كوباني.. التهديدات التركية تؤثر سلباً على الزراعة في القرى الحدودية

فتاح عيسى – كوباني

يضطر حبش إسماعيل (22 عاماً)، وهو مزارع من قرية عليشار الحدودية بريف كوباني الشرقي، إلى زراعة أغلب مساحات أرضه بعلاً، لأن الزراعة المروية أكثر كلفة، في ظل التهديدات التركية المستمرة على المنطقة التي قد تتسبب في حال حدوث أي هجمات مباشرة على المنطقة، بتراكم الديون عليه.

ويقول إسماعيل، لنورث برس، إن لديه 15 هكتاراً من الأرض الزراعية قرب الحدود التركية يقوم بزراعة خمسة هكتارات منها كمروية ويعتمد في ريها على آبار الجيران، بينما يزرع الهكتارات العشرة بمحاصيل بعلية مثل “الجلبانة والكمون والعدس والفول”.

ويضيف إسماعيل أنه لا يستطيع تحمل تكاليف حفر بئر خاص به حالياً بسبب التهديدات والهجمات التركية على المنطقة، مشيراً إلى أن حدوث استقرار سياسي وأمني في المنطقة سيدفعه لاستدانة مبلغ من المال من أجل حفر بئر وتجهيزه وري أراضيه بدلاً من زراعتها بعلاً، وإعادة ديونه إلى أصحابها في موسم الحصاد.

ويتخوف المزارعين بشكل عام من تطور عملهم في الزراعة بسبب عدم وجود استقرار سياسي في المنطقة والتهديدات التركية التي تحدث بين الحين والآخر، بحسب إسماعيل.

الاستقرار محفز للتطوير

يضيف إسماعيل أن حفر بئر ارتوازي وتجهيزه يكلف نحو عشرة آلاف دولار، لافتاً إلى أن حدوث استقرار في المنطقة سيحفزهم على استدانة مبلغ من المال لتحويل أراضيهم البعلية إلى مروية ودفع ما يترتب عليهم من ديون نهاية الموسم الزراعي، إلا أن التهديدات التركية وعدم وجود استقرار في المنطقة يزيد مخاوفهم.

ورغم اختلاف وضع نهاد محمد حسو (37 عاماً) عن وضع إسماعيل، وقيامه بزراعة أرضه مروية، إلا أن التهديدات التركية تقف أيضاً عائقاً أمام تطوير عمله الزراعي.

ويقول حسو، وهو مزارع من قرية عليشار الحدودية بريف كوباني الشرقي، إنه يرغب بتركيب منظومة الطاقة الشمسية لري أرضه وإدخال زراعات حديثة إلى أرضه، ولكن بسبب تكاليفها الكبيرة وعدم الاستقرار في المنطقة بسبب التهديدات التركية يؤجل كل ذلك إلى أن يحدث الاستقرار في المنطقة.

ويضيف حسو، لنورث برس، أن لديه ثلاثة هكتارات من الأرض الزراعية التي تبعد 500 متر فقط عن الحدود التركية، وأنه بدأ بتطوير زراعة أرضه عبر تحويلها من أرض بعلية إلى مروية في هذا العام، بالاعتماد على مضخات تعمل على الوقود.

ويشير إلى أنه أن اضطر لاستدانة نصف المبلغ من تكاليف تحويل زراعة أرضه من بعلية إلى مروية، رغم مخاوفه من التهديدات والهجمات التركية على أرضه التي قد تتسبب في حال حدوثها بتراكم الديون عليه.

ويرى حسو أن توقف التهديدات التركية وحدوث استقرار سياسي في المنطقة، سيدفع المزارعين لزراعة أرضيهم أكثر من مرة خلال العام الواحد، كزراعة البطاطا بعد حصاد محصول القمح، وتطوير الزراعة عبر تشغيل الآبار على الطاقة الشمسية إذا توفر الاستقرار، في ظل نقص مادة المازوت وارتفاع ثمنها.

الاستقرار يحسن وضع المزارعين

يشير حسو أن تحقق الاستقرار وتوقف الهجمات التركية سيحسن من وضع المزارعين، لافتاً إلى أن مخاوف المزارعين في قريته أكبر لأنهم قريبين من الحدود بمسافة 500 متر فقط ويتعرضون أحياناً للقصف.

ويذكر حسو أن مخاوف المزارعين تزداد خلال موسم الحصاد، من أي طلقة تطلقها تركيا قد تؤدي إلى اشتعال الحرائق في المحاصيل وتؤدي إلى إفلاسهم.

من جهته يقول أنور محمد حسين (62 عاماً)، وهو مزارع من قرية مزرعة داوود الحدودية شرقي كوباني، إن العشرات من المزارعين يرغبون بإنشاء مزارع متخصصة بتربية المواشي والدواجن في قريتهم إلى جانب زراعة أرضيهم، إلا أنهم يؤجلون ذلك ريثما يحدث استقرار سياسي في المنطقة وتتوقف التهديدات التركية.

ويضيف حسين، لنورث برس، أن المسافة بين أرضه والحدود التركية لا تتجاوز كيلومتراً واحداً، وأن لديه أربع هكتارات من الأرض الزراعية واستأجر ثلاثة هكتارات أخرى، زرع منها هكتارين بالفول والباقي بالقمح.

التهديدات تعيق التطوير

يقول حسين إنهم كمزارعين يريدون ويحتاجون إلى استقرار سياسي في المنطقة، كي يبدؤوا بتطوير زراعتهم عبر تركيب منظومات الطاقة الشمسية وإنشاء مزارع لتربية المواشي، إلا أنه وبسبب خوفهم من الهجمات التركية يؤجلون ذلك.

ويرى حسين أن عدم تطور الزراعة في المنطقة سببه الرئيسي التهديدات التركية وعدم الاستقرار في المنطقة، مشيراً إلى أن 90% من سكان المنطقة يعتمدون في معيشتهم على الزراعة.

وتطوير الزراعة في المنطقة وإدخال زراعات حديثة سيساهم في توفير فرص عمل للفقراء والتخفيف من حدة الهجرة الخارجية التي تتسبب بمخاطر على حياتهم بسبب الهجرات غير الشرعية عبر البحر، بحسب ما يقوله حسين.

تحرير: محمد القاضي