“حصار طبي” لمناطق الإدارة الذاتية.. حينما يصبح المرضى ضحايا السياسة في سوريا

القامشلي – نورث برس

أثارت الحرب السورية وتداعياتها، بما في ذلك الحصار الحكومي والإقليمي على مناطق الإدارة الذاتية بشمال شرقي سوريا، تحديات فيما يتعلق بالقطاع الصحي. فقد أدى نقص الأدوية والأدوات الطبية والمعدات إلى تقليل من الخدمات الطبية المقدمة للسكان.

ومن بين التحديات الأساسية نقص التمويل والبنية التحتية المدمرة وقلة الكوادر الطبية، إضافة إلى تفشي الأمراض والأوبئة، ومعاناة مرضى السرطان في المنطقة.

وعلى الرغم من استثناء مناطق الإدارة الذاتية من بعض العقوبات الدولية، إلا أنها لا تزال تتأثر بالحصار الحكومي والقيود الإقليمية، مما يعرقل وصول المواد الطبية وتقديم الدعم للقطاع الصحي.

“حصار طبي”

تعتمد الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا على استيراد المواد الطبية والأدوية سواء من الداخل السوري أو من خارج سوريا، وذلك بسبب انعدام مصانع الإنتاج في مناطقها.

وتواجه مراكز بيع المستلزمات الطبية صعوبة في استيراد المواد الطبية والأدوية بسبب القيود التي تفرضها الحكومة السورية وحكومة إقليم كردستان العراق على مناطق الإدارة الذاتية.

يشير بشير علي، تاجر للمستلزمات الطبية في القامشلي، إلى صعوبة استيراد المواد الطبية إلى مناطق الإدارة الذاتية بسبب الحواجز الحكومية والضرائب التي تفرضها على الأدوية.

وتشير تقارير سابقة لنورث برس إلى أن ارتفاع أسعار الأدوية مرتبط بضريبة تفرض من قبل الحواجز التابعة للقوات الحكومية جراء شحن الأدوية من مناطقها إلى مناطق الإدارة الذاتية مما يرفع سعر الأدوية 28% من السعر الحقيقي.

ويقول التاجر: “لا نعرف ما أسباب فرض كل هذه القيود على المواد الطبية، أنها تؤثر بشكل مباشر على المرضى، سواء بفقدان الأدوية أو غلاءها”.  

المرضى ضحايا

مركز غسيل الكلى في القامشلي واحد من “أهم” المراكز الطبية المتأثرة بالحصار الطبي، حيث أنه لا يستطيع أن يقدم خدماته بكامل طاقته، بسبب نقص التمويل وصعوبة وصول المواد الطبية الأساسية إليه. بحسب عاملون في المركز.

ويقول لورنس عبد العزيز وهو طبيب مشرف على المركز الذي يقدم خدماته بالمجان، إن “مراكز غسيل الكلى مكلفة جداً فهي بحاجة لمعدات ومواد بشكل مستمر، وخاصة الأدوية التي يحتاجها المريض”. مشيراً  إلى أن المرضى “لا يتحملون تكاليف العلاج الباهظة”

ويضيف الطبيب أن ظروف الحصار وانعدام الاستقرار، أدتا لانقطاع المواد اللازمة وغلاء أسعار الادوية ومما أثرا بشكل مباشر على صحة المرضى.

ويوجد بمدينة القامشلي مركز آخر لغسيل الكلى بالمجان، ويقع داخل المربع الأمني الذي تسيطر عليه الحكومة السورية،  ما يمنع المرضى اللجوء إليها خوفاً من المضايقات الأمنية التي قد يتعرضون لها.

مطالب بفك الحصار

تقول شيرين عباس، نائبة الرئاسة المشاركة لهيئة الصحة في الإدارة الذاتية، إن الحصار الحكومي أدى لنقص المواد الطبية في المنطقة، مما يضطر العديد من المرضى إلى اللجوء إلى استيراد تلك المواد من الدول المجاورة بأسعار مرتفعة وغير متطابقة مع المواصفات الدوائية.

وتشير إلى أن الحصار الطبي يمنع الكثير من المرضى، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة والأورام الخبيثة، من تلقي العلاج اللازم، حيث يضطرون إلى السفر إلى دمشق لتلقي الجرعات الكيميائية، ولكن الكثير منهم لا يستطيعون ذلك لأسباب أمنية.

تناشد النائبة المجتمع الدولي أن يضغط على الأطراف المعنية لفصل الملف الصحي عن الخلافات السياسية، وأن يقدم دعماً للقطاع الطبي بشكل أوسع.

إعداد وتحرير: محمد حبش