“الأمل بالسفر”.. جامعيون سوريون يحلمون بالهجرة

راما الصباح – دمشق 

يعيش جامعيون سوريون في مناطق سيطرة الحكومة السورية حالة من الإحباط واليأس بسبب التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجههم. فبعد التخرج، يجد الكثير منهم صعوبة في العثور على فرص عمل مناسبة، وإن وجدت فإن الرواتب تكون غير كافية لتغطية نفقات الحياة الأساسية.

في ظل هذه الظروف جعلت من امتلاك منزل أو الزواج وتكوين أسرة أحلاماً بعيدة المنال، مما دفع العديد منهم للتفكير في الهجرة كسبيل لتحقيق “حياة أفضل”.

“يا رب هجرة بلا رجعة”

من خلال جولة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر الرغبة العارمة في الهجرة، حيث تنتشر منشورات وصفحات تعبر عن أمل الشباب في السفر بعد أن ضاقت بهم الحل. وبعضها يحمل عناوين مثل “يا رب هجرة بلا رجعة”.

حساب مصطفى رمضان واحد هذه الحسابات التي رصدتها نورث برس على موقع “فيسبوك”، حيث وصف العيش في سوريا بـ “الموت البطيء”، قائلاً: “بدي سافر.. ولله لو بضل بعمري يوم بدي أطلع من هالموت البطيء يلي عن عيشوا كل يوم بهالبلد”.

“الأمل بالسفر”

يزن، طالب في كلية الفنون الجميلة، الذي يحلم بتحقيق ثروة. يقول: “الظروف في هذا البلد صعبة للغاية، ولا أمل إلا بالسفر”.

ويشير إلى أن  انقطاع الكهرباء والغلاء وشح الرواتب تجعله لا يفكر سوء بالهجرة، مضيفاً “حتى تكاليف دراستي بالكاد أستطيع تأمينها”.

عبد الرحمن، طالب في السنة الرابعة بكلية الهندسة، يقول هو الأخر إنه يحلم بالسفر “لأن فرص العمل هنا شبه معدومة. نحن بحاجة لتأمين مستقبل أفضل لأنفسنا”.

أما  محمد وهو طالب في السنة ثالثة اختصاص معلم صف يقول: “أرغب في السفر إلى اليابان حيث يُقدر دور المعلم أكثر من الاختصاصات الأخرى”، مشيراً إلى قلة الاهتمام بهذه المهنة في سوريا.

 ويضيف: ” بالرغم من تعلقي ببلدي وحبي لها، لكن الظروف الصعبة التي نعيشها هنا تدفع الجميع للتفكير بالسفر”.

أما عبد الله، طالب في كلية الهندسة المدنية، يحلم بأن يصبح مهندساً ناجحاً ويسافر خارج البلاد ليساعد عائلته على تجاوز الوضع الاقتصادي الصعب. ويقول: “أرغب في المساهمة في تحسين وضع عائلي التي تعبت من أجلي”.

ومن جانبه يقول أحمد البحري، مهندس زراعي إن الغلاء دفعه للتفكير بالهجرة قائلاً “هنا لا توجد حياة، وأريد السفر لأبحث عن حياة أخرى أفضل”.

الهجرة هروب من.. 

وإلى جانب الدافع الاقتصادي والمعيشي، يضطر آلاف الشبان في مناطق سيطرة الحكومة السورية إلى الهجرة بعد بلوغهم سن 18 أو بعد انتهاء دراستهم الجامعية تفاديا للخدمة الإلزامية في صفوف الجيش النظامي، وما قد تنطوي عليه من مخاطر.

يقول نورس في حديثه لنورث برس، إنه فضلّ الهجرة إلى العراق لأنه مطلوب للخدمة الألزامية وهو غير راغب في الانضمام، مشيراً إلى أنه لا يعرف نوعية المهمة التي سيوكل بها في حال ألتحق أو المدة المحددة لخدمته.

ويضيف: “تخلفت مرتين ولم استطيع الحصول على موافقة التأجيل، وتشيجع من عائلتي غادرت دمشق، ولا أفكر بالعودة حالياً”.

 ويضيف أيضاً: “السفر كان الأمل الوحيد لمتابعة حياة فيها أدنى مستويات التخطيط وتحقيق الانجازات الشخصية”.

ورغم محاولات الدول الأوروبية الحد من الهجرة غير النظامية ابتداءً من عام 2016 بإقامتها الأسلاك الشائكة على الحدود ومراكز احتجاز اللاجئين سيئة السمعة باليونان ومقدونيا وغيرها، إلى جانب المخاطر الجمة والظروف المناخية السيئة التي يواجهها اللاجئون في طريق لجوئهم برا أو بحرا، فإن حلم الهجرة ما يزال يراود الكثير من السوريين في مناطق سيطرة الحكومة السورية وسائر البلاد نتيجة للتدهور غير المسبوق في مستوى المعيشة، وازدياد معدلات الفقر والبطالة بنسب كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن هناك 5.5 مليون لاجئ سوري في دول الجوار منذ عام 2011، كما توضح تقارير أخرى أن 90% من السكان في سوريا يعيشون تحت خط الفقر منذ عام 2020، وأن 12.4 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

تحرير: تيسير محمد