خطأ طبي أفقده قدرته على المشي.. قصة الصمود والتحدي في وجه الإعاقة

القامشلي – نورث برس

من باحة منزله في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، يروي ريناس عيسى الأربعيني رحلته الشاقة  كضحية لخطأ طبي، وصراعه المستمر للنهوض من جديد.

كانت بداية مأساة الشاب، عندما تعرض لخطأ في التلقيح مما أدى إلى فقدانه القدرة على المشي، وهو في سن الطفولة.

خطأ أثناء التلقيح

تتذكر والدة الشاب أمنية ملك الحادثة المروعة التي حلت بالعائلة منذ أن كان ابنها في السنة الأولى من عمره، “ذهبنا إلى مركز التلقيح لأخذ اللقاح الأول، شكك زوجي بأن اللقاح قد يكون قد انتهت صلاحيته أو يوجد خطأ ما، وبعد ذلك أصيب ابننا بحمى لمدة يومين متتاليين.”

وتضيف “أخذناه إلى الطبيب وأعيد له التلقيح مرة أخرى، لكن بعد ذلك لم يتمكن من تحريك أحد قدميه وبعد الجرعة الثانية فقد كلتا قدميه”.

بعد ذلك، قامت العائلة بزيارة الأطباء في حلب في محاولة لإنقاذ ريناس من الشلل الكامل، حيث أجري 5 عمليات جراحية لتمكينه من استعادة حركة أطرافه والمشي باستخدام عصا مساندة.

“لقد أكد لنا الأطباء في حلب، أن ابننا أصيب بسبب خطأ أثناء التلقيح.”

ومنذ ذلك الحين، توقفت الأم عن أخذ أطفالها وأحفادها للتلقيح خوفاً من تكرار نفس الخطأ.

طفولة قاسية

كانت طفولة ريناس قاسية، نظراً لشعوره بالاختلاف عن غيره من الأطفال. ويراقب بحزن تحركاتهم وهو غير قادر على الحركة بنفس الطريقة.

 “لم أعيش طفولتي، لم أكن كبقية الأطفال.” بهذه الكلمات يبدأ ريناس حديثه لنورث برس.

ويضيف: “لم أكن أعرف شيئاً عن وضعي الصحي، إلا حينما حان موعد التحاقي بالمدرسة، رأيت الأطفال يركضون ويلعبون، أما أنا كان يجب أن يكون لي مرافق دائم”.

في بسبب حالته الصحية والحواجز النفسية التي واجهها، ترك ريناس المدرسة وهو سن 14 عاماً، يقول: “تركت المدرسة بسبب الإعاقة التي أعاني منها، ومن ثم بدأت رحلة جديدة في حياتي”.

“بيد واحدة سأفعل الكثير”

“وجدت مصادفة شخصاً يعاني من نفس الإعاقة، فقد قدرته على المشي بسبب خطأ في التلقيح، ولكنه كان يستخدم جهازاً للمساعدة في المشي.” يتذكر ريناس.

ومن هنا، جاءت الفكرة الجديدة التي استوحاها ريناس من تجربة هذا الشخص، حيث تمكن بعد ذلك من التخلص من العصا المساندة بفضل استخدام جهاز تثبيت الأطراف.

بروح يتجلى فيه الحماس والإصرار، يضيف: “بعدها أصبحت لدي يدٍ شاغرة، رددت في نفسي بأني سأفعل الكثير بها”.

وبالفعل، دخل الشاب سوق العمل وانتقل بين مهن مختلفة ليجد ما يناسب حالته الصحية، واستقر أخيراً في مهنة صيانة الهواتف المحمولة، حيث حصل على تدريب مهني لمدة أربعة أشهر وبعد ذلك فتح مركزاً لصيانة الموبايلات بالتعاون مع صديقه.

وعندما استقرت حياة ريناس، تزوج وأصبح اليوم أباً لأربعة أطفال، ومدرباً في مجال صيانة الموبايلات، حيث يقدم دورات مهنية للشباب الطموحين الراغبين في كسب مهنة لتوفير لقمة عيش لهم.

يختم ريناس قصته بكل فخر قائلاً: “المعاق هو من يستسلم لإعاقته، وأنا لم أستسلم.”

إعداد وتحرير: محمد حبش