صفاء سليمان – دمشق
تشهد أسواق الملابس في دمشق حالة من الجمود الشديد نتيجة ارتفاع الأسعار، مما دفع العديد من أصحاب المحلات إلى تصفية أعمالهم والبحث عن مصادر دخل بديلة.
الارتفاع الحاد في الأسعار جعل الكثيرين من السكان يترددون في شراء الملابس، مما دفعهم إلى اللجوء إلى شراء الملابس الأوروبية المستعملة بدلاً من الجديدة.
وتتوزع هذه الأسواق في أحياء مدينة دمشق الرئيسية، مثل سوق الصالحية وسوق القصاع وشارع الحمراء، بالإضافة إلى سوق الحميدية وأسواق أخرى صغيرة.
تفاوت بين الدخل والأسعار
تشتكي شابة تعمل كموظفة حكومية من ارتفاع اسعار الألبسة لأضعاف مشيرةً إلى أنها تلجأ للاعتماد على الألبسة الأوروبية المستعملة في ظل انخفاض أجورها التي لا تتجاوز 400 ألف ليرة سورية (بين 25 إلى 27 دولار).
وتضيف: “حتى الألبسة المستعملة ارتفعت أسعارها، ننتظر عروض التخفيضات على الأسعار، لم تعد الألبسة من أولوياتنا”.

ومن جهتها تعبر موظفة أخرى وهي من سكان دمشق عن استيائها إزاء عدم قدرتهم على تلبية احتياجات أسرتها، خاصةً لأبنائهم، نتيجة لارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، مما يضعهم في موقف محرج.
وتقول: لا يتوافق الدخل الفردي، سواء كان موظفاً أو يعمل في الأعمال الحرة، مع موجة ارتفاع الاسعار، يمكن لذوي الأطفال أن يتخلوا عن فكرة شراء الملابس، ولكن بالنسبة للأطفال الأمر صعب”.
وتشير إلى أن ذوي الأطفال يعيشون مشاعر مختلطة بسبب عجزهم عن تأمين حاجات أساسية لأطفالهم.
وتضيف مشيرةً إلى طفلها، “هذا ولدي الوحيد أشعر بالعجز بسبب انعدام قدرتي على تأمين كل حاجاته” وتتساءل: “ماذا عن العائلات التي لديها أكثر من طفل؟!”
عزوف عن المهنة
يعتمد أصحاب متاجر بيع الألبسة على المصانع الصغيرة للحصول على بضائعهم، والتي تقام في ورش صغيرة داخل منازل تعمل بشكل سري، نظراً للضرائب المرتفعة التي يتعرضون لها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المصانع الكبيرة المتخصصة في إنتاج الملابس الجاهزة تتواجد بشكل أساسي في مدينة حلب، بينما تقتصر وجود المعامل الكبيرة في دمشق على القطاع العام، والتي تعاني من توقف شبه كامل في الإنتاج بسبب نقص مصادر الطاقة.
يقول مالك ورشة لصناعة الألبسة إنهم يعانون من تراجع الطلب وزيادة التكاليف بالإضافة لانخفاض القوى الشرائية للسكان، مشيراً إلى أن مهنته لم تعد تساعده على تأمين مستلزمات العيش.
ويضيف الرجل الذي في يعمل مجال تصميم الألبسة المخصصة للحفلات بأنه يفكّر في تغيير اختصاصه مشيراً إلى أن قطاع صناعة الملابس في دمشق تواجه تحديات مثل نقص مصادر الطاقة والتشريعات الضريبية الصارمة، مما يجعل البيئة التجارية غير مستقرة وغير مؤاتية للنمو.
ومن جانبه يشير تاجر ألبسة إلى أن أسعار الملابس الجاهزة ارتفعت بنسبة 100% خلال العام الماضي، وانخفضت نسبة الاقبال على الشراء بأكثر من 70%.
ويرجع التاجر الارتفاع في الأسعار إلى طبيعة الملابس الجاهزة التي تعد من الكماليات بالنسبة للسكان، مما يجعل العاملين في قطاع بيع الألبسة يفكرون في تغيير مسار حياتهم المهني والبحث عن مصادر دخل أكثر استقراراً.