حلب – نورث برس
يعيش سكان مدينة حلب حالة من القلق والخوف المتزايد بسبب الانتشار الواسع الذي وصل إليه التواجد الإيراني في المدينة وريفها الشمالي والجنوبي مع ارتفاع وتيرة التصعيد بين إيران وإسرائيل في الآونة الأخيرة.
ويتخوف السكان المحليون داخل المدينة من تداعيات الحرب الطويلة والتدخلات من القوى الإقليمية مثل التواجد الإيراني والفصائل الموالية لها وإضافة إلى الحشد الشعبي في مناطق شعبية مكتظة بالسكان مثل أحياء السكري والفردوس والصالحين والمرجة وباب النيرب.
تثبيت وجود
يقول رؤوف العلي، وهو محام ومحلل سياسي من حلب، إن التوسع الإيراني شمل استملاك العقارات في مناطق تنظيم المدينة والاستيلاء على أخرى في مناطق العشوائيات التي تعد خارج التنظيم.
وأضاف العلي، لنورث برس، إن ما تسميه إيران بالمستشارين المتواجدين على الأرض السورية هم يخدمون مصالح الحكومة الإيرانية في توسع المصالح الاقتصادية ودمج السكان المحليين في أنظمة عملهم واستبدال ما أمكن من السكان بموالين لها في مناطق أصبحت ذات طابع شيعي مطلق في أجزاء من حلب الشرقية وريفها الجنوبي.
ويقول حسن الزيات، وهو اسم مستعار لمترجم يعمل لدى القوات الإيرانية، إن الأعداد التي دخلت فيها القوات الإيرانية الى المدينة عام 2014 كانت تعد على أصابع الأيادي بقيادة “الحاج جواد”.
وهي أسماء مستعارة يستخدمها القادة المتسلمين للملف الإيراني في سوريا حتى وصلت لعام 2019 ما يقارب 900 شخص من علماء دين ومهندسين مختلفي المهام، بحسب قول الزيات.
ويضيف: “كان يقتصر التواجد الإيراني في سنوات تواجد مسلحي المعارضة شرق المدينة ضمن الأكاديمية العسكرية جنوب غرب المدينة وحماية جامع النقطة الخاص بهم في منطقة الإذاعة ومستودع أسلحة في منطقة الذهبية جنوب المدينة”.
ويشير الزيات، لنورث برس، إلى أنه بعد انسحاب مسلحي المعارضة نهاية عام 2016 باشرت القوات الإيرانية بالانتشار مع إطلاق مسمى جديد لفيلق المدافعين عن حلب الذي توقف العمل به عام 2020 بعد إنهاء مهامه بقيادة “الحاج محسن” بنشر مقار له بشكل واسع في أحياء حلب وريفها تحت مسميات عدة منها نوادي صيفية ومنها مربعات أمنية تتبع للقيادة الإيرانية مباشرة.
تغيير تواجد
ويذكر الزيات أن ما رفع توتر السكان حالياً هو إخلاء بعض القادة الإيرانيين مناطق سكنهم التي كانت إيران قد استملكتها بشراء سلسلة من العقارات المتتالية بالقرب من جامع النقطة في حي الإذاعة قرب سفح الكورنيش.

ويعتبر حي الإذاعة من المناطق المرتفعة في المدينة وهو يطل على جامع النقطة أو مشهد الحسين وهو مكان عبادة ومزار خاص بالمذهب الشيعي، وقد عمل القائمين عليه بشراء كافة العقارات التي طرحت للبيع من حوله خلال سنوات الحرب.
ويقول الزيات إن “التمركز الحالي للإيرانيين شمل بناء كانت قد استملكته الأخيرة في حي المحافظة منذ عدة شهور وهو يقع بالقرب من الفرع 322 التابع لإدارة المخابرات العامة (أمن الدولة بحلب)، ويتألف من أربع طوابق وكل طابق شقتين”.
ويضيف: “المكان لم يتسع لجميع العاملين بالمدينة مما دفع الكثير منهم للنزول في فندق الشيراتون بحلب الواقع في منطقة باب الفرج بمركز المدينة وفندق شهبا حلب الواقع في حي المريديان”.
أسباب القلق
تعرض بناء سكني في ريف حلب الجنوبي لاستهداف مباشر قرب مشروع للقوات الإيراني من قبل إسرائيل ما أدى إلى وفاة عائلة تتكون من زوج وزوجة وطفل، مما دفع الكثير من السكان لإخلاء منازلهم قرب مقار الإيرانيين في الريف.
ويقول أمجد حمادة (40 عاماً)، وهو من سكان حي الإذاعة بحلب، إن وجود مواقع تابعة للقوات الإيرانية أصبح كافياً أن تكون هدفاً وهو يعيش مخاوف كبيرة بين الحين والآخر وخاصة في أيام الاستهداف.
ويضيف حمادة: “مدينة حلب حالها كباقي أماكن التواجد الإيراني في باقي مناطق سوريا والتي أصبحت تشكل رعباً للسكان بشأن مستقبل المدينة واستقرارها، بعد ما تحول الصراع بين الحكومة والمعارضة السورية إلى تصفية حسابات دولية على حساب دماء السوريين الذين يدفعون ثمن للتواجد الإيراني”.
ويشير إلى أنه “من أجل حماية السكان وتخفيف مخاوفهم، يجب أن يتم التركيز على إيجاد حل سياسي إقليمي للتوترات بين إيران وإسرائيل والدول العربية الرافضة لتواجدها في سوريا وباقي المناطق”.
وتمتلك القوات الإيرانية أكثر من 150 مقر عسكري تتضمن مستودعات أسلحة ونقاط تثبيت ومراكز قيادة لها في أحياء حلب وريفها الشمالي والجنوبي وأحيائها الشرقية وبناء القنصلية الإيرانية ضمن حديقة الشهباء التي قامت بتغيير اسمها بدلاً من اسم حديقة بستان القصر.