السوريون في لبنان بين مخاوف العودة أو تحمل خطاب الكراهية

غرفة الأخبار – نورث برس

أعاد مقتل مسؤول في حزب القوات اللبناني في السابع من الشهر الجاري قضية اللاجئين السورين في لبنان إلى الواجهة، وذلك بعد أن زعم الجيش اللبناني أنه قتل على يد سورين وتم نقل جثته إلى سوريا.

وأدى مقتل المسؤول إلى اعتداءات عشوائية طالت عشرات السوريين، وشهدت مناطق عديدة في بيروت، بعد تلك القضية، سلسلة من الاعتداءات طالت عمالاً وأفراداً من بينهم نساء سوريين، وانتشرت مقاطع مصورة توثق الاعتداءات.

أسباب

تقول نورا غازي، محامية ومديرة منظمة نوفوتوزون، لنورث برس، إن “اللجوء إلى بلد ما يحدث ردود أفعال تجاه اللاجئين، فهذا الانتهاكات لا تمارس فقط في لبنان بل بكل بلدان اللجوء وتجاه كل الجنسيات”.

وتضيف: “أما بالنسبة إلى لبنان هناك وضع خاص به لأنه أساساً بلدٌ منهار ومحكوم من قبل مليشيات، والنظام السوري كان شبه محتلٍ للبنان، وهم عانوا من النظام السوري، وبالنسبة لبعض اللبنانيين أن هؤلاء اللاجئين هم الذين استعمروهم، ولذلك لا نستطيع أن نقنع كل اللبنانيين أن هذا النظام ، نحن أيضاً، كسوريين عانينا منه”.

وتشير المحامية المقيمة في فرنسا، إلى أن “مدة لجوء السورين في لبنان طالت وأعداد اللاجئين كبيرة جداً، لذلك يعيش السوريون في جحيم، لأنهم لا يستطيعون العودة ولا يستطيعون البقاء في لبنان لأن الوضع خطير هناك”.

كما أن هناك بعض اللاجئين الذين يعودون إلى سوريا للزيارة ثم يرجعون إلى لبنان مرة أخرى، “فهذا الموضوع يتعمم في الأواسط اللبنانية بأن السوريون جميعهم يستطيعون العودة وبلدهم أصبح آمناً لكنهم لا يعودون” بحسب ما قالته غازي.

وتذكر أن “الحكومة اللبنانية تثير إشاعات بين الحين والآخر، وهي أن السوريين يتقاضون مبالغ مالية كبيرة من مفوضية اللاجئين، فهذا أيضاً من يحرض ضد السوريين”.

أخطاء فردية والعقوبة جماعية

تشير الناشطة السياسة إلى أنه “لا يكننا أن نقول إن السوريون هم يتسببون في التضيق على أنفسهم من  قبل اللبنانيين، ولكن يبقى أنهم بشرٌ كما سائر البشر منهم الصالحون ومنهم السيئون، ومنهم أشخاص يخطئون”.

وتضيف: “المشكلة تكمن في هذه النقطة وهي أنه يتم تعميم الخطأ على الجميع، فخطأ سوري واحد يعمم على جميع السوريين، وذلك ليس في لبنان فقط بل في جمع الدول التي تحوي لاجئين سوريين”.

وترى أنه بالنسبة للجيش أو الأمن اللبناني فهم لا يستطيعون حماية اللبنانيين، فكيف سيحمون اللاجئين من هذه الانتهاكات بل على العكس تماماً، فإن هذه الانتهاكات هي لمصلحتهم، لأن مثل هذه الدول ومثل هذه الحكومات دائماً ما تعلق فشلها على شماعة.

وتبين أن السوريون أصبحوا شماعة لكثير من الحكومات التي تعلق فشلهم بها وهذا ما يحدث مع الحكومة اللبنانية وكذلك في تركيا، فهي أيضاً تقول أن جزءاً من جميع أزماتها هم اللاجئون السوريون، وهذا لتبرير فشلهم وفسادهم.

لاجئون متخوفون

صرح سوريون مقيمون في العاصمة اللبنانية بيروت، لنورث برس، إنهم يتحصنون في منازلهم بعد تهديدات بترحيلهم وإخراجهم من المنطقة.

ويقول إبراهيم حسين، اسم مستعار لسوري مقيم في منطقة برج حمود ومستأجر محل ومنزلٍ فيها،  إن محلاتهم كلها مغلقة، “لأنهم أعطونا مهلة لإخلائها”، مضيفاً أنهم “متحصنون في منازلهم خوفاً من الاعتداء عليهم”.

فيما تقول مايا محمد، اسم مستعار لسورية مقيمة في منطقة برج حمود، لنورث برس، إنه بعد الأحداث الأخيرة تعرضنا نحن السورين المقيمين في المنطقة لتهديدات ومضايقات كثيرة.

وتضيف أنه تم نشر فيديوهات تهديد ونشر منشورات أيضاً لإخلاء المنطقة والخروج منها، لافتةً إلى أن هذا الموضوع صعب جداً ولا نستطيع الخروج.

وتبين محمد، أنه “لو كان لدينا خيار للخروج لخرجنا لأن لا أحد في هذا العالم يقبل بهذه العنصرية، وحتى العودة إلى سوريا غير ممكنة بالنسبة لنا لأن زوجي مطلوب للأفرع الأمنية”.

وتشير إلى أن “مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في المنطقة لا حس لها ولا خبر بالموضوع بتاتاً وكأنها غير معنية بشؤننا أبداً”.

حلول

تقول الناشطة السياسة نورا غازي، في تصريحها لنورث برس، أما مفوضية اللاجئين مهما قامت بدورها تبقى مقصرة، لأن أعداد اللاجئين كبيرة والصراع في سوريا ليس واضحاً متى سينتهي.

“فماذا ستفعل مفوضية اللاجئين مع كل هؤلاء اللاجئين وخاصة مع تغيير الأولويات الدولية وتحول نظرة الممولين والمجتمع الدولي إلى أمور أخرى”، بحسب غازي.

وتشير إلى أنه في “كل يوم نرى مطبعين جدد مع النظام السوري وللأسف حتى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام هي ليست آمنة بما فيه الكفاية حتى يعود اللاجئون”.

وتعتبر أن موضوع اللاجئين هو جزء من مشكلة سوريا كاملة وملفهم من أهم الملفات العالقة والحرجة وحلها لن يكون إلا بحل سياسي شامل لكل الصراع في سوريا.

ولا تعتقد غازي أن هذا الحل سيكون وفق أمنيات وطموحات والثمن الذي دفعناه الشعب السوري، لأن المجتمع الدولي لن يقوم بانتقال سياسي حقيقي، وتتوقع أن الوضع سيسير نحو “الأسوأ بما يخص اللاجئين في لبنان وتركيا وحتى أوروبا”.

تحرير: محمد القاضي