القامشلي – نورث برس
تعاني الأمهات والأطفال في شمال شرقي سوريا من تحديات صحية تؤثر على سلامتهم ومستوى معيشتهم، فهناك أطفال يولدون بإعاقات أو أمراض ربما نتيجةً لأخطاء طبية أو نقص في خدمات الرعاية الصحية.
والطفلة جودي إبراهيم إحدى ضحايا تلك الأخطاء كونها تعاني من خلع ولادي، وهي حالة كان من الممكن علاجها بسهولة في حال تم تشخيصها بدقة وتم توفير الرعاية المناسبة لها. لكن ولسوء حظها وبسبب عدم الحصول على رعاية صحية جيدة، ساءت حالتها لدرجة أصبحت غير قادرة على المشي بشكل طبيعي.
ويمكن للتشخيص الدقيق والعلاج في الوقت المناسب بالإضافة إلى توفير الرعاية الصحية الجيدة وتقديم الدعم اللازم أن يمنع تطور الحالات المشابهة لحالة جودي.
ويقول رضوان إبراهيم، وهو جد الطفلة جودي، أن حفيدته خضعت لعمليتين جراحيتين، لكن لسوء الحظ، لم تتحسن حالتها. وفي سعيه للحصول على خيارات علاجية أفضل، سافر إلى دمشق، على أمل التوصل إلى حل أكثر فعالية. ومع ذلك، تبددت آماله عندما أبلغه الأطباء هناك أن جودي ستبقى على الأرجح في حالتها الحالية حتى تبلغ سن العشرين.
وكان هذا بمثابة صدمة للأسرة، لأن عدم قدرة جودي على الحركة يعني تعرض سنوات طفولتها ومراهقتها للخطر الشديد. ومع ذلك، بقيت الأسرة متفائلة وتابعت رحلة البحث عن معالجتها مع أطباء آخرين.
ويقول إبراهيم لنورث برس: “لم نفقد الأمل في علاج طفلتنا. كنا في مسعى مستمر. ووجدنا طبيباً في الساحل السوري، وأجرى لها ثلاث عمليات جراحية، وبفضل جهوده تحسنت حالتها. ولكنها لا تزال بحاجة لعمليتين جراحيتين أخريين”، مضيفاً: “نأمل أن تعود طفلتنا إلى حياتها الطبيعية”.
الأخطاء شائعة
تتعلق الأخطاء المتعلقة بالولادة عموماً بعدم إجراء العمليات القيصرية في الوقت المناسب أو الولادة بأساليب مهملة وعدم وجود التجهيزات الحديثة الملائمة إضافة إلى عدم توفير الرعاية المناسبة للأم وطفلها بعد الولادة. هذه الأمور مجتمعة تؤثر سلباً على الأمهات وأطفالهن وتنشأ مضاعفات قد تطول سنوات.
يسلط الدكتور رضوان محمد، أخصائي أمراض النساء والتوليد، الضوء على التحديات العديدة التي تواجهها عمليات الولادة في المنطقة. ويؤكد أن الأخطاء الطبية يمكن أن تحدث في أي مكان نتيجة المضاعفات التي قد تنشأ خارج نطاق سيطرة كل من الطبيب والمريض.
ويركز محمد على الحاجة الماسة لمرافق الرعاية الصحية المجهزة تجهيزاً جيداً والمتاحة بسهولة في شمال شرقي سوريا لمعالجة التعقيدات والحالات التي يمكن أن تنشأ أثناء الولادة.
ويشير إلى أن ارتفاع معدل العمليات القيصرية في المنطقة يعرض الأمهات والأطفال للخطر بسبب الافتقار إلى مرافق الولادة المناسبة ونقص في عدد الأطباء.
ويقول: “إنشاء مراكز الولادة المتخصصة لتوفير الرعاية الصحية اللازمة للأمهات والأطفال أصبح ضرورة”، الأمر الذي من شأنه أن يضمن سلامة ورفاهية كل من الأمهات والأطفال حديثي الولادة في المنطقة.
من جانبه، يشير الدكتور بنكين سليمان، أخصائي الأطفال، إلى تأثير الأخطاء الطبية ونقص الخبرة على صحة الأطفال، مشيراً إلى الحاجة الملحة إلى تحسين البنية التحتية للرعاية الصحية في المنطقة، ويدعو إلى إنشاء مستشفيات متخصصة للأطفال ومراكز رعاية خاصة لحديثي الولادة.
ويؤكد سليمان على أهمية تدريب الطاقم الطبي لتقديم خدمات رعاية صحية عالية الجودة دون التسبب في أي آثار سلبية غير مقصودة.
قوانين صارمة
من جانبه يقول مصطفى عبد الكريم، الرئيس المشترك لاتحاد أطباء الجزيرة إنه من الضروري إجراء التشخيص المبكر وتوعية الأهل للإبلاغ عن أي حالة، مشيراً إلى وجود قوانين صارمة تفرض عقوبات مشددة على مرتكبي الأخطاء الطبية، قد تصل إلى سحب الشهادة وإغلاق العيادة أو المستشفى.
ويضيف: قلة عدد ضحايا الأخطاء الطبية بين الأطفال في مناطق الإدارة الذاتية، سواء كانت حالات وفاة أو تسببت في الإعاقات، لا تعني غياب الرقابة والتشديد في العيادات والمستشفيات وبين الكوادر الطبية.
ويشير إلى وجود ضعف في الإمكانيات الطبية، وعدم وجود مراكز أو مستشفيات خاصة بالأطفال. إضافة إلى ذلك، فإن هناك قلة في عدد المنظمات المحلية والدولية التي تعمل في هذا المجال، مما يؤدي إلى نقص الخبرات والكوادر المتخصصة التي تقدم الدعم في الأوقات الصعبة.
إعلان عن مشروع
أعلنت هيئة الصحة في الإدارة الذاتية، عن بدء تنفيذ مشروع مشفى التوليد والاطفال بمدينة القامشلي، شمال شرق سوريا.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته الهيئة يوم 7 أيار/ مايو العام الجاري، بموقع تنفيذ المشروع بحي جمعاية شرقي المدينة.
قال مسؤول في هيئة الصحة، إن المشفى مختص بالأمراض النسائية، إلى جانب احتوائها على حواضن وأسرّة خاصة بالأطفال الرضع وحديثي الولادة.
وتحدث المسؤول عن حوالي 100 سرير خاص بالنساء وحوالي 10 حواضن للأطفال حديثي الولادة كطاقة استيعابية للمشفى.
وقال خالد داوود، وهو الرئيس المشارك لهيئة الصحة في مقاطعة الجزيرة لنورث برس، إن تنفيذ المشروع سيستغرق 365 يوماً لتنفيذه وبتكلفة مليونين و45 ألف دولار.
وأشار إلى أن المشروع كان مقرراً من العام الفائت لكن الهجمات التركية أجلت المباشرة فيه.