عوائق تقيد الجهود .. كيف يبدو الواقع الصحي في مناطق الإدارة الذاتية؟
القامشلي – نورث برس
شهدت مناطق شمال شرقي سوريا واقعاً صحياً متدنياً خلال الحرب السورية نتيجة الدمار الذي لحق بالبنية الصحية وخاصة في الرقة والطبقة ودير الزور وأجزاء من منبج بعد أن كانت قبل الحرب تعاني أساساً من انعدام الخدمات الصحية.
ومع تزايد الاهتمام بالرعاية الصحية في مناطق الإدارة الذاتية، يسلط مختصون ومسؤولون الضوء على التحديات التي واجهها القطاع الصحي خلال الحرب السورية، والمراحل التي مرت بها والجهود المبذولة لتحقيق التقدم والتحسين في الخدمات الطبية.
دمار ونهوض
يقول الطبيب والباحث في مجال الإدارة الصحية كسار العلي إن 75% من القطاع الطبي في شمال شرقي سوريا دمر بالكامل، نتيجة المعارك بين مختلف أطراف الصراع في سوريا.
وقبل الحرب، كان النظام الصحي يعتمد على الكم دون الجودة، وعلى الرغم من وجود العديد من المراكز الصحية والمشافي، إلا أن الخدمات التي تقدمها كانت ضئيلة، وفقاً للباحث.
ويضيف لنورث برس: بعد 2017، بدأ تطبيق نظام صحي كنظام إسعافي لتدارك إصابات الحروب والأمراض التي خلفتها، ورغم أن منطقة الجزيرة لم تتعرض للتدمير، إلا أنها استقطبت العبء الكامل على مدار سنوات.
ويشير إلى أنه حتى 2019 بدأ النظام الصحي بالتعافي والنهوض لتقديم الخدمات الصحية، حيث بدأت الرعاية الصحية بالظهور، وتوسعت بعض المشافي الخاصة والعيادات الخاصة بالنهوض، وبدأ الأطباء بالعمل في المناطق المتضررة.
ويرى أنه بعد 2020، بدأ الأمر بتفعيل الرعاية الصحية الثانوية كتفعيل العمليات الجراحية ومشافي الأطفال التخصصية، وفي الوقت الحالي 2023- 2024 يتم تقييم القطاع الصحي للمنطقة للانتقال ضمن هذه الظروف الصعبة من نقص التمويل والكوادر الطبية، للوصول للاستقرار والتعافي المبكر لتلبية الاحتياجات الرئيسية للسكان.
ثمة جهود ولكن..
ويرى الباحث أن الإدارة الذاتية قدمت الخدمات الصحية بشكل مقبول، لكن لا زال هناك نواقص وتقصير في الاختصاصات والخدمات، وتأمل في توجيه القطاع الصحي ومساعدة الجهات لتطوير هذا العمل لتلبية الحاجة الفعلية لسكان المنطقة.
ويشير إلى أن المنظمات الطبية والإغاثية ساهمت بإنشاء مراكز صحية وبناء المشافي، وقدمت مساعدة وصفها بـ “القوية” للإدارة الذاتية في الخبرات والتمويل.
ولكن روجين أحمد، النائبة في هيئة الصحة في مقاطعة الجزيرة، لا تتفق مع الباحث وتقول: “لا تتعامل المنظمات الدولية بشكل مباشر مع الإدارة الذاتية، ومن ناحية أخرى هناك انعدام مساواة في توزيع المساعدات الطبية، حيث تتوجه المساعدات إلى المناطق المنكوبة وتستثني مناطق الجزيرة”.
وتضيف: “خلال الهجمات التركية الأخيرة على البنى التحتية والمرافق الصحية، لم نتلقى أي دعم من المنظمات الإنسانية”.
وتعرض مشفى غسيل الكلى ومعمل الأوكسجين الذي يغذي مشافٍ في القامشلي وريفها عن الخدمة كلياً لقصف التركي العام الفائت، مما أدى إلى خروجه عن الخدمة.
وتشير المسؤولة إلى أن المنظمات الإنسانية ساهمت في تحسين جزئي بالواقع الصحي “ولكنها اضرت بها أيضاً وخاصة من خلال استقطاب الكوادر الطبية بدافع مادي للعمل معهم، مما أدى لنقص الكوادر الطبية المختصة في القطاع العام”.
تحديات وعوائق
يواجه القطاع الطبي في شمال شرقي سوريا تحديات وعوائق، تتضمن هجرة الكوادر الطبية وعدم وجود معامل مختصة بصناعة الأدوية ووضع الطوارئ الذي تعاني منه المنطقة.
وتتأمل الإدارة الذاتية بتعويض قلة الكوادر الطبية والاختصاصات على الكوادر المحلية المتخرجة من كلية الطب في جامعات الإدارة.
وتشير النائبة في هيئة الصحة في مقاطعة الجزيرة إلى أن إغلاق معبر اليعربية من أبرز العوائق التي يواجهونها، وناشدت بفتح المعبر لتحسين الواقع الصحي في المنطقة.
يقول مسؤولون في الإدارة الذاتية أن فتح المعبر سيساعدهم على عبور المساعدات الإنسانية والإغاثية لمناطقها، مما يساعدها على ضمان استقرار المنطقة.
وتختتم بالتأكيد على أنهم بصدد الانتقال من مرحلة الطوارئ لمرحلة الاستقرار ودعم القطاع الطبي، من خلال زيادة المراكز المختصة ودعم المشافي وزيادة الكوادر الطبية متابعة القطاع الخاص ومراقبته.