ألمانيا – شرفان علو – NPA
صبية تحمل دمية محشوة بيد وقطعة خبز باليد الأخرى, تقضمها بشراهة قضم الحرب للأبرياء, محاولة سد الجوع الذي لا داعي من تعداد أسبابه. تسمع دوي انفجار فتخسر معه كل ما تملك, لتتجه للبحر مجسدة آلام مثيلاتها.
هذا هو الدور الذي تلعبه رحيمة عبد الله (18 عاماً) من سوريا, في فلم بسيط شاركت بصنعه مع عدد من اللاجئين السوريين في أوروبا.

رحيمة عبد الله
هرباً من واقع لا يتحمل وصف الاختلاف عمّا جسده الفلم, توجهت رحيمة عام 2015مع أهلها, من عفرين السورية إلى الدانمارك, محاولين الحصول على فرصة جديدة للعيش بعيداً عن الحرب الدائرة. وبدأت ككل اللاجئين بتعلم اللغة، تمهيداً لإكمال دراستها.
تتباين الفرص التي تمنح للاجئين السوريين في دول اللجوء، حسب قوانين الدولة ومؤهلات اللاجئ نفسه، وينجح البعض بتحقيق أحلامه إلى جانب كسر صورة اللاجئين النمطية وتعزيز ثقافة تقبل الآخر ضمن مجتمعاتهم والمجتمعات المضيفة.
أرادت رحيمة التي تقضي معظم وقتها في المكتبة, أن تنقل الحرب الجارية في سوريا للشعب الدانماركي بلغتهم، فكتبت رسالة لجريدة دانماركية متأملة الحصول على تعليقات إيجابية بعد إيصال وجهة نظرها.
“طلبوا مني العودة إلى سوريا والمحاربة عوضاً عن الحديث عن الحرب لهم” تشرح مفاجئتها من ردود الأفعال غير المتوقعة التي تلقتها على رسالتها المنشورة.
رحيمة التي لم تكن قد تجاوزت الثامنة عشر وقتها, شعرت بالضعف والنبذ من قبل المجتمع المضيف لها وكانت تتساءل حول الأسباب التي تدفع بهم إلى رفض الآخر الذي عانى للوصول إلى أرض آمنة.
“لجأتُ إلى الكتابة عن سوريا وعن اللاجئين بشكل عام وأعمالهم الإيجابية في المجتمع الدنماركي لمحاربة تلك التعليقات والتفكير العنصري” تقول لـ “نورث برس” وتضيف أن التعليقات والردود السلبية قد استمرت لفترة طويلة.
وتوضح الشابة السورية أن الحكومة الدنماركية تمتلك سياسة معادية للاجئين, لذلك لم تقدم لها الحكومة أي دعم وخاصة أنها تعمل على التقارب وتبادل الأفكار بطرق حوارية بين المجتمع المضيف واللاجئين السوريين.
لكن على الجانب الآخر, تتلقى رحيمة تشجيعاً ودعماً معنوياً من بعض الأحزاب الصغيرة والشخصيات الدانماركية والصحفيين منهم على وجه الخصوص, إذ تلتقي بهم أيام العطل لتسمع انتقاداتهم ونصائحهم لها.
“أعمل الآن مع منظمة دنماركية معنية بشؤون اللاجئين” وتضيف أنها مستمرة بالكتابة للمواقع والصحف الدانماركية, إلى جانب إقامة ندوات حوارية تتحدث فيها عن تجربتها في الحرب وعن العنصرية التي يواجهها اللاجئ.

رحيمة عبدالله مرشحة الآن لجائزة أفضل مُنَاقِش في الدنمارك والتي ستقام في شهر آيار/مايو من العام الجاري, وذلك بناءاً على محتوى كتاباتها الصحفية والتي تتحدث عن وحدة الشعوب بغض النظر عن الثقافات والأديان.