نالين علي – القامشلي
في أحد مخيمات النزوح المترامية في الشمال السوري، تروي “أمينة” (اسم مستعار) قصة زوجها المفقود منذ عام 2014، ابان سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على قريتهم في مبروكة بريف سري كانيه/ راس العين.
“كنا جميعاً في القرية عندما وصلت أخبار دخول سيارة مفخخة إليها، سارع الجميع بالخروج إلا زوجي وابن عمه، ليركبوا بعدها دراجتهم النارية ويتجهوا صوب رأس العين”، تقول أمينة.
وتضيف في حديثها لنورث برس، “سمعنا إطلاق النار عليهم، كانت القرية محاصرة بسبب السيارة المفخخة، وأصيب ابن عم زوجي برصاصة، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن، لم نسمع أي أخبار عن زوجي”.
وباءت جميع محاولات المرأة بالبحث عن زوجها في سجون تنظيم داعش بالفشل، ليدرج ضمن قائمة المفقودين السوريين.
وبحسب تقديرات مختلفة للأمم المتحدة، فإن عدد المفقودين في سوريا منذ عام 2011 يبلغ حوالي 100 ألف شخص، لكن هناك مفقودين قبل هذا التاريخ، ويُعتقد أن الأرقام الفعلية أعلى من ذلك.
المفقودين في شمال شرق سوريا
وفي شمال شرقي سوريا، تواجه اللجنة المختصة بالمفقودين تحديات كبيرة، بما فيها انعدام توافر المخابر لتحليل الحمض النووي والكوادر المتخصصة.
وشكلت الإدارة الذاتية العام الماضي، “اللجنة المعنية بالمفقودين في شمال وشرق سوريا”، وذلك استجابة لدعوة من الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبنت قراراً لإنشاء مؤسسة للكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسريا في سوريا.
يقول خالد عمر الناطق باسم اللجنة المعنية بالمفقودين إنهم يعملون على تجاوز التحديات من خلال الشراكات مع مؤسسات دولية متخصصة في هذا المجال، “نأمل في أن نتمكن قريباً من توفير مخابر تحليل DNA في مناطق شمال شرق سوريا”.
ومنذ نحو 6 أشهر على تأسيسها، تعمل اللجنة على جمع البيانات المفقودين، وتدريب الكوادر المتخصصة على آخذ العينات وإجراء تحاليل الحمض النووي.
ويشير “حسب المعطيات المتوفرة لدينا، نتحضر للقاء بأمراء وقادة من داعش المتواجدين في سجون قوات سوريا الديمقراطية للكشف عن مصير المفقودين”.
“صعبة ومعقدة”
تقول هلز عبدالعزيز المديرة التنفيذية لمنظمة إنسايت الحقوقية لنورث برس، إن اتساع رقعة المناطق التي سيطرت عليها “داعش” سابقاً تعد من الصعوبات التي تواجه المؤسسات المعنية بالكشف عن مصير المفقودين.
وتشير إلى أن التنظيم كان ينقل المعتقلين بين سجونه بشكل مستمر بين سوريا والعراق، “وهذا يصعب توجيه عملية البحث”.
وتضيف عبد العزيز ” كانوا يتعمدون دفن المعتقلين والأشخاص الذين كانوا يقتلوهم في مقابر جماعية أو يتسببون في تشويه الجثة مما يجعل التحقق من هويات الضحايا أمر معقد للغاية”.
أما عزالدين صالح وهو المدير التنفيذي لرابطة تآزر للضحايا، يرى أن معالجة قضايا المفقودين والمخطوفين “يحتاج وقت وجهد كبير” نظراً لطول عمر النزاع في سوريا المستمر منذ 13 عاماً.
وقال لنورث برس “جميع أطراف النزاع انخرطت في ارتكاب الاعتقال التعسفي والاخفاء القسري وهذه الجهات لا تتعاون مع المؤسسات والهيئات والمنظمات التي تحاول معالجة هذه القضية”.
ويشير إلى أن إنشاء مؤسسة مستقلة للكشف عن المفقودين ودور روابط الضحايا ومؤسسات المجتمع المدني والأسر وسعيهم المستمر للكشف عن مصير المفقودين في سوريا, يعطينا امل للحصول على اجابات حول مصير هؤلاء الاشخاص خلال الفترات القادمة.