مواهب شابة في الرقة بين واقع الحال وأحلام نحو العالمية

زانا العلي – الرقة

عندما يذكر اسم “منة الله” على خشبة مسرح المركز الثقافي في الرقة، يتجلى الفرح والطرب في تصفيق الجمهور، إذ تطلق صوتها في أغنية فلكلورية في الرقة تقول “شفتو يطحن طحينو.. صغيّر يا رب تعينه”.

منة الله طعمة، شابة لم تتجاوز العشرين، تنحدر من عائلة معروفة في الرقة بالفن، حيث يعمل والدها عازفاً على آلة العود، ويُشتهر شقيقها بموهبته في التمثيل والغناء.

تتميز منة بصوتها الفراتي الفريد والذي يتفرد بخامة مميزة، مما يجعلها تبرز بين المغنيات الأخريات.

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجهها معظم سكان الرقة، تسعى مواهب شابة مثل منة إلى تحقيق أحلامها والوصول إلى العالمية من خلال فنونها التراثية.

تعشق منة الله الغناء بالفلكلور التراثي الرقاوي، ولا تطل على المسرح إلا مرتدية “الهباري”، وهو الزي التقليدي لمنطقة الرقة والذي يجسد الهوية الشعبية.

و”الهباري” غطاء رقيق وشفاف، وناعم الملمس، لأنه مصنوع من الحرير الخالص، وطوله نحو مترين، أما وزنه فلا يتعدى 100 غرام، ويسمى “هِبرية” وجمعها “هباري”.

منذ بداية مسيرتها الغنائية، واجهت منة الله الانتقادات والتنمر في الرقة، لكنها استطاعت تحقيق نجاحاتها رغم كل الصعاب. تقول لنورث برس:  “الحمد الله الوضع تحسّن”.

تشهد مدينة الرقة نهضة ثقافية بعد طرد تنظيم “داعش” منها في عام 2017، حيث ينشط الفنانون والمواهب الشابة في مختلف المجالات الفنية، سعياً لإعادة بناء هويتها وتراثها الثقافي.

وشاركت منة الله التي تغني منذ ثماني سنوات، في العديد من الأعمال الغنائية في شمال شرقي سوريا، منها “ألحان منسية”، “أصالة الروح”.

وتغني الشابة التي أخذت من الغناء مهنة لها وابتعدت عن المدارس والتعليم، إلى جانب لغتها الأم، باللغة الكردية.

وتحلم منة الله طعمة أن تحمل غناء منطقتها الفلكلوري في حنجرتها وهي ترتدي الهباري وتتوجه بهما نحو العالمية.

وتتعدد ألوان الغناء في وادي الفرات بأنواع الشعر الشعبي والأكثر شهرة في الرقة هي “الموليا” نسبة إلى غناء الجواري، وفقاً لمهتمين بالشأن الثقافي في الرقة.

ومن الألوان الغنائية الأخرى في وادي الفرات سويحلي، اللگاحي، النايل، الذي يمتاز بالحزن الشديد، وتشاطيف والتي تكون عبارة عن سردات شعرية شعبية سريعة.

موهبة اكتشفت مصادفةً

ومثل منة الله هناك الكثير من المواهب التي اندثرت نتيجة العادات والأعراف التي تحكم المجتمع في الرقة.

لكن كشبين نبو، وهي شابة كردية من الرقة بدأت مسيرتها الفنية في المركز الثقافي في الرقة بدعم من والدها، منذ سنة.

تقول: “اكتشف زملائي موهبتي بالغناء عندما كنت أرسم وأنا أغني في المركز الثقافي”، وبعدها تحولت الشابة من مكتب الرسم إلى مكتب الموسيقى لتبدأ بالغناء وتصعد المسرح.

وتضيف: “في البداية كنت أغني في البيت، لم يسمع صوتي أحداً غير أهلي ومنذ فترة أصبح الجميع في الرقة يسمع ويعرف صوتي”.

وتغني نبو باللغة العربية إلى جانب لغتها الأم، وتقول الشابة: “حالياً أتعلم اللغة الإنكليزية أيضاً ومستقبلاً سأغني باللغات الثلاث”.

وتشارك نبو في تحضير فيديو كليب جديد عن عفرين، وتحلم الفتاة بالغناء خارج سوريا ونقل أصوات وأغاني المنطقة إلى العالم.

موهبة أخرى

شيرين مسلم (20عاماً) موهبة أخرى من كوباني مقيمة في الرقة، بدأت الرسم بأدوات بسيطة وتشارك بلوحاتها في أغلب الفعاليات الثقافية في الرقة.

تقيم الشابة في السكن الجامعي في جامعة الشرق في مدينة الرقة، لم تترك الرسم رغم دراستها في كلية العلوم بالجامعة.

إلى جانب دراستها ترسم الشابة كل فترة لوحة فنية وتشارك فيها بالفعاليات الثقافية، تقول الشابة “كانت آخر مشاركتي في معرض للتبرع بأجور اللوحات لمرضى السرطان في الرقة قبل أشهر”. 

بدأت مسلم في الرسم منذ نعومة أظفارها في العام 2015 بعد تحرير مدينتها من تنظيم دولة الإسلامية “داعش” الفترة التي أغلقت فيها أبواب المدارس نتيجة الحرب، لتكتشف الشابة موهبتها بالرسم بقلم الرصاص لتجلب لها والدتها الألوان المائية ويبدأ معها مسيرتها بالرسم.

تحلم الشابة بإتمام دراستها واستمرارها في الرسم لتشارك لوحاتها في المعارض الدولية.

تحرير: محمد حبش