سامر ياسين – تل تمر
في مزرعة صغيرة لا تتجاوز مساحتها دونماً واحداً في بلدة تل تمر، شمالي الحسكة، يحمل الأربعيني عبّوش يومياً رفشه ويبدأ بتنظيف مزروعاته وخضراواته من الحشائش الزائدة.
وفي مكان آخر يبدأ عبوش عبدالله العبوش (46 عاماً) بحراثة مساحات أخرى بنفس الأرض، تجهيزاً لزراعتها بشتلات الخضراوات الصيفية، لزراعتها في موسمها وبيع الفائض منها.
نزح العبوش من قرية قبر صغير بريف بلدة زركان مع عائلته إلى بلدة تل تمر بعد وصول القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها لمشارف قريته أواخر عام 2019.
لا يستطيع الابتعاد عن مهنته (الزراعة) التي لا يعرف غيرها، لذلك قام باستئجار منزلٍ غير مجهزٍ بالكامل، وفيه أرضٌ زراعية لا تتجاوز مساحتها دونماً واحداً، وذلك للبقاء في عالم الزراعة وعدم الابتعاد عنها، حسب تعبيره.
أولاده الثلاثة مع أمهم يعملون معه كل موسم، لأنه لا مردود مادي لهم سوى هذه الأرض وهذه الخضراوات التي يزرعونها بشكل مستمر، حسب قوله.
مع بداية الشهر التاسع من كل عام، يبدأ بزرع الخضراوات الشتوية، كالسلق والبقدونس والخس والسبانخ والفجل وخضراوات أخرى، إلى نهاية الشهر الثالث حيث ينتهي موسم هذه الخضراوات.
بعدها يبدأ مباشرة بشتل أصناف الخضراوات الصيفية كالبندورة والباذنجان والفلفل والباميا وغيرها داخل بيوت بلاستيكية صغيرة لتجهز مع بداية شهر نيسان/أبريل، فيقوم بنزعها من مكانها وزراعتها في خطوط منتظمة وبيع قسم منها لمن يريد زراعة هذه الخضراوات لديه.
ويقول لنورث برس، بأنه يستغل الصيف والشتاء في زراعة الخضراوات، ففي الشتاء يقوم باستهلاك ما يكفيه لمنزله ويبيع الفائض منها، وفي الصيف يقوم بتأمين الشتلات اللازمة له وزرعها في الأرض وبيع الفائض منها، كذلك بيع الخضراوات الفائضة عن حاجته من المحصول الصيفي.
مردود قليل
لا يجني العبوش الكثير من مشروعه، “مشروعي صغير، ومردوده المادي قليل، فهو إلى حدٍ ما يكفي مصروف منزلي اليومي لا أكثر، وبدون أي مبلغ فائض من المردود الذي أحصل عليه من زراعة هذه الخضراوات”.
وإن حصل أي أمر طارئ في منزله أو أي حالة مرضية لدى أولاده، يقول: “أواجه مشكلة كبيرة في تأمين المبلغ المالي المطلوب، وذلك بسبب عدم قدرتي على جمع أي مبلغ من مردود هذا المشروع الصغير”.
يتعامل العبوش مع بعض المحلات الخاصة ببيع الخضراوات، ويقوم في كل يومين أو ثلاثة بتجميع كمية جيدة من الخضراوات وبيعها لهم بسعر أرخص من التجار.
يقول: “لذلك فهم يرغبون بشرائها مني بدلاً من جلبها من المدن الكبيرة كالحسكة والقامشلي، فتكون الفائدة مشتركة بيني وبينهم”.
طموح للتطوير
يطمح العبوش بتطوير مشروعه وتوسيعه، “بدأت هذا المشروع في العام الأول والثاني من نزوحي ونجحت في تحقيق هذا النجاح والتأثير على السوق المحلية في البلدة، ولكن أطمح لتطوير وتحسين هذا المشروع أكثر وأكثر”.
ويسعى من خلال مشرعه الصغير إلى مشاريع أكبر “لتحقيق اكتفاء ذاتي كامل للسوق المحلية من الخضراوات الصيفية والشتوية، وليزداد المردود المادي، وخاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور لدى الجميع”.
يفتقر العبوش للعدة ومستلزمات خاصة بهكذا مشاريع، كمادة النايلون للبيوت البلاستيكية والعوارض الحديدية الخاصة بها والخراطيم الزراعية وأدوات للحفر وحراثة الأرض، حيث يقول: “فكل هذه المساحة أقوم بحفرها مرتين في العام بيدي فقط، دون مساعدة الجرّار أو آلة زراعية أخرى”.
وفي الأعوام الأخيرة، بدأ بترك مساحة صغيرة من الأرض لتجميع البذور اللازمة له لزراعتها في الأعوام القادمة، حيث يقوم بتعقيمها وتنظيفها وتخزينها لحين قدوم وقت زراعتها في الموسم الذي يليه.
يطالب العبوش كغيره من أصحاب المشاريع الصغيرة الجهات المسؤولة بتأمين مواد وأدوات لتحسين وتطوير هذه المشاريع التي تساعد في تحسين وضعهم المعيشي، وتحقق اكتفاءً ذاتياً للسوق المحلية من الخضراوات بموسميها الصيفي والشتوي.