في الحسكة.. متجر للتراث يحكي قصة الماضي

دلسوز يوسف – الحسكة

في حي تل حجر بمدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، تنبض قصة محمد بشغفه بالتراث والقطع القديمة، ويعكس متجره الذي يشبه بيتاً قديماً تاريخاً غنياً يعبر عنه بمجموعة من القطع التي تعود لعهود سابقة.

محمد حج خضر، رجل في منتصف العمر، ينقل لزواره شغفه العميق بجمع القطع القديمة، وهو شغف بدأ في صغره ونما معه، حيث يعرض الرجل مجموعة متنوعة من الفخاريات والأدوات القديمة، وحتى الألبسة التقليدية.

“أسعى إلى الحفاظ على تاريخ آبائنا وأجدادنا وعدم ضياع الإرث الثقافي لدى الأجيال القادمة”، بهذه الكلمات يروي خضر قصة شغفه بتراث المنطقة.

وبين محلات متراصة بالقرب من الطريق العام المزدحم يقبع متجر الرجل الذي حوله إلى ما أشبه بـ “المتحف”، حيث تتزين أرجائه بأدوات قديمة يعود تاريخ بعضها لأكثر من 100 عام، منها “لعبة المنقلة وميزان صاغة الذهب وهاتف أرضي مصري”.

حلم يتحقق

وتحول شغف الرجل الأربعيني وحلمه بإنشاء متجر لعرض مجموعته إلى حقيقة قبل أربع سنوات، يروي لنورث برس كيف بدأ بمحل صغير ثم توسع بتشجيع من أصدقائه نتيجة الإقبال على المقتنيات القديمة، وفقاً لقوله.

ويعرض داخل محله المئات من الفخاريات مختلفة الأحجام، وأحجار الرحى لطحن الحبوب ودلالٍ للقهوة وصوانٍ مختلفة الأحجام وسيوفٍ وغيرها الكثير، بينما يتوسط المحل أنواعاً مختلفة للسجاد والمخدات القديمة مرتبة بشكل منظم لتعطي انطباعاً عن شكل المجالس المنزلية في الماضي.

فيما خصص جداراً كاملاً لعرض الألبسة الشتوية مثل الفرو المصنوع على شكل رداء أو معطف، بالإضافة إلى الزي العربي التقليدي “الكلابية”.

مع تطور المنتجات التي نستخدمها في يومنا الراهن، يقتصر شراء المقتنيات القديمة على فئات الأكبر سناً، بحسب حج ناصر، ويوضح قائلاً: “عندما يشتري زبونٌ طاعنٌ في السن قطعة ما يتذكر الأيام الخوالي، أما الفئات الشابة فيكتفون بالمشاهدة والاستفسار عن استخدامات هذه القطع في الماضي”.

ويقول: “لا اعتمد على القطع القديمة فقط، هناك قطع جديدة معاصرة مثل الفروة، كانت تستخدم قديماً ولا تزال تستخدم من قبل الشباب اليوم، وتحظى بإقبال من كافة الفئات العمرية عليها”.

هاوٍ وليس تاجراً

شهدت المنطقة خلال السنوات السابقة افتتاح العديد من المحلات المماثلة التي تعرض المنتجات التراثية للمنطقة، إلا أنها أغلقت بعد فترة لعدم وجود إقبال كافٍ عليها مقارنة مع المحلات التي تبيع الأدوات الحديثة.

ولكن رغم ذلك يرى الرجل أن هناك أشخاص يفضلون اقتناء القطع التراثية، قائلاً: “البعض يفضلون شرب الماء في الأواني الفخارية، وآخرون يحبون الاحتفاظ بدلة القهوة التي تحمل أصالة في منازلهم رغم وجود دلال حديثة في الأسواق”.

وجمع محمد حج خضر القطع المعروضة في متجره من مصادر مختلفة منها كالبحث بين سكان القرى عن القطع التراثية والاعتماد على القطع المتواجدة في منزله وجلب البعض منها من دمشق وحلب.

ويقول لنورث برس: “أنا هاوٍ لهذه القطع ولست تاجراً لها، وهكذا تكونت لدي مجموعة كاملة من هذه الأدوات والتحف القديمة، لذلك أردت عرضها، هناك قطع للبيع ومنها للعرض فقط لا أتخلى عنها لارتباطي الشديد بها”.

تحديات وصعوبات

يطالب الرجل من الإدارة الذاتية، “بتبني مشاريع مماثلة ودعمها مادياً، بهدف الحفاظ على الإرث الثقافي للمنطقة”.

ويقول إن مشروعه يتطلب رأس مالٍ وفير، “لأن أغلب القطع للعرض، وأنه بحسب طلبات الزبائن نقوم بطلب القطع”.

ويخطط للبدء بمشروع صناعة الفخار في الحسكة نظراً للإقبال الكبير عليه، ويشير إلى أنه يجلب الفخاريات من إدلب ولكن أسعارها ارتفعت مؤخراً نتيجة الضرائب وأجور النقل.

تحرير: محمد حبش