سيدة أرمينية في القامشلي تحافظ على ثقافة وتراث أجدادها
أفين يوسف – القامشلي
رغم اختلاف بعض العادات، ما زالت كاياني دافيديان، المقيمة في مدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا، والقادمة من جمهورية أرمينيا منذ 28 عاماً، تحافظ على الثقافة والتراث الأرمني، حيث غادرت أرمينيا لتتزوج من ابن عائلة “ميناسيان” الأرمنية في القامشلي.
تتجه المرأة الأرمينية ذات الـ 47عاماً كسائر العوائل الأرمنية بمدينة القامشلي إلى صلاة القداس في صباح عيد الفصح المجيد (قيامة المسيح)، وتؤدي صلاة العيد في كنيسة الأرمن.
تقول دافيديان لنورث برس، إن “عاداتنا في أرمينيا تتشابه مع عادات الأرمن في القامشلي والبلدان الأخرى، مع وجود اختلاف بسيط في بعض العادات”.
طقوس دينية
يعتبر الصيام من الطقوس الدينية المتبعة لدى معتنقي الديانة المسيحية، حيث يصوم المسيحيون 50 يوماً قبل عيد القيامة ويسمى “الصوم الكبير”، ويأتي “الصوم الصغير” تحضيراً لعيد الميلاد ويسمى “صوم الميلاد” ومدته 40 يوماً.
ويوم الخميس من أسبوع العيد يقوم المسيحيون بغسل الأرجل، وهو إحياء لذكرى غسل يسوع المسيح أرجل تلاميذه خلال العشاء الأخير، وفي يوم الجمعة تقام مأدبة طعام يجتمع حولها أفراد العائلة جميعاً.
ويوم السبت في ليلة العيد يتوجه المسيحيون الصائمون للكنيسة لتأدية صلاة القداس، ومن ثم يفطرون على البيض المسلوق الملون باللون الأحمر.
وتوضح دافيديان بأن اللون الأحمر الذي يصبغ به البيض يعبر عن دم المسيح، وإنها تصنع الصبغة الحمراء من قشر البصل، وتعتقد بأنه لا يجب استخدام الصباغ الصناعية لتلوين البيض.
مأكولات تراثية
تتحدث دافيديان عن خبز الطحينة الذي تعده خلال “الصوم الصغير”، حيث يتم وضع قطعة نقدية معدنية داخل الخبز، ويقسم بين أفراد الأسرة، وعند تناوله يُعتبر الشخص الذي يحصل على القطعة النقدية “بركة العائلة”.
تُعِد المرأة الأرمينية ليلة عيد القيامة أنواعاً مختلفة من الطعام، كالسمك والميّر والعجة.
وتشير إلى أن هناك اختلافاً في أنواع الطعام بين أرمينيا وسوريا، حيث يحضر الأرمن في سوريا مختلف أنواع اللحوم في العيد، بينما يحضر الأرمن في أرمينيا السمك فقط، وهو من الطقوس المعروفة لديهم.
وتجتمع العائلة يوم العيد في منزل دافيديان، حيث يتبادلون التهاني ويتناولون الغداء معاً ويستقبلون الضيوف من الجيران والمعارف.
تصنع السيدة الأرمنية الفواكه المجففة بكل أنواعها بحسب الفواكه المتوفرة في المنطقة، وهي إحدى الطقوس المتبعة لدى الأرمن، إضافة إلى كليجا (كعكة) العيد والتي تعتبر من تراث سكان الجزيرة السورية.
وتقول لنورث برس، إن “كعكة الميلاد تعبر عن جسد المسيح في ميلاده، وتسمى الكعكة بالكاتا، ويسميها البعض الآخر تشوراك، والبيض وكعك العيد هو إحياء لذكراه وتعبير عن أجسادنا الميتة بدونه”.
وتعبر السنابل المغروسة في كعكة العيد عن العطاء والحياة المتجددة والسلام، بحسب دافيديان.
كما تصنع دافيديان العنبارية أو النبيذ الأحمر المصنوع من العنب و”يعتبر أساسياً”، وتقدمه للضيوف مع الشوكولاته والراحة وأنواع الحلويات والبسكويت التي تصنعها بنفسها، أما في العوائل التي تكون قد فقدت أحداً في فترة قريبة، يتم تقديم القهوة المرة مع الراحة للضيوف.
وتؤكد بأنه كل سنة يتغير شيء من هذه الطقوس، لكنها تشجع أولادها والآخرين على المحافظة على تراث الأجداد وتقول: “تراث أجدادنا الذي تركوه لنا، يجب ألا يندثر، ومن واجبنا توريث هذه الثقافة والعادات لأولادنا وأحفادنا لنحافظ على بقائها”.