في ظل التهديدات الإسرائيلية.. هل تدفع درعا ثمن التواجد الإيراني؟
إحسان محمد – درعا
يتزايد قلق سكان درعا جنوبي سوريا من الانتشار المكثف للفصائل الإيرانية، ويعود هذا القلق بشكل كبير إلى التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، حيث يُصبح سكان درعا عرضة للتبعات الجيوسياسية بسبب التصعيد الإقليمي.
تقع درعا على الحدود مع الأردن وتمتد إلى هضبة الجولان، مما يجعلها هدفاً رئيسياً للاهتمام الاستراتيجي لكل من إيران وإسرائيل، وخاصة بعد سيطرة القوات الحكومية بدعم من روسيا وإيران عليها في صيف عام 2018، مما أدى لزيادة النفوذ الإيراني والانتشار العسكري في درعا.
ويتخوف السكان من استهداف المقرات الإيرانية في الأحياء السكنية من قبل إسرائيل، خاصة بعد زيادة الهجمات الإسرائيلية على معسكرات تابعة للقوات الحكومية والإيرانية في المنطقة.
التأثير الإيراني في درعا
يُشير العميد عبد الله الأسعد، مدير مركز رصد للدراسات الاستراتيجية، إلى أن النشاط الإيراني جنوبي سوريا زاد مع بداية الاحتجاجات السورية في عام 2011، في ذلك الوقت، وصل عدد عناصر الفصائل الموالية لإيران الموجودة في المنطقة إلى حوالي 3 آلاف عنصر لقمع الاحتجاجات المناوئة للحكومة.
وعقب تصاعد المواجهات المسلحة بين القوات الحكومية والمعارضة السورية، ازداد عدد الفصائل الإيرانية، حتى وصل عددها عناصرها إلى عشرات الآلاف.
وكان النشاط الإيراني في المنطقة يعتمد بشكل رئيسي على الدعوة الدينية، خاصة من خلال جمعية الإمام المرتضى التي تأسست عام 1981، إلا أن هذا النشاط تحول بشكل كبير بعد عام 2011 إلى نشاط عسكري، مما أدى إلى تحويل جميع القطاعات العسكرية التي انسحبت منها القوات السورية إلى قبضة الفصائل الإيرانية. بحسب الأسعد.
وينوه الخبير الاستراتيجي إلى إن نشاط الفصائل الإيرانية في الجنوب السوري يقوم على عمليات تهريب المخدرات باتجاه الأردن، بالإضافة لعمليات الاغتيال تطال نشطاء معارضين.
ويشير إلى أن هناك تأثير كبير للتواجد الإيراني في جنوب سوريا وخاصة في درعا، حيث تقوم بتجنيد الشباب السوريين في مجموعات تابعة لها مثل حزب الله و اللواء 313.
ويُؤكد الأسعد على أن التواجد الإيراني في درعا يتعرض للرفض من قبل السكان المحليين، ويتم استهداف عناصر هذه الفصائل والمتعاونين معها من خلال الكمائن وعمليات الاغتيال.
تمويل وانتشار مكثف
يقول مدير مركز الرصد للدراسات الاستراتيجية، إن الفرقة 15 التابعة للقوات الحكومية انسحبت من النقاط العسكرية على الحدود السورية الأردنية و تم استبدالها بكتائب الرضوان وفاطميون وزينبيون التابعة لإيران.
وقدّر عدد عناصر الفصائل الإيرانية المنتشرة من شرق السويداء وعلى طول الحدود السورية – الأردنية وصولاً إلى منطقة حوض اليرموك بدرعا بعشرات الآلاف.
ويقول قيادي سابق في المعارضة السورية (لم يذكر اسمه)، إن القصف الإسرائيلي لمعسكرات القوات الحكومية لم تتوقف منذ عدة أعوام وازداد بعد إطلاق المليشيات الإيرانية صواريخ الكاتيوشا باتجاه المستوطنات في الجولان.
وللتمويه، بدأت المليشيات الإيرانية استخدام سيارات تابعة للقوات الحكومة السورية والزي العسكري الخاصة بها لمنع رصد تحركاتهم، وفقاً للقيادي المعارض.
ويضيف لنورث برس: “إسرائيل دائماً ترسل رسائل تحذير من التعامل مع المليشيات الإيرانية وحزب الله من خلال المنشورات التي ترميها الطائرات وخاصة في ريف درعا الغربي ومحافظة القنيطرة”.
ويشير إلى أن إيران أصبحت تستخدم وكلاء لها ينفذون مشاريعها مقابل مبالغ مالية وامتيازات كبيرة وذلك لضمان عدم استهداف العناصر الإيرانية.
درعا ملف تفاوضي
حسب ما أفاد الباحث والصحفي حسام البرم المقيم في فرنسا، لنورث برس، فإن الانتشار المكثف للفصائل الإيرانية في محافظة درعا خلق حالة من التوتر والقلق بين السكان، خصوصاً بعد التهديدات التي وجهتها إسرائيل لإيران.
ويرى البرم أن النشاط العسكري للإيرانيين في المنطقة يعرض درعا والجنوب السوري بشكل عام لخطر متزايد، نظراً للعمليات التي يقومون بها ضد إسرائيل من الجنوب السوري.
ويعتقد الباحث أن المنطقة الجنوبية من سوريا قد تتعرض لاحتياج بري من قبل إسرائيل، بهدف إخراج الفصائل الإيرانية وتأمين الحدود.
وبالرغم من هذه التحديات، يشير البرم إلى غياب أي جهود حقيقية لحماية السكان من التهديدات المحتملة، حيث “يبدو أن لا الحكومة السورية ولا إيران يوليان اهتماماً كافياً لسلامتهم”.
ونوّه البرم إلى أن سكان درعا يتخوفون أن يدفعوا ثمن التبعات العسكري والجيوسياسية من خلال اتفاق إيراني إسرائيلي، تقوم بموجبه الأخيرة باحتياح المنطقة مقابل منح إيران امتيازات في مناطق أخرى.