الأسد يحول سوريا إلى مصنع مخدرات

بعد بدء الاحتجاجات المناهضة للحكومة السورية في عام 2011 والتي أعقبتها حملتها الوحشية ضد المتظاهرين المناوئين للأسد، انجرفت سوريا إلى حرب أهلية دامية.

وغرقت البلاد، المنعزلة دولياً والمدمرة بسبب القتال، في أزمة اقتصادية لن تتعافى منها أبداً.

وعلى الرغم من أن دمشق تنفي أي تورط لها في تجارة المخدرات القذرة.

يرى معظم المحللين الجيوسياسيين الذين يراقبون الصراع السوري أن انتاج وتهريب المخدرات المحظورة يجلب مبالغ بمليارات الدولارات للرئيس السوري بشار الأسد وشركائه وحلفائه.

وسيكون من الصواب القول إن أموال المخدرات هذه بمثابة شريان حياة اقتصادي حيوي للنخب الحاكمة السورية التي تعاني من ضائقة مالية.

حيث يقوم الشركاء الأقوياء والمؤثرون وأفراد الأسرة الكبيرة للرئيس السوري بصنع وبيع الكبتاغون، وهو منشط غير قانوني، على نطاق واسع.

وكانت سوريا، قبل الحرب الأهلية، مركزاً إقليمياً للصناعات الدوائية، لكنها أصبحت الآن للأسف أكبر مصدر للكبتاغون في العالم العربي، متجاوزة حتى إنتاج لبنان.

وكانت البلاد واحدة من أكبر منتجي الأدوية في الشرق الأوسط.

وبالتالي، كان لديها المكونات والبنية التحتية اللازمة مثل الخبراء لخلط الأدوية، والمصانع لصنع منتجات لإخفاء حبوب الكبتاغون، والوصول إلى خطوط الشحن في البحر الأبيض المتوسط عبر ميناء اللاذقية.

بالإضافة إلى ذلك، أنشأت سوريا طرق تهريب إلى الأردن ولبنان والعراق.

حيث اعتبرت الحكومة السورية هذه فرصة جيدة لإعادة ملء خزائنها بعد سنوات من الحرب والعقوبات الاقتصادية.

الحقيقة القاسية والبشعة في سوريا هي أن نظام الرئيس الأسد لا يتعاون مع عصابات المخدرات أو يسهل عملها مقابل رشاوى ولكن العكس هو الصحيح، حيث يعمل جميع تجار المخدرات تقريباً لصالح الحكومة لأن جهاز الدولة نفسه يعمل كأكبر عصابة مخدرات في البلاد.

ووجدت دراسة استقصائية أجرتها صحيفة نيويورك تايمز أن الكثير من إنتاج وتوزيع المخدرات تشرف عليه الفرقة الرابعة المدرعة بالجيش السوري، وهي وحدة نخبة يقودها ماهر الأسد، الأخ الأصغر للرئيس وأحد أقوى رجالات سوريا.

كما تم الكشف عن أن المكتب الأمني للشعبة الرابعة برئاسة اللواء غسان بلال بمثابة عصب شبكة التهريب.

وبحسب مسؤولين أمنيين واستخباراتيين إقليميين وضابط عسكري سوري سابق، فإن قوات المكتب تحمي العديد من المصانع وتسهل حركة المخدرات إلى الحدود السورية وميناء اللاذقية.

هذه التجارة غير المشروعة لا تساعد النظام السوري في التدفق النقدي فحسب، بل تعمل أيضاً كورقة مساومة في المفاوضات مع العالم العربي.

واستفادت دمشق من صناعة المخدرات لتسهيل التطبيع مع جيرانها العرب.

ومع ذلك، لا تزال المخدرات السورية تغمر المنطقة، مما يدل بوضوح على أن النظام السوري تتصرف بشكل خادع. وقد تبادلوا وعوداً جوفاء فقط لتحقيق مكاسب دبلوماسية حقيقية.

وأقنع الأسد عمان وأبو ظبي والرياض بأنه سيتعاون معهم في مبادرات مكافحة المخدرات إذا دعموا عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

ولكن ما هي النتيجة ؟ استعادت سوريا مقعدها في الجامعة.

لكن بعد انقطاع دام بضعة أشهر، استمر الإنتاج الصناعي للمخدرات في سوريا وتوزيعها على الأردن ودول الخليج دون رادع.

والآن، تعاني بعض الدول مثل الأردن، من “ندم المشتري”، مدركة أنها لا تستطيع التراجع عن تنازلاتها، لكن الأسد يمكنه أن ينقض كلمته في أي وقت.

كما بذل النظام السوري جهوداً لتنويع ملفه من المخدرات على الرغم من كونه أكبر منتج للكبتاغون، وهو منشط من نوع الأمفيتامين مسبب للإدمان قاموا بخلطه مع أدوية صلبة أخرى مثل الميثامفيتامين.

ويتطلب الكبتاغون تعديلات طفيفة فقط لإنتاج الميثامفيتامين المعروف باسم كريستال ميث، وهو أخطر من الكبتاغون.

وهذا ليس أكثر إدماناً فحسب، بل والمخاطر المرتبطة بإساءة استخدامه أكثر حدة أيضاً. ومع ذلك، يجلب الكريستال أموالاً أكثر بكثير مقارنة بالكبتاغون، لذا أصبح النظام مورداً رئيسياً له أيضاً.

ويبدو أن ظهور إنتاج المخدرات الصلبة في سوريا على نطاق صناعي يضع البلاد على طريق الدول المارقة مثل كوريا الشمالية، التي تستخدم الأنشطة غير المشروعة كحجر زاوية لإيراداتها الخارجية.

ومن أجل القضاء على هذا التدفق الحر للمخدرات في المنطقة أو على الأقل إلحاق الضرر به بشدة، ينبغي على الأمم المتحدة أن تعمل مع بلدان المنطقة من أجل تطوير استراتيجية متعددة الأبعاد لمكافحة المخدرات.

وعلى جانب العرض، ينبغي أن تركز الجهود المتعددة الأطراف على تحديد تدفقات السلائف الكيميائية وشبكات غسيل الأموال المرتبطة بتجارة المخدرات السورية.

ومن ثم ينبغي بذل جهود مركزة لتدمير هذه الشبكات.

من ناحية أخرى، وللحد من الطلب على المخدرات السورية، يمكن للدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، مساعدة الجهات الفاعلة الإقليمية على وضع استراتيجيات حول أفضل السبل لخفض الطلب في الداخل، بما في ذلك من خلال توسيع مرافق العلاج والحملات الإعلامية العامة.

ومن خلال بذل جهود مشتركة، تستطيع القوى الدولية والدول الإقليمية أن تثبت لنظام الأسد أن ابتزازه للمخدرات لن ينجح بعد الآن.