مشروع محلي يوثق انتهاكات السكن والأراضي والملكية في مناطق سيطرة تركيا بسوريا
أفين يوسف – القامشلي
تتعاون مجموعة من الروابط والمنظمات في شمال وشرقي سوريا على إقامة مشاريع مشتركة لجمع البيانات وتوثيق الانتهاكات وإيصالها للجهات الدولية المعنية في إطار تعزيز جهود توثيق انتهاكات حقوق الإنسان.
ومنذ عام 2022 تعمل منظمة “بيل الأمواج المدنية” المحلية على مشروع “كاني” لتوثيق انتهاكات حقوق السكن والأراضي والملكية، على جمع شهادات من المهجرين قسراً من مناطق عفرين وسري كانيه (رأس العين) وتل أبيض، والمتواجدين في الحسكة والقامشلي والرقة، إضافة إلى المهجرين القاطنين في مخيمات واشو كاني وسري كانيه وتل السمن.
جهود
ويعرب ريدي مشو مدير مشروع “كاني” لتوثيق الانتهاكات، على هامش منتدى للضحايا عُقد أمس الخميس في مدينة القامشلي، عن تفاؤله بالجهود المبذولة من قبل المنظمات.
ويقول لنورث برس، إنه “على الرغم من قلة الروابط والمنظمات العاملة في مجال توثيق الانتهاكات، وخصوصاً في المناطق المحتلة عفرين وسري كانيه وتل أبيض، إلا أنها في السنوات الثلاثة الأخيرة بذلت جهوداً ملفتة”.
ويشير إلى أن المنظمات العاملة في المنطقة استطاعت إيصال تقارير الانتهاكات إلى جهات دولية والمشاركة في المؤتمرات الدولية الكبرى الخاصة بالشأن السوري.
ويتأسف مشو بأن الجهود المبذولة “رغم ضخامتها” إلا أنها “لا تنسجم مع حجم الانتهاكات التي تحصل في تلك المناطق”، معتبراً مسألة جدوى هذه الجهود وتدخل الجهات الدولية “مرتبطاً بأجندات سياسية”.
وفي وقت سابق، أعدّت مجموعة من المنظمات العاملة في شمال وشرقي سوريا تقريرين مشتركين حول أنماط الانتهاكات في منطقة عفرين والتمييز في توزيع المساعدات في منطقة عفرين بعد الزلزال.
222 شهادة
تقول سوسن رشيد الباحثة ضمن مشروع “كاني”،لنورث برس، إن عدد الشهادات التي تم جمعها وتوثيقها وصلت إلى 222 شهادة مباشرة وفيزيائية من الضحايا في عفرين وسري كانيه وتل أبيض.
بالإضافة إلى أنه “تم إعداد 56 قصة سردية عن الضحايا تتضمن معاناتهم واحتياجاتهم بعد عملية النزوح وتحكي عن ذكرياتهم وممتلكاتهم التي تم الاستيلاء عليها”.
واستهدف مشروع “كاني” خلال فترة تنفيذه السابقة 460 شخصاً من خلال الأنشطة والمنتديات الحوارية، وقام المشروع باستهداف 25 شاب وشابة من المهجرين من تلك المناطق، وتدريبهم على أساسيات التوثيق وآلياتها، بالإضافة إلى تدريبهم على مهارات التوثيق القصصي، لتوثيق قصص النازحين بطريقة إبداعية.
وصدر خلال المشروع أربعة تقارير بحثية حقوقية، تتضمن تقرير حول نمط الانتهاكات في منطقة عفرين بعد عام 2018، وتقرير عن نمط الانتهاكات في تل أبيض وسرى كانيه بعد عام 2019.
وتقرير شامل للمنطقيتين، إضافة إلى تقرير عن استجابة الهياكل المحلية تحديداً في منطقة جنديرس “حي الصناعة” بعد زلزال 6 فبراير 2023، مبنياً على 18 شهادة تم توثيقها عبر التواصل عن بعد.
وتشير رشيد إلى أن الإحصاءات التي تم توثيقها اعتمدت على الشهادات المباشرة لمهجري تلك المناطق.
معاناة وآمال
ومنذ الاجتياح التركي على مناطق عفرين عام 2018، وسري كانيه وتل أبيض عام 2019، يعيش سكانها المهجّرون معاناة كبيرة وخصوصاً القاطنين منهم في المخيمات.
تقول المهجّرة قسراً من مدينة سري كانيه أناهيتا سينو، لنورث برس: “خرجنا من سري كانيه بثيابنا وتركنا بيوتنا وممتلكاتنا وأراضينا خلفنا، نحن نعيش على الأمل ولكن عاماً بعد عام نشعر بأننا نعيش في الأحلام”.
وتعتقد سينو أن كل الجهات ابتداءً من الإعلام وانتهاءً بالمنظمات الإنسانية والحقوقية التي تعمل على توثيق الانتهاكات “يهملون سري كانيه ولا يعطونها الأهمية الحقة”.
وتتساءل عضو لجنة مهجري سري كانيه أناهيتا سينو، “لماذا يتم غض النظر عن الانتهاكات في مدينتي، وحتى في المحافل الدولية؟”.
من جانبها تدعو خناف عثمان، مهجرة من بلدة راجو بعفرين المنظمات المعنية بحقوق الإنسان في شمال وشرقي سوريا وفي الخارج إلى توحيد الجهود للحد من الانتهاكات التي تحصل بحق سكان المناطق المحتلة عبر توثيق كافة الانتهاكات.
وتطالب بـ”إيجاد آليات لضمان عودة آمنة للمهجرين قسراً إلى مناطقهم واستعادة ممتلكاتهم وإنهاء الاحتلال”.
وتعتقد خناف أن “هناك عدداً من المستوطنين في عفرين قد هُجّروا من مناطقهم قسراً ويرغبون مثلنا بالعودة إلى مناطقهم”.
وتشير إلى الظروف الصعبة التي يعيشها مهجّروا عفرين المتواجدين في مناطق الشهباء، وتعرضهم المستمر للاستهداف التركي.
عملٌ شاق
يعتبر رضان سيدو الناشط الحقوقي مسألة الوصول إلى الضحايا في عفرين وسرى كانيه وتل أبيض “عملاً شاقاً”.
ويؤكد الحقوقي على عدم إمكانية الوصول للضحايا بوجود “السلطات” التي تسيطر على تلك المناطق.
ويشير إلى أن محاولة الوصول لأخذ الشهادات “سيعرّض الضحايا والشهود وأيضاً النشطاء الحقوقيين للخطر”.
ويقول سيدو لنورث برس، إنه “من الهام جداً عمل النشطاء والمنظمات على توثيق الانتهاكات في مناطق سرى كانيه وعفرين وتل أبيض وإيصالها للجهات الدولية لتحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة الجناة وتعويض الضحايا”.