الحرس الثوري الإيراني يحتفظ بسوريا كرهينة

مانيش راي

قُتل العميد محمد رضا زاهدي، وهو قائد كبير في وحدة النخبة في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ونائبه الجنرال محمد هادي حاج رحيمي، في غارة جوية منسوبة إلى إسرائيل على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق. هذا الهجوم أدى إلى ارتفاع درجة التوتر الجيوسياسي في المنطقة بشكل عام، حيث أدى إلى إطلاق إيران مئات الصواريخ و المسيرات نحو إسرائيل من الأراضي الإيرانية. مقتل الجنرال زاهدي كانت أهم عملية اغتيال لقائد في الحرس الثوري الإيراني منذ أن اغتالت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني في بغداد في كانون الثاني/يناير 2020. وهذه انتكاسة كبيرة لإيران وشبكة الحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا و لبنان. ولكن على الرغم من تكبد خسائر كبيرة بسبب الهجمات المتكررة للإسرائيليين في سوريا. يتمتع الحرس الثوري الإيراني بحضور كبير في سوريا، فهم كمن يحتجزونها كرهينة. وتدخل الحرس الثوري الإيراني للدفاع عن الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2013 عندما تعرضت حاكميته للتهديد خلال الحرب الأهلية. وكان هذا الهدف الوحيد على المدى القصير للحرس الثوري الإيراني. ومنذ بداية النزاع السوري، كان خلق الظروف المناسبة للمناورة والتدخل في إسرائيل واحدة من أهم أهداف إيران. ولتحقيق ذلك، أنشأت إيران قدرات عسكرية مهمة في سوريا.

ومع التواجد العسكري في سوريا, عززت إيران منطقة نفوذ تمتد من العراق وسوريا ولبنان حتى البحر المتوسط، وذلك لإحلال التوازن مع خصوم طهران الإقليميين، بما في ذلك إسرائيل. ويقال أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني نشرت حوالي 2000 عنصر في سوريا فقط. بالإضافة إلى ذلك، تم نشر عناصر لحزب الله، الذي يُعتبر أكثر المجموعات الموالية لإيران ثقة وقيمة، والميليشيات التابعة له على طول الحدود اللبنانية-السورية. وقد نشر حزب الله مقاتلين أيضاً في عمق الأراضي السورية، بما في ذلك حول مدن دمشق وحمص. وتشير التقارير إلى وجود مقاتلي حزب الله في محافظة دير الزور بوادي نهر الفرات الأوسط. ويمتلك الحرس الثوري العديد من القواعد الدائمة في سوريا ويؤوي أفراد فيلق القدس والميليشيات الشيعية الأجنبية تحت قيادته. وتشمل المنشآت الإيرانية في هذه القواعد المقرات العامة ومراكز القيادة والسيطرة الإقليمية وخلايا المخابرات وكتائب الطائرات المسيرة ومدارج الطائرات ومستودعات الأسلحة والمعدات الثقيلة وغيرها من المرافق اللوجستية. وبالإضافة إلى ذلك، يمتلك الحراس مصانع إنتاج متعددة في سوريا تعمل على تحديث وإنتاج ترسانات الصواريخ والقذائف لمجموعات الميليشيات الشيعية المتمركزة في سوريا، وخاصة تلك التابعة لحزب الله اللبناني. هذا الجهد هو جزء من حملة فيلق القدس لضمان إمدادات ثابتة من الصواريخ لوكلائها في لبنان وسوريا وغزة. وتعمل هذه المنشآت الإيرانية والميليشيات الشيعية بشكل مستقل إلى حد كبير عن حكومة الدكتور بشار الأسد وتتلقى الأوامر مباشرة من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني.

لم يقف الإسرائيليون مكتوفي الأيدي، بينما كان الحرس الثوري الإيراني يعزز قواته ووجوده في سوريا, كانت هجمات إسرائيل ضد المواقع التابعة لإيران تحدث بين الحين والآخر. ولكن الحرس الثوري تعرض لإحدى أكثر فتراته المؤلمة منذ توغلهم في سوريا وذلك منذ 7 تشرين الاول/أكتوبر. وخاصةً منذ كانون الثاني/يناير 2023، حيث أسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل العشرات من أعضاءهم الكبار، بما في ذلك أحد جنرالات الاستخبارات البارزين في الحرس الثوري. وعلى الرغم من أن أجهزة الحرس الثوري الإيراني في سوريا تعاني ضغوطاً هائلة من الغارات الإسرائيلية، إلا أن طهران تتمسك بمهمتها في الوجود الطويل الأمد في سوريا. يقوم الإيرانيون فقط بتغيير التكتيكات للعمل مثل معظم عملاء الحرس الثوري – حيث تركوا مكاتبهم وبقوا متوارين عن الأنظار. الشيء المؤكد هو أن إيران ليس لديها نية للانسحاب من سوريا، حيث تعتبرها جزءاً أساسياً من نفوذ طهران. 

توسع وجود الإيرانيين، خاصة في جنوب سوريا، أثر بالفعل على تصور إسرائيل للتهديد. نتيجة لذلك، زادت الهجمات الإسرائيلية على المواقع المرتبطة بإيران. وتلعب إسرائيل دور الدفاع العدواني، مصممة على إبعاد التهديد الإيراني عن منطقتها في سوريا. وفي حالة تعرضها لهجوم من الأراضي السورية، استخدم الإسرائيليون قوة مفرطة للرد، وهاجموا أيضاً البنية التحتية السورية ومراكز المدنيين. ولا يكترث الإسرائيليون بالحجة التي تقول أن دمشق ليس لديها سيطرة على أعمال الميليشيات المدعومة من إيران التي تعمل في سوريا. بل أن تل أبيب تحمل الحكومة السورية المسؤولية عن أي تهديد أو هجوم ينبع من الأراضي السورية. يدفع شعب سوريا ثمناً باهظاً في هذه الحرب غير المعلنة بين الإيرانيين والإسرائيليين. لقد عانى الشعب بالفعل كثيراً بسبب الحرب الأهلية المستمرة، والصراع في بلادهم هو آخر ما يتمنونه. والآن، يتوقف الأمر على الحكومة السورية لتقرر ما إذا كانت ترغب في الجلوس على الخطوط الجانبية كمشاهد والسماح لإيران بجر بلادهم إلى صراع آخر، أم أنها ستتدخل وتتولى زمام الأمور. إنه واجب أخلاقي، ويقع على عاتق الحكومة السورية حماية البلاد من الوقوع في هذا الصراع المستمر بين إسرائيل وإيران. ويجب على الرئيس الأسد أن يطلب من حلفائه الإيرانيين أن يتجنبوا بلاده وأن ينقلوا صراعهم ضد إسرائيل إلى مكان آخر.