بالمقابل ردت إيران بالسعي والنجاح لتبني الدفاع الوطني وفرع أمن الدولة وأنصاره وإنشاء مجموعات مسلحة أخرى من أبناء العشائر ووضعها تحت يدها لبسط نفوذها وتعزيزه في المنطقة من خلال هذه الجهات، يقول مصدر حكومي مطلع.
وسعت إيران مؤخراً للسيطرة على نقاط مهمة في الحسكة أهمها المربع الأمني في قلب المدينة واستطاعت تعميق نفوذها بجهود من الدفاع الوطني، كما حصلت على نقطة استراتيجية مهمة قريبة من أهم معقل وقاعدة عسكرية لموسكو في شمال شرقي سوريا وهي مطار القامشلي حيث تتواجد إيران بقوة في منطقة طرطب جنوبي القامشلي، وطول الطريق الواصل من دوار زوري حتى قريتي حامو والقصير لتضع فيها عناصر ومجموعات تابعة لها ومراكز تدريب عسكرية مهمة.
حشد عشائري إيراني
دأبت إيران إلى استقطاب شيوخ القبائل والعشائر في الجزيرة السورية أجل تشكيل قوى عسكرية أشبه بقوى “الحشد الشعبي” الموجودة في العراق وكانت أقوى تلك الخطوات هي محاولة تشكيل قوى من أبناء العشائر قبل أعوام على يد شخص يدعى “علي حواس الخليف”، وهو أحد أفراد قبيلة طي العربية.
يقول أحد أفراد قبيلة طي من ريف القامشلي، لنورث برس، والذي رفض الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية، إن “علي حواس الخليف كان مدعوماً من إيران وتم تمويله لإنشاء قوة عشائرية ولكنها فشلت بسبب معارضة بعض شيوخ القبائل لها والغاية الأولى من تفشيلها هو عدم رغبتهم بظهور الخليف في الواجهة وتصدره عليهم أمام إيران والحكومة السورية”.
وقامت إيران خلال الأعوام السابقة بدعوة عدد من شيوخ قبائل وعشائر الجزيرة السورية لزيارة طهران وبالقعل تمت عدة زيارات والتقوا بقيادات عسكرية وسياسية إيرانية عالية المستوى، وذكر المصدر الحكومي أن اعضاء الوفد ذات مرة كانوا من قبيلة طي وقبيلة الشرابيين وعشيرة حرب وعشيرة المعامرة.
ولم يعرف المصدر سبب الزيارة الحقيقي لكنه رجح انها متعلقة بالتواجد الإيراني في مناطق شمال وشرقي سوريا، وتشكيل قوة منافسة لروسيا على الأرض بإمرتها، والتخطيط لاستهداف قواعد أميركية ودورياتها.
موسكو حاضرة في أهم موقع استراتيجي
تسيطر روسيا على أهم نقطة استراتيجية وحيوية في القامشلي والجزيرة السورية برمتها، وهي مطار القامشلي الدولي والذي يمكنها من معرفة جميع ما تقوم به إيران وفصائلها وحكومة دمشق من أمور داخل الحسكة والقامشلي كونها البوابة الوحيد والمنفس الوحيد للطرفين.
ولا يعرف بالضبط كم عدد الجنود الروس ضمن المطار لكن مصادر من ضمن المطار قال إن العدد بالمئات.
وخلال معركة حي الطي بالقامشلي بين قوى الأمن الداخلي (الأسايش) ومجموعات الدفاع الوطني في نيسان/ أبريل لعبت روسيا دور الوسيط بين الطرفين وكان مطار القامشلي حاضناً للقاءات عدة والتي أفضت في النهاية إلى خروج “الوطني” من الحي.
مع بروز الدور الروسي في المنطقة، أوكلت إيران مهمة التمدد في الحسكة إلى حزب الله اللبناني تجنباً منها لعدد من الحساسيات والتعقيدات في المنطقة في ظل وجود أقطاب دولية هامة كالقوات الأميركية والقوات الروسية المتمركزة في مطار القامشلي، وفقاً للمصدر.
تمدد حزب الله
بدأ “الحاج مهدي” اللبناني وهو من قياديي حزب الله اللبناني آنذاك بمهمة التمدد الإيراني في المنطقة، وعمل على دعم وإعادة هيكلة الدفاع الوطني وكتائب البعث تحت مسمى “قوات المهام” التي ظهر دورها الخفي في معركة حي طي.
وافتتح حزب الله في العام 2022 مكتباً للتطوع تحت مسمى “مكتب الاستقطاب” ويقع في قلب المربع الأمني في مدينة الحسكة بالقرب من فرع “حزب البعث” وفرع الأمن العسكري، ويدير المكتب “الحاج رائد خلف” وهو قائد كتائب البعث ويشرف عليه بشكل مباشر “الحاج مهدي” اللبناني.
وتتمحور مهمة المكتب في تجنيد الشبان من أبناء العشائر العربية، ليتم نقلهم وإجراء دورات تدريبية لهم في فوج طرطب أو في الديماس بريف دمشق أو في لبنان.
إزعاجات لأطراف دولية
يقول أحد عناصر الدفاع الوطني سابقاً وأحد الملتحقين بالقوات التي انشأتها إيران حالياً، لنورث برس، إن “إيران توجهنا نحن كأبناء القرى التي نخضع لسيطرة الحكومة بريف القامشلي الجنوبي باعتراض الدوريات الأميركية ورشقها بالحجارة وتصوير تلك الأفعال لتبيينها على أنها ردود شعبية”.
ويضيف أحمد الذي يرفض الكشف عن كنيته، “لا نحب إيران ولكننا كنا بالدفاع الوطني ونحن مطلوبون لقسد أمنياً بسبب انتمائنا السابق، ولا نستطيع الدخول لمناطقها لذلك نحن مجبرون على العمل مع الفصائل الإيرانية من أجل لقمة العيش وبراتب زهيد جداً”.
ويشير إلى أنهم ينتشرون في 30 قرية بجنوب القامشلي ونقطة قوتهم هي بقرية طرطب التي يتواجد بها التدريب وقيادة الفصائل التابعة لإيران وغالبية المقرات القيادية التي تنتشر بين قرية ذبانة ودوار زوري على طريق إم فور.
ويوضح أن “روسيا متضايقة من وجودهم بتلك المناطق وأنهم على خلاف مع الأمن العسكري لأن تمويلهم الكامل من روسيا بعكس الفروع الأخرى التي تربطهم بها علاقات طيبة”، وفقاً لكلامه.